الجمعة 17 مايو 2024

«دار الهلال».. 128 عاما من الثقافة والإبداع والصمود أمام الصعوبات

فن14-12-2020 | 17:03

الهلال ملتقى عمالقة الأدب والثقافة:

تعد مؤسسة دار الهلال المصرية العريقة أقدم المؤسسات الصحفية في مصر، التي أسسها الكاتب الراحل جرجي زيدان، ولاقت استحسانا بين القراء عامة والمثقفين خاصة، وذاع صيتها بعد مضي 5 سنوات فقط من تاريخ نشأتها الأولى في عام 1892، وصمدت على مدار قرن من الزمان، أمام كل العثرات التي قابلتها، فلم تتوقف مرة عن النشر، بل تعددت إصدارتها وملاحقها الصحفية التي ما زالت تصدر حتى اليوم، وما زلنا نطالعها بنفس الشغف الذي سعى إلى تحقيقه جرجي زيدان بين القراء، منذ أول عدد تم نشره في سبتمبر من نفس عام نشأتها.

لماذا أسماها جرجي بـ"دار الهلال":

قصد جرجي زيدان أن تكون دار الهلال، ملتقى عمالقة الأدب والثقافة، وبذلك كانت أول المجلات الثقافية في الوطن العربي، وكان يكتب أعماله الأدبية على صفحاتها منذ صدورها الأول، اختار "الهلال" اسما لمولودته الجديدة، وكان يعتبرها أحد أبنائه وأفراد أسرته لمكانتها العالية في قلبه، ويرجع سبب تسميتها إلى صدورها شهريا، كما واختار الهلال استبشارا بنموها المتواصل واكتمالها بدرا مع استمرار صدورها، هذا بالإضافة لتيمنه برمز الدولة العثمانية حينذاك وهو الهلال، وبدأت طباعة أول عدد من داخل مطبعة صغيرة بشارع الفجالة بالقاهرة.

تبويب المجلة:

 أعلن جرجي زيدان، في العدد الأول الصادر لمجلة الهلال في مطلع سبتمبر من عام 1892، عن هيئتها وطريقة تبويبها، حيث قسمها لخمسة أبواب، وهم: أشهر الحوادث وأعظم الرجال، باب الروايات، باب تاريخ الشهر، باب المنتخبات من الأخبار وباب التقريظ والانتقاد، ونشر مؤلفاته الأدبية مقسمة على فصول على صفحاتها، لم يكن يتوقع انتشارها السريع، لكن الهلال تركت بصمة قوية الأثر، وخلال 5 سنوات فقط من صدورها، وهي فترة وجيزة لتحقيق هذا النجاح والانتشار، أصبحت "الهلال" المجلة الثقافية الأولى في العالم العربي.

من هو جرجي زيدان:

ولد في بيروت، في 14 ديسمبر 1861، وتلقى تعليمه الأساسي في المدرسة الابتدائية، لم تشأ الأقدار أن يستكمل جرجي سنوات تعليمه، نظرا لاحتياج والده عونا له في أعماله في المطعم الخاص به، وكان عمره وقتئذ 12 عاما، واتجه بعدها لصناعة الأحذية، لكن شغفه بالعلم والأدب جعله يطالع كل كتابا يراه، فغنم من الأدب والعلم الكثير، وساعدته والدته على استكمال تعليمه ودعمته كثيرا.

لم يكتف بهذا ورغم مشاقه الكبيرة على سنوات عمره، فقد عمد لتعلم اللغة الانجليزية في مدرسة ليلية، وكان محبا للأعمال الاجتماعية والخيرية منها، انضم لجماعة خيرية أعضائها خريجي الكلية الأمريكية، ثم التحق بكلية الطب في عام 1881، وذلك بعد دراسات عديدة تؤهله لدراسة الطب، واجتاز العام الأول بامتياز، لكنه لم يكمل الدراسة نظرا لظروف خاصة بالكلية، لكنه لم يقف على عتبات الحلم باكيا، فالتحق بكلية الصيدلة، ونال شهادة في الطبيعيات، الحيوان واللغة اللاتينية، وسافر إلى القاهرة ليكمل دراسته في القصر العيني، ومنها بدأ مشواره العظيم.

بحث عن ضالته وهي الصحافة والأدب، عن عمل يتفق مع ميوله فعمل محررًا في صحيفة "الزمان" اليومية، وعمل في مجلة "دار المقتطف" فترة من الزمان تخطت العام، واستقال منها ـ ليعمل بالتدريس في مدرسة "العبيدية الكبرى" لمدة عامين، وتشارك مع نجيب متري وأسسا مطبعة الهلال، والتي انطلقت بعدها مؤسسة الهلال الصحفية العريقة.

ظلت "مجلة الهلال" تصدر بهيئتها التي تأسست عليها، حتى تاريخ فبراير 2005، احتفلت مؤسسة دار الهلال بالنسخة الرقمية من الأعداد الأولي لمجلة الهلال، وما زالت تواصل مسيرتها الصحفية، الأدبية والتثقيفية وظلت صامدة في وجه الصعوبات رغم مرور 128 عام على تاريخ تأسيسها، واليوم تواصل مسيرتها والتقدم نحو التغيير الالكتروني لمواكبة التقدم التكنولوجي.