حدد تقرير صادر عن مؤشر الجوع العالمى 12 توصية وطالب حكومات العالم بضرورة
أخذها فى الاعتبار لتحسين الأحوال المعيشية لمواطنيها، ورفع معدلات النمو ومواجهة
الظواهر والكوارث الطبيعية، وحسب الدكتور أحمد سليمان المدرس بمعهد التخطيط والذى
عرض مؤشر الجوع العالمى 2020، والذى يصدر سنويًا منذ عام 2006 عن المعهد الدولى
لأبحاث سياسات الغذاء (IFPRI)
بالاشتراك مع مؤسستى Welthungerhilfe
الألمانية وConcern Worldwide الأيرلندية فإن التوصيات كان فى مقدمتها ضرورة تعاون الحكومات مع
الجهات المانحة والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية من أجل تحسين وصول أصحاب
الحيازات الصغيرة إلى المدخلات الزراعية وخدمات الإرشاد، وربط المعرفة الزراعية
المحلية بالتكنولوجيات الجديدة.
سليمان أكد خلال الجلسة النقاشية التى عقدت بمعهد التخطيط حول المؤشر
أن التقرير أوصى أيضا بضرورة ألا يتم تسعير الغذاء فقط من خلال وزنه أو حجمه، بل
يجب أيضًا تحديد سعره من حيث كثافة العناصر الغذائية، وخلوه من التلوث، ومساهمته
فى خدمات النظام البيئى والعدالة الاجتماعية.
التوصية الثالثة كانت قيام الدول بتعزيز وتطوير وتنفيذ خطط الاقتصادات
الغذائية الدائرية - أى الاقتصادات التى تعيد تدوير الموارد والمواد، وتجدد النظم
الطبيعية، والقضاء على النفايات والتلوث. مع تحميل الحكومات للجهات الفاعلة فى
النظام الغذائى المسؤولية القانونية عن احترام حقوق الإنسان وحماية البيئة.
إلى جانب أهمية اعتماد تخطيط متكامل لاستخدام الأراضى وضمان أمن
حيازتها، وخاصة بالنسبة للمجموعات المهمشة، بما يتماشى مع مبادئ الحوكمة المسؤولة
لحيازة الأراضى ومصايد الأسماك والغابات فى سياق الأمن الغذائى الوطنى.
التقرير أوصى أيضاً بتعزيز وتحفيز الإدارة المحلية التشاركية للنظم
الغذائية من خلال مشاركة المجموعات المهمشة، بما فى ذلك المزارعون، ومجموعات
السكان الأصليين، والشباب، والنساء.
مشددا على ضرورة بناء وتطوير أنظمة الحماية الاجتماعية، بما فى ذلك
التغطية الصحية الشاملة والضمان الاجتماعي، وتوفيرها لكافة المحتاجين.
بالإضافة إلى أهمية توسيع نطاق الوصول إلى الرعاية الصحية للأم والطفل،
وكذلك رفع الوعى حول النظم الغذائية الصحية والممارسات الصحية لتغذية الطفل.
وشدد التقرير كذلك على ضرورة أن تنفذ الحكومات خططًا شاملة لضمان
الوصول إلى أنظمة المياه والصرف الصحى الآمنة، والتى تعتبر بالغة الأهمية لصحة
الناس.
وطالب الحكومات أيضاً بالتعامل مع إنتاج وإمداد الغذاء على أنهما من
الخدمات الأساسية وأن تضمن بيئات عمل آمنة فى تلك القطاعات، كما أشار التقرير إلى
ضرورة دعم سلاسل الإمدادات الغذائية المحلية، كما أكد على ضرورة استمرار الجهات
المانحة فى فك قيود المعونات الغذائية التى تشترط حصول السلطات المتلقية على سلع
وخدمات البلدان المانحة، كما يجب على الجهات التى تقوم بتقديم مساعدات إنمائية
تقديم المساعدة فى شكل مساعدات نقدية.
التقرير طالب الحكومات أيضاً بإنتاج بيانات وإحصاءات دقيقة وفى الوقت
المناسب وشاملة ومفصلة حسب الدخل ومحل الإقامة والنوع، لتساعد فى متابعة حالة
الأمن الغذائى، مؤكدا على أهمية الحد من التفاوتات التجارية بين الدول، مثل
الحواجز التجارية غير الجمركية فى البلدان ذات الدخل المرتفع، ويجب أن تتوافق
السياسات التجارية للحكومات مع أهداف التنمية وأن تخلق حوافز سوقية لاقتصادات
الغذاء المستدامة.
مع ضرورة تعزيز الآليات متعددة الأطراف القائمة على حقوق الإنسان والمعايير
الدولية، مثل لجنة الأمن الغذائى العالمى Committee on World Food Security، لدعم صنع السياسات
الشاملة والنظم الغذائية المستدامة.
أهمية المؤشر، كما أكد سليمان، تتمثل فى أنه أداة لقياس ورصد حالة نقص
الغذاء والتقدم الذى تحقق فى محاربة الجوع على المستوى العالمى والإقليمى ومستوى
الدول، كما يسعى إلى رفع الوعى بأهمية مكافحة نقص الغذاء، ومقارنة مستوى الجوع بين
الدول والمناطق، وجذب الانتباه نحو المناطق الأكثر معاناة من نقص الغذاء.
وأشار سليمان إلى أن المؤشر ينقسم إلى أربعة مؤشرات فرعية، الأول هى
نقص الغذاء والذى يرصد نسبة السكان الذين لا يحصلون على المقدار الكافى من السعرات
الحرارية.
والثانى هو قياس هزال الأطفال والذى يتمثل فى نسبة الأطفال أقل من خمس
سنوات والذين يعانون من الهزال «عدم ملاءمة أوزانهم مع أطوالهم».
الثالث هو تقزم الأطفال، والذى يحدد نسبة الأطفال أقل من خمس سنوات
والذين يعانون من التقزم (عدم ملاءمة أطوالهم مع أعمارهم(.
الرابع هو وفيات الأطفال من خلال رصد معدل وفيات الأطفال أقل من خمس
سنوات. وكشف سليمان أن قيمة المؤشر تتراوح بين الصفر و100، وبناء على تلك القيمة
يتم تقسيم الدول إلى خمس مجموعات وفقا لدرجة خطورة مشكلة الجوع.
المؤشر يغطى كافة دول العالم، ولكنه يقتصر على الدول التى تتوفر لها
بيانات مكتملة عن المؤشرات الفرعية الأربعة المكونة لمؤشر الجوع العالمى.
وحسب سليمان فمؤشر 2020 تم حسابه لنحو 107 دول فقط، وجاءت مصر فى
الترتيب 54 عالميًا، بقيمة كلية للمؤشر 11.9 نقطة، لتقع ضمن المجموعة الثانية ذات
المستوى المعتدل، بينما على المستوى الإقليمى جاءت مصر فى المرتبة الثامنة عربيًا،
أما على المستوى الإفريقى غير العربى فقد جاءت فى الترتيب الثانى بعد موريشيوس.
سليمان كشف أيضاً أن التقرير تضمن عددًا من الرسائل فيما يخص حالة
الجوع ونقص الغذاء على مستوى العالم، وكان من أبرزها أنه ما زال هناك عدد كبير من
الأفراد يعانون من الجوع ونقص التغذية على مستوى العالم، كما أن نحو690 مليونا لا
يحصلون على الكمية الملائمة من السعرات الحرارية، إضافة إلى وجود نحو 144مليون طفل
يعانون من التقزم، و47 مليون طفل يعانون من الهزال، و5.3 مليون طفل (فى عام 2018)
توفوا قبل بلوغهم سن الخامسة.
وأضاف التقرير أن المسار الحالى لا يبشر بقدرة العالم على تحقيق الهدف
الثانى من أهداف التنمية المستدامة والذى ينص على القضاء تماما على الجوع بحلول
عام 2030، موضحا أنه بهذا المستوى من التقدم، فإن هناك 37 دولة تقريبا ستفشل حتى
فى الوصول بمستوى مؤشر الجوع العالمى إلى المستوى المنخفض. هذا دون حتى الأخذ فى
الاعتبار أثر جائحة كورونا على الأمن الغذائى للدول.
وأوضح أيضا أنه على الرغم من أن أثر جائحة كوفيد 19، لا يظهر فى بيانات
مؤشر الجوع لعام 2020، إلا أن التقرير أكد على أن الجائحة سيكون لها تأثير ملحوظ
على الأمن الغذائى للعديد من الدول والتى تعانى من مستويات خطيرة ومقلقة وفقا
لمؤشر الجوع العالمي. ويتمثل الأثر المباشر لجائحة كورونا على الأمن الغذائى فى
التأثير على سلاسل الإمداد، وكذلك الأثر على دخل الأفراد، كما يعد غلق المدارس فى
العديد من الدول قد حرم العديد من الأطفال من الحصول على الوجبات الغذائية
المدرسية التى كانوا يحصلون عليها.