تنشر «الهلال اليوم»، قصة قصيرة من المجموعة القصصية «جئتك بالحب»، بعنوان «بعد إذنك سأتزوج» الصادرة مؤخرًا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، للكاتبة تيسير النجار.
لا أعرف كيف تملكتني الشجاعة وطلبت منه ذلك، ولا أعرف
أيضًا كيف أصابه الجنون ونفذ طلبي، موقفها مثل صداع يأكل رأسي، لماذا وافقت؟ ماذا سأقول؟
بماذا سترد أيضًا؟
بهذه الأسئلة وصلت إلى الكافيه، لم أضل الطريق بالرغم
من كل ذلك، وجدته عند المدخل ينتظرني بدا ارتباكه وتوتره، أشعرني أن ذراعيه وجودهما
فائض عن حاجته، يحركهما كثيرًا ويدخن بشراهة أول مرة أراه هكذا، سألني هل أريده معي؟
فضلت أن أكون معها بمفردي، أوضح أنه سينتظرها في النادي، سيحدثني فيما بعد، ذهب بعد
أن أخبرني لون إسدالها والمكان التي تجلس فيه، يسار الكافيه؛ الطاولة قبل الأخيرة،
رجوته كثيرًا أن أرى صورتها ورفض، اتجهت نحوها بثقة زائفة، أشعر بأني لصة.
لمحت قدومي، تشاغلت عني بتأمل مفرش الطاولة الأخضر،
كانت تنقر بسبابتها حافة الطاولة، مرتدية قفازات ونقاب أيضًا، لم يخبرني بذلك، اقتربت
جدًا.
• مدام ليلى؟
رفعت وجهها وأخفضته سريعًا، هزة قصيرة تؤكد أنها هي،
جلست قبالتها.
• مساء الخير.
لم ترد، من المتوقع، لذا أكملت.
• أنا مش خرابة بيوت، كل الحكاية أني باحب ناجي.
• اسمه بتحبي جوزي وأبو عيالي يا آنسة.
صوتها قوي، حدثني كثيرًا عن صلابتها، لم أطلب مقابلتها
سوى لخوفي من رد فعلها، من الممكن أن تفسد كل شيء، ابتلعت ريقي وقلت:
• مابنكرش أنه جوزك ولا طلبت أنه يسيبك و...
• يسيب مين يا روحي؟ قاطعتني بحسم.
جاء النادل سأل ماذا نريد؟ طلبتُ قهوة سادة، همست عصير
ليمون.
• مدام ليلى، عارفة أنك بتخليه يبات لوحده كتير، وتروحي
لمامتكِ، اعتبريه لوحده، مافيش أي فرق ح يحصل لحياتكِ. لم تقاطعني، واصلت: صدقيني أنا
ح امتص الخناقات اللي بينكم، هو بيحبكِ و...
لم تسمعني شردت بعيدًا عني، وضع النادل الفنجان أمامي،
وأمسكت كوب العصير، كيف ستشرب بالنقاب!! لا يهم، سألتني:
• إيه المطلوب مني يا سالي؟
• ماتكونيش زعلانة من جوازنا، حقيقي مش قاصدة أبوظ حياتكم،
عاوزة أعيش مع ناجي وأقدر أشوف أولاده كمان.
• والفرح إمتى؟
• لسه لما الأمور تظبط.
رفعت كوب العصير
فجأة، قذفته في وجهي، كل من في الكافيه نظر ناحيتنا، قامت ضاحكة وخرجت، مسحت العصير
من وجهي المبتل، متأكدة أنني رأيت نقابها مبللاً عند وجنتيها.