قال الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف إن التطعيم ضِد شَلَل الأطفال وغيره من الأوبئة واجب شرعي على أولياء الأمور تجاه أبنائهم، وأن الاستخفاف وعدم التطعيم من الأوبئة مخالف لضرورة من ضروريات الشريعة الإسلامية.
جاء ذلك خلال مشاركة وكيل الأزهر الشريف، اليوم الاثنين، في الاجتماع الدوري السابع للفريق الاستشاري الإسلامي المعني باستئصال شلل الأطفال افتراضيا، بحضور الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، والدكتور صالح بن حميد رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، والدكتور أحمد بن سالم المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، والدكتور جمال أبو سرور رئيس مركز الأزهر للدراسات السكانية، وعدد من قيادات المجلس الاستشاري.
وأضاف وكيل الأزهر، خلال كلمته، أن الشريعة الإسلامية من بدايةِ نزولها إلى اليومِ الذي نعيش فيه هي شريعة عدل ورحمة وخيرٍ للناسِ كافة، وأن من أوامرِ الشريعة العظيمةِ حفظ النفس وعدم الاعتداء عليها وتحرِيم كل أمرٍ يمس سلامتها، وذلك ليعِيش الإنسان ما كتب الله عز وجل له من عمرٍ آمِنا مطْمئِنا.
ولفت إلى أن حِفظ النفسِ وسلامتها من الأمراضِ بِأَنواعها أَمر يستخف به بعض الناسِ فِي هذِهِ الأيامِ العصيبةِ، وبعضهم لَا يبالِي بِصحته أو صحة من يعيشون في كنَفِه، ويعرض نفسه وغيره للإِصابةِ بأمراض خطِيرة، بِعدمِ حِرصه على الأَوامِرِ الربانِيةِ، وعدمِ عملِه بِالتوجِيهات النبوِية، وعدمِ تمسكِه بِالتعلِيمات، وهذا أمر لَا يجِيزه الدين، ومخالِف لشرِيعةِ رب العالَمِين؛ لِأَن حفظَ النفسِ ضرورة من ضرورِياتِ الحياة، بل من أهم الضرورِياتِ بعد حفظ الدينِ. فيجِب عَلَى المسلِمِ أَن يعمل علَى سلامَة نفسِه وحِفظِهَا من الأَمراضِ والأَسقامِ.
وأوضح وكيل الأزهر أن قَضِية التَّطعيمِ ضدَّ شلَلِ الأطفالِ قد حَسَمتها فتاوى الأزهرِ الشَّريفِ ومَجْمَعِ الفقهِ الإسلامِيِّ، ونَصُّهُم مُتَفَقٌ عَليهِ في أنَّ "التَّطْعيمَ ضِدَّ شَلَلِ الأطفالِ نوعٌ من العلاجِ الوقائيِّ، وهو مطلوبٌ شرعًا، وتَحُثُّ عليه أحكامُ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ، ويجبُ على المسلمين أن يتعاونوا في سبيلِ تطعيمِ أطفالهم وحمايتهم من الأمراضِ الَّتي تفتكُ بهم".. متابعا أنه "من المحزنِ أن نسمع صوتا من هنا أو من هناك يشكِّك في هذه الحملاتِ الصِّحيَّةِ الشَّرعيَّةِ، ويُفتي بحرمتِها على خلافِ ما أقرَّه العلماءُ المتحقِّقون، في الوقت الذي نتلقى فيه تقارير عن تحقيقِ حملاتِ التَّطعيمِ نجاحًا في البلدان الإسلاميَّةِ في إيقافِ انتشارِ مرضِ شللِ الأطفالِ".
وشدد على ضرورةِ دعمِ الجهودِ الَّتي تبذلُها الحكوماتُ والمجتمعاتُ المحليَّةُ والآباءُ والأمَّهاتُ في البلدانِ الَّتي يتوطَّنُ فيها مرض شللِ الأطفالِ لوقفِ انتشارِ المرضِ، ودعوةِ الحكوماتِ إلى مواصلةِ التزامِها بتنفيذِ خططِ عمل وطنيةٍ عاجلةٍ ومنسقة للطوارئِ.
ونوه بأن الأزهر الشريف يبارِك ما قرره الفريق الاستشاري الإسلامي من قبل من ضرورة محاربة عدمِ التطعيم ضد الأوبئة الأخرى التي تجد على السَاحةِ، وكذلك ضرورة دعمِ وتعزِيزِ صِّحَةِ الأمهات والأطفال في العالمِ الإسلامي والعالم أجْمَعْ، موجهًا الدَّعوةَ للآباءِ والأمَّهاتِ وأولياءِ أمورِ الأطفالِ في جميعِ أنحاءِ المعمورةِ إلى الاستجابةِ لتلك الحملاتِ والمبادرةِ بتطعيمِ أبنائِهم وبناتِهم باللقاحاتِ المضادَّةِ لمرضِ شللِ الأطفالِ، حيث قد ثبتتْ أهميَّةُ هذا التَّطعيمِ في تجنيبِهم شرور هذا المرضِ العضالِ الَّذي لا دواءَ له.
كما شدد على أن قضيّةَ التطعيماتِ قضية أمة يجب أن توضعَ في أولى أولوياتِ الدولِ التي تسعى لمستقبلٍ واعدٍ لأبنائِها، مبينا أن مسؤوليَّةَ مواجهةِ انتشارِ الشَّائعاتِ والمفاهيمِ المغلوطةِ الَّتي تؤدِّي إلى رفضِ بعضِ الأسرِ تطعيمَ أبنائِهم، مسئوليَّةٌ مجتمعيَّةٌ يجبُ أن تشاركَ فيها كافَّة المؤسَّساتِ، وخاصَّةً الإعلاميةَ والدينيةَ والصحيةَ.
وأشاد بِجهودِ الفريق الاستشاري الإسلامي وأنشطته في مكافحةِ جائحةِ فيروس كورونا المستجد، مما يساعِد على الحد من انتشارِ هذا الوباء والتصدي للشائِعَات التي تخَالِف تعاليمَ الشريعةِ في هذا المجال، منوها بأن الأزهر يفتح أبوابَه لتدريب الأئمَّةِ والمتخصِّصين وتوجيهِهم فكريًّا ومعنويًّا من أجل تحقيقِ الهدفِ الذي نسعى إليه جميعًا في مواجهةِ الشَّائعاتِ والفتاوى المضلِّلةِ.