وصف خبراء بالعلاقات الدولية زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي اليونان، بأنها مثلت نقلة نوعية في مستوى العلاقات بين البلدين، حيث تدشن لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية والتعاون وتنسيق الرؤى والمواقف في ظل التهديدات التي يشهدها إقليم شرق المتوسط، موضحين أن مصر تقف بجانب اليونان لمواجهة أية تهديدات تمس باستقرارها.
وعاد الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى أرض الوطن، اليوم، بعد زيارته الرسمية لليونان، التي استغرقت ثلاثة أيام، التقى خلالها عدد من المسئولين الرسميين باليونان، على رأسهم رئيسة الجمهورية، ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان.
كما التقى الرئيس السيسي اليوم، وزير الطاقة والبيئة اليونان، مؤكدا الأهمية التي توليها مصر لتعزيز علاقات التعاون مع اليونان في مجالات الطاقة التقليدية والجديدة والمتجددة، خاصة بعد تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط بالتوقيع علي ميثاقه من قبل دوله الأعضاء، والذي سيمثل محفلاً إقليمياً هاماً في هذا الاطار، بالإضافة إلى الاتفاقية الثنائية التي تم ابرامها مؤخراً لترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان والتي ستتيح تعظيم الاستفادة من مخزون الغاز الطبيعي والثروات الهيدروكربونية بالمناطق الاقتصادية لكل الطرفين بالبحر المتوسط.
كما أكد الرئيس السيسي أمس أن لقائه برئيسة اليونان، تناول عدداً من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب وتحقيق التعايش بين الأديان ودعم الحلول السلمية للأزمات القائمة بالمنطقة.
وتم تبادل وجهات الرؤى فيما يخص مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، حيث استعرض السيد الرئيس جهود مصر في هذا الإطار خلال السنوات الماضية، وقد تم التوافق علي تكثيف تبادل الخبرات والمعلومات بين الجانبين لمواجهة التحديات التي تفرضها هذه الظاهرة العابرة للحدود.
مرحلة جديدة
ومن جانبه، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى اليونان، تحمل أهمية كبرى في ظل التطورات الجارية في إقليم شرق المتوسط، في ظل ما تقوم به تركيا من ممارسات غير مشروعة، مؤكدا أن الزيارة تدشن مرحلة جديدة للعلاقات المصرية اليونانية على مستويين، الأول هو تحول منتدى غاز شرق المتوسط إلى منظمة إقليمية.
وأضاف في تصريحات لـ"الهلال اليوم"، أن هذا يتطلب المزيد من التواصل مع اليونان وخاصة بعد ترسيم الحدود المصرية اليونانية، وأن المستوى الثاني هو تطوير مؤسسات التعاون المشترك مع اليونان، فهناك تعاون على المستوى العسكري عبر مناورات مشتركة بين مصر واليونان وكذلك قبرص، فضلا عن مناورات مصرية مع روسيا وفرنسا في المتوسط مما يبعث برسائل ردع للجانب التركي في ظل التطورات في شرق المتوسط.
وأكد أن إقليم شرق المتوسط يعاني من عدم استقرار لكن هناك اتفاقيات مشتركة لتدشين خطوط غاز بين دول منتدى غاز شرق المتوسط، ومصر هي المركز الإقليمي لذلك، حيث أنها تملك البنية التحتية لتسييل الغاز في محطات تسييل إدكو ودمياط، مضيفا أن الزيارة تعكس كل ما تشهده العلاقات المصرية مع دول شرق المتوسط من تطورات وبناء منظومة جديدة للعلاقات.
وأشار إلى أن تكريم رئيسة اليونان للرئيس السيسي بتلقيده أعلى وسام في بلادها تعكس الاهتمام والحفاوة اليونانية بمصر، فهناك احتفاء وتكريم للرئيس السيسي والذي يعد أيضا تكريما لمصر، مضيفا أن مصر لديها إمكانيات وقدرات كدولة إقليمية كبيرة، وتتعاون مع اليونان لمواجهة أية تهديدات وممارسات غير مشروعة من الجانب التركي في منطقة شرق المتوسط.
نقلة نوعية في مستوى العلاقات
ومن جانبه، أوضح السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لليونان، هي خطوة لارتقاء العلاقات المصرية- اليونانية إلى مستوى جديد، يعبر عن التقارب بين المصالح المشتركة بين الدولتين وإصرارهما على وضع محددات جديدة للعلاقات تشمل قضايا وأوجه مختلفة للتعاون في كافة المجالات.
وأوضح العرابي، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن مصر واليونان بدأتا مرحلة جديدة للتعاون خلال الآونة الأخيرة وخاصة بعد ترسيم الحدود البحرية، وزيادة التنسيق السياسي، مؤكدا أن مصر تقف بجانب اليونان لمواجهة أية تهديدات تمس باستقرارها، حيث تمثل الزيارة نقلة نوعية في مستوى العلاقات بين البلدين.
وأشار إلى أن لقاءات الرئيس السيسي خلال الزيارة ومباحثاته مع قادة أثينا تمثل حجر أساس في علاقة مصر بدولة أوروبية هامة، وهو أمر مطلوب في الفترة الحالية واستكمال للدائرة التي بدأتها مصر خلال الفترة الماضية بتعاون مع قبرص واليونان، مؤكدا أن هذا التعاون الثلاثي كان خطوة استراتيجية هامة لمصر، نتج عنها تعزيز التنسيق والمواقف بشأن مواجهة كافة التهديدات التركية في منطقة شرق المتوسط.
وأكد مصر أصبحت الآن في موقع متقدم بالنسبة للاهتمامات الأوروبية، نتيجة عمل دؤوب قامت به الدولة المصرية خلال الفترة الماضية مما يمهد العلاقات ثنائية أكثر قوة بدول كبرى في الفترة المقبلة، مضيفا أن الزيارة شملت جوانب متعددة من أوجه التعاون الثنائي على مستوى الغاز والطاقة وكذلك التعاون البرلماني والسياسي، حيث وصف الرئيس السيسي برلمان اليونان بأنه كان صوت مصر في برلمانات أوروبا.