تحقيق: إيمان العمرى - إبتسام أشرف - هدى إسماعيل

عبيرها الآخاذ نذهب معه بعيداً عن الزمان والمكان فى دنيا الأحلام .. وجمال شكلها يشعرنا بالراحة والهدوء.. أوراقها الناعمة حين نلمسها ترتسم الابتسامة على شفاهنا.. إنها الورود.. التى نشبّه كل جميل بها وبالتالى ليس غريبا أن يقع الجميع فى عشقها، وإن اختلفت أسباب كل شخص، لكن يبقى الحب هو الشعور الذى يربطنا بالزهور .. وما أن يأتى فصل الربيع حتى تتربع الورود على عرش القلوب. فتعالوا معنا أيها القراء الأعزاء نتعرف على قصص الورد وحكايات عشقه المختلفة ؟

للورود مكانتها الخاصة منذ فجر التاريخ، فوجود زهرة اللوتس على جدران المعابد واستحضارها فى تصميم الجزء العلوى من أعمدة معبد الكرنك خير دليل على مكانة الورود لدى قدماء المصريين وتقديسهم لها، كما كان للورود نصيب من الحروب فقد كان التاريخ شاهدا على حرب الوردتين -1455« »1485 التى نشبت بين أنصار عائلتى لانكستر ويورك لتولى عرش إنجلترا حيث اتخذ كل فريق من الورود شعارا له، فكانت الوردة البيضاء من نصيب يورك والحمراء لعائلة لانكستر، وكان الشاعر الإنجليزى الكبير ويليام شكسبير هو من أطلق على ذلك الصراع حرب الوردتين فى إحدى مسرحياته.

ولم يكن شكسبير الأديب الوحيد الذى تناولت أعماله الورود فهناك الكثير من الأدباء والفنانين الذين جعلوا من الزهور والأشجار محورا أساسيا لأعمالهم، فمنذ صغرنا ونحن نستمع لقصة الجميلة والوحش، ذلك الشخص الذى حولته الساحرة إلى وحش وارتبط مصيره بوردة مسحورة، كما جعل الكاتب الإنجليزى أوسكار وايلد الزهور محور قصته «شبح كانثرفيل .» وعلى صعيد الفن فقد تغنى العديد من الشعراء والمطربين بجمال الورد، كما كانت عنواناً للعديد من الأفلام أشهرها فيلم «ورد الغرام » لمحمد فوزى وليلى مراد.

دراسة

أظهرت دراسة قام بها مجموعة باحثين من جامعة كنساس الأمريكية حول فوائد الزهور للمرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية أن العيش وسط الزهور يؤدى إلى تخفيف الألم وخفض ضغط الدم وانتظام معدل ضربات القلب.

سحر الورد

تتمتع الزهور بسحر خاص يعرفه محبوها جيدا وعن ذلك الشعور تقول شيماء فرج، طالبة بالفرقة الرابعة بكلية الطب: تبعث الورود فى النفس الفرح والسرور، كما أن رائحة بعضها كالفل والريحان لها أثر إيجابى على الحالة النفسية للفرد. وتتفق بدرية الحسيني، طالبة بكلية الهندسة مع ما سبق فتؤكد أن للزهور مفعولا سحريا على الحالة النفسية للإنسان، مشيرة إلى أنها تشعر بالهدوء والراحة عند مشاهدتها للزهور واستنشاق عبيرها.

وتشاركها الرأى زميلتها دينا مصطفى قائلة: «أعشق الورود وأراها أجمل شيء فى الدنيا، لكن للأسف عمرها قصير، وهى بذلك تعلمنا فلسفة الحياة بأن أى شيء جميل ينتهى سريعا، وتستطرد: «كنت أتمنى أن أقتنى الورود فى منزلى لكن للأسف ليس لدينا شرفة لأضع الزهور والنباتات فيها .»

وتقول تهاني، موظفة والتى تملأ شرفتها بأنواع مختلفة من الزهور: «الورود مرتبطة بالجمال وهناك حكايات كثيرة عنها أحب أن أرددها لأولادى ففى ما مضى كانت شوارعنا تمتلئ بالزهور لكننا حرمنا الآن من تلك المناظر الجميلة بسبب ازدحام الشوارع وانشغال الناس بالسعى وراء لقمة العيش .»

متنزه للعائلة

أما سهى الهنيدى - 80 سنة - موظفة سابقة بهيئة الأمم المتحدة فتقول: «بينى وبين الورود غرام وعشق من نوع مختلف، فأنا أحرص على زيارة معرض الزهور فى مصر كل عام، وأغلب البائعين يعتبروننى زبونة دائمة لديهم، كما زرت معارض الزهور فى العديد من دول العالملاالمختلفة، وأملأ شرفة منزلى بالورود المختلفة فالوردة الفرنسية تجاور الهولندية، وطبعا معهما ورودنا البلدى الجميلة، أما زهرتى المفضلة فهى وردة الجاردينيا .»

وتحرص الجدة ميرفت دورس على اصطحاب حفيدها الصغير للتنزه وسط الخضرة، فهى من عشاق الورود، وتؤكد أن وجود النباتات فى المنزل يبعث الراحة والبهجة فى نفوس أفراد المنزل، كما اصطحبت فرح الألفى - 13 سنة - أسرتها معها لمعرض الزهور واشترت عدة ورود ونباتات ووزعتها فى أماكن مختلفة من الشقة، مؤكدة أن أسرتها استمتعت بالطبيعة وجمال النباتات.

مهنة

لا تقتصر فائدة الورود على التعبير عن المشاعر أو رفع الحالة المعنوية للأفراد بل أصبحت وسيلة لكسب الرزق للكثير أمير منير، مهندس زراعى يعمل فى مجال النباتات ويعتبرها مصدرا لتوفير متطلبات أسرته يقول: أستورد البذور من عدة دول مختلفة وهى فى الغالب نباتات الزينة وأزرعها فى مشتلى الخاص ثم أبيعها إلى محلات الورود والمشاتل الصغيرة لأؤمن حياة كريمة لأولادى.

وتقول نسيبة محمد، صاحبة أحد المشاتل: ورثت عن زوجى العمل فى مجال النباتات وأشهرها زراعة الفاكهة ونباتات الزينة، وتحقق الأخيرة مكاسب مرتفعة حيث يقبل أبناء الطبقات الغنية الذين يملكون الفيلات والقرى السياحية على شراء كميات كبيرة منها، كما يشتريها بعض الزبائن من الطبقة المتوسطة، ويعد الورد البلدى من أشهر أنواع الزهور التى يحبها الجميع ويقبلون على شرائها من كافة المستويات.

معرض الزهور

تنظم حديقة الأورمان كل عام معرضا للزهور فى إطار الاحتفال بعيد الربيع وحول استعداد الحديقة لمعرض الزهور هذا العام يقول د.سيد حسين مدير حديقة الأورمان: يضم المعرض هذا العام 162 شركة بالإضافة إلى الأفراد الذين يقدمون نباتات الزينة والمستلزمات الزراعية والديكور، ويقام المعرض على 28 ألف متر مربع، وأضاف: يتميز المعرض بأن منتجاته محلية ولم يتم استيراد أى منتج أو نبات من الخارج، وأوضح أن المساحة المخصصة للمعرض زادت عن الأعوام الماضية، كما شهد المعرض هذا العام إقبالا كبيرا من المواطنين واتضح ذلك من خلال أعداد التذاكر المباعة، لافتا إلى أن الأسعار تناسب جميع المستويات حيث تبدأ من 3 جنيهات لسعر النبات إلى أن تصل لأنواع معينة من النباتات لمائة ألف جنيه، مشيرا إلى أن زيادة أسعار مستلزمات الزراعة أدت إلى ارتفاع طفيف فى أسعار بعض النباتات.