أدركت جماعة الإخوان مبكراً وقبل غيرها من
جماعات الإسلام السياسى أهمية الإعلام الرقمى، فسعت إلى توظيف هذا النوع الجديد من
الإعلام لتحقيق مجموعة من الأهداف التى تخدم مشروعها السياسى والترويج
لأيديولوجيتها العابرة للحدود والمرتبطة بأحلامها الخاصة بـ«إحياء دولة الخلافة وأستاذية
العالم».
وكشفت الدراسة أن جماعة الإخوان تمكّنت
بالفعل من تعزيز وجودها على الشبكة العنكبوتية عبر عدد كبير من المواقع
الإلكترونية الناطقة باسمها والمؤيدة لها، والتى استخدمتها فى الترويج لأفكارها
المتطرفة عبر الحدود، فلم تتأخر فى الانخراط فى الإعلام الرقمى والعمل على امتلاك
أدواته المختلفة.
كما نشطت الجماعة وأعضاؤها بصورة كبيرة على
مواقع التواصل الاجتماعى سواء فى المدونات الشخصية التى ظهرت فى البداية أو فى مواقع
التواصل الاجتماعى التى انتشرت لاحقاً: تويتر، فيسبوك، يوتيوب، إنستجرام، وغيرها،
والتى أصبحت تمثل وسيلة رئيسية لها فى عمليات الحشد والتجنيد ونشر الأفكار
ومهاجمة النظم القائمة.
وتبيّن فى انتفاضات ما أطلق عليه اسم الربيع
العربى، إلى أنه بعد سقوط حكم الجماعة فى 3 يوليو 2013 عقب ثورة الشعب المصرى عليها،
وإغلاق وسائل إعلامها التقليدية، فإنها اعتمدت على آلتها الإعلامية الرقمية فى مواجهة
الدولة، إذ استخدمت العشرات من الصفحات الإلكترونية لإدانته وإلقاء الضوء على
أجندته، وفى الدعوة إلى العصيان المدنى، وحشد الأعضاء والأتباع لمواجهة السلطات،
بالإضافة إلى شنّ حملات إلكترونية ضد الجيش والشرطة.
كما لجأت الجماعة إلى أذرعها الإعلامية فى الغرب،
التى تمتلك خبرة كبيرة فى مجال الإعلام الرقمى، فى محاولة الدفاع عنها وتحسين
صورتها من ناحية، والتحريض ضد النظام المصرى من ناحية ثانية، مستغلة فى ذلك مناخ
الانفتاح والحريات فى العديد من الدول الأوروبية فى الترويج لنفسها، باعتبارها
جماعة معتدلة تؤمن بالديمقراطية والحريات العامة، لكن مع ذلك فإن استراتيجيتها هذه
بدأت فى الانكشاف خلال الآونة الأخيرة، بعدما أدركت العديد من الدول الأوروبية
موقفها المعادى للدولة الوطنية الحديثة وقيم التسامح والتعايش.