الثلاثاء 7 مايو 2024

بعد فرنسا والنمسا.. موجة إرهاب جديدة تهدد أوربا

11-11-2020 | 22:27

هجمات متعددة فى فرنسا تبعها الهجوم المسلح فى النمسا الذى راح ضحيته 3 أشخاص وحوالى 12 مصابا ليعيد إلى الأذهان أحلك أيام موجة الإرهاب التى هزت أوربا بين عامى 2012 و2017 أثارت هذه الهجمات العديد من التساؤلات بسبب تشابهها مع أسلوب الهجمات الإرهابية على يد تنظيم داعش وكان التساؤل الأكبر هل تعييد هجمات فرنسا والنمسا تنظيم داعش مرة أخرى على الساحة الدولية؟!.

أشارت التحقيقات إلى أن أحد المسلحين الذى قتل بالرصاص فى هجوم النمسا كان يبلغ من العمر 20 عامًا، ولد ونشأ فى النمسا، وأُطلق سراحه مؤخرًا بعد أن قضى جزءًا من عقوبة بالسجن لمدة 22 شهرًا لمحاولته السفر إلى سوريا للقتال فى صفوف داعش.. حيث احتلت النمسا المرتبة الثانية بعد بلجيكا كمصدر لما يسمى بـ»المقاتلين الأجانب» فى العراق وسوريا.. قبل الهجوم، نشر المهاجم صورًا على وسائل التواصل الاجتماعى من ضمنهم صورة سيلفى مع بندقية هجومية من طراز AK-47 ومنجل وكتب تحتها قسم الولاء لأبو إبراهيم الهاشمى القريشى، خليفة أبى بكر البغدادى وزعيم داعش الحالي.. كما أعلنت داعش مسؤوليتها عن الهجوم، لكن المحققين يعملون لتحديد ما إذا كانت الجماعة قد قامت بالتخطيط للهجوم أو فقط ألهمت مرتكبى الحادث.. كما أشار مسؤول بوزارة الداخلية النمساوية إلى أن جميع الأشخاص الـ15 الذين اعتقلوا بعد الهجوم المسلح «ينتمون لأوساط إسلامية متطرفة».. وكان أحد التساؤلات المهمة هو كيف حصل مهاجم النمسا على الأسلحة التى استخدمها فى الهجوم وتشير التحقيقات أن منفذى الهجوم ربما حصلوا على الأسلحة من دول البلقان، التى تعتبرها أوربا أرضا خصبة للإرهاب.

تشير الإحصائيات إلى انخفاض عدد الوفيات فى أوربا الناجمة عن جميع أشكال الإرهاب العام الماضى بنسبة 70 فى المائة، وسجلت أوربا أقل عدد من الحوادث منذ عام 2012 ووفقًا لتقارير اليوروبول الأخيرة، كان هناك 21 مخططًا جهاديًا فى الاتحاد الأوربى فى عام 2019 مقارنة بـ 24 و33. فى العامين الماضيين.. من أصل 21 فشل أربعة، وتم إحباط 14 وتم تنفيذ ثلاثة.

ولكن على الرغم من الانخفاض الكبير فى عدد الهجمات الإرهابية على يد تنظيم داعش فى أوربا إلا أن هذا لا يعنى اختفاءها بشكل كامل، فهناك الكثير من الأدلة على استمرار محاولات التنظيم الإرهابى، وإن كانت متقطعة، لجلب إرهابيين إلى أوربا. وكانت هناك سلسلة من الاعتقالات فى إسبانيا وبولندا لأفراد ومجموعات يشتبه فى قيامهم بالتخطيط لعمليات إرهابية وتجنيد لشباب لصالح التنظيم الإرهابي.. وفى أبريل، اعتقلت الشرطة الألمانية خمسة مواطنين من طاجيكستان للاشتباه فى أنهم أعضاء فى خلية داعشية كانت تخطط لشن هجمات على القوات الأمريكية المتمركزة فى ألمانيا.. وأشار جيل دى كيرشوف، منسق مكافحة الإرهاب فى الاتحاد الأوربى، فى وقت سابق من هذا العام، «هذا يعنى فى المقام الأول أننا أصبحنا أفضل فى اكتشاف وتفكيك المؤامرات الإرهابية».

وعلى ما يبدو أن التنظيم الإرهابى يحاول أن يعيد مكانته مرة أخرى واستغلال أى فرصة ممكنة لتنفيذ هجمات جديدة، حيث طلبت داعش من أنصارها استغلال الفوضى التى أحدثها فيروس كورونا فى دول أوربا وشن هجمات جديدة.

وقام التنظيم الإرهابى بإغراق وسائل التواصل الاجتماعى بدعوات إلى العنف منذ مقتل المدرس الفرنسى الشهر السابق. وعلى الرغم من عدم إعلان داعش عن صلتها بهجوم نيس فى فرنسا إلا أن التحقيقات تشير إلى أن الشاب التونسى الذى قتل ثلاثة مصلين فى كنيسة فى نيس قد وصل إلى أوربا قبل شهر واحد فقط.. وهذا يثير احتمال أن يكون قد شرع فى تنفيذ الهجوم قبل الوصول إلى أوربا، أو أنه تلقى تعليمات بالقيام بذلك.

وفى تقرير نشره مراقبون متخصصون فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حذر من احتمال حدوث موجة جديدة من الهجمات الإرهابية قبل نهاية العام.. فهناك ما يصل إلى 30 ألف أجنبى سافروا إلى «داعش» للقتال وربما لا يزالون على قيد الحياة.. ويقول التقرير: «إنهم مصدر قلق لأوربا».. «قد ينضم البعض إلى القاعدة أو غيرها من الجماعات الإرهابية التى قد تظهر.. وسيصبح البعض قادة أو متطرفين».. واستند التقرير إلى المعلومات التى قدمتها وكالات الاستخبارات للدول الأعضاء فى الأمم المتحدة.

وأشار المراقبون إلى أنه على الرغم من أن الخلافة الجغرافية لدولة داعش لم تعد موجودة، إلا أن الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوربى تتفق على أن العديد من العوامل الأساسية التى أدت إلى ظهور داعش لا تزال موجودة، مما يشير إلى أن التهديد من تنظيم القاعدة أو الجماعات المماثلة من غير المرجح أن ينخفض بالرغم من حدوث عدد أقل من الهجمات الناجحة منذ 2015 و2016 فإن التهديد الذى يواجه أوربا «لا يزال مرتفعًا».

أحد شواغل أوربا الرئيسية هو التطرف فى السجون، حيث أظهرت دراسة أجراها المركز الدولى لدراسة التطرف التابع لكينجز كولدج فى لندن والتى شملت 10 دول أوربية أنه لم يسبق أن وجد فى سجون القارة عدد بهذا الارتفاع من السجناء على خلفية قضايا إرهاب. وأوضحت الدراسة أن المساجين متنوعون، ويشملون كثيرا من النساء وعددا متزايدا من نشطاء اليمين المتطرف، وهناك تحد آخر يتمثل فى الإفراج الوشيك عن بعض المتورطين فى الموجة الثالثة من الذين سُجنوا بعد عودتهم من داعش.

حيث إن برامج التخلص من التطرف لم تثبت فعاليتها الكاملة، كما هو الأمر مع مهاجم النمسا الذى خرج من السجن قبل خمسة أيام من الهجوم الإرهابي.

يقسم الإرهاب فى أوربا إلى أربع موجات الأولى تتمثل فى الهجمات الإرهابية التى نسبت لمجندين من أصول عربية تشربوا أفكارهم من الجماعات، والموجة الثانية مثلها تنظيم القاعدة، والموجة الثالثة مثلها تنظيم «داعش»، الذى توجه لاستقطاب مجندين من داخل أوربا. أما الموجة الرابعة، والتى مثلتها هجمات باريس وبروكسل وبرشلونة التى تورط فيها مواطنون أوربيون ولدوا فى أوربا ويحملون جنسيات أوربية. وسط كل هذا ينبغى التأكيد على الفارق بين الإسلام كدين يدعوا للتسامح والإرهاب الذى تمارسه جماعات خرجت جميعها من عباءة الإخوان، وهو ما أكدت عليه كل المؤسسات الإسلامية المعتدلة.