ربما نكون اعتدنا على الشكوى المتكررة للكثير من الأباء حول انشغال أبنائهم الدائم بشاشات الهواتف الذكية؛ ولكن ما لا يتوقعه الكثيرون أن من الأبناء من يعاني أيضا من انشغال الأباء الدائم بوسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث كشفت دراسة المانية أن انشغال الأباء بوسائل التكنولوجيا الحديثة أصبحت من الأمور التي تثير مشاعر الغضب والغيرة لدى الأبناء بصورة تضاهي غيرتهم حين قدوم مولود جديد؛ حيث يشعرون بفقدان عاطفة الاباء نحوهم ويسعون للفت الانتباه إليهم بأي وسيلة حتى وإن أساءوا التصرف
حول هذه القضية يقول الدكتور "طه أبو حسين "أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، في تصريحات خاصة" للهلال اليوم" أن وسائل التكنولوجيا الحديثة بجانب ما تحمله من مزايا وخدمات متعددة الا أنها على الجانب الأخر ساهمت في احداث قدر كبير من التغييرات الاجتماعية على نطاق الأسرة الواحدة؛ حيث أصبح الجميع لديه هوس غير طبيعي بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي أباء وأبناء ما ساهم في جعل كل فرد منهم يعيش في جزيرة منعزلة عن الآخر.
وأكد أن اللوم الأكبر يقع على الأباء الذين يشغلون جُل وقتهم في متابعة حساباتهم الخاصة ونسو أن أسرتهم وأبنائهم هم الأولى بتحقيق هذا التواصل الاجتماعي.
ولفت إلى أن الانشغال الدائم من قبل الاباء بالهواتف يزيد من مشكلة إدمان الأبناء لها، حيث يتخذون من أباءهم قدوة لهم في ذلك، فضلاً عن أن هذا الأمر يجعل الأبناء يفتقدون المصداقية في حديث الأباء اذما نصحوا أبنائهم بالتقليل من جلوسهم أمام الشاشات الإلكترونية لتفادى أضرارها.
وأشار الى إدراك الأباء لحجم المخاطر النفسية والاجتماعية التي تتأثر بها الأسرة جرَاء انشغال كل شخص بهاتفه الخاص طوال الوقت يعد هو النواه التي يمكن الارتكاز في تصحيح العديد من الأوضاع الخاطئة؛ لأنه بدون هذا الادراك واستبداله بحالة من اللامبالاة للأمر ستزيد الأمور تعقيداً، مشيرا الى ان وسائل الاعلام المختلفة لابد أن تتحمل القدر الأكبر من المسؤولية لزيادة وعي وإدراك الأباء والأبناء معاً لهذه المخاطر من أجل تلافي أضرارها المستقبلية.