الأحد 19 مايو 2024

نبوية موسى.. رائدة تعليم الفتيات في مصر (بروفايل)

فن17-12-2020 | 13:18

يوافق اليوم ذكرى ميلاد رائدة تعليم الفتيات المصريات نبوية موسى، الحقوقية، الكاتبة والأدبية، وأول فتاة تحصل على البكالوريا في مصر، والتي لطالما ناضلت من أجل المساواة بين الرجل والمرأة وكافحت من أجل تعليم الفتيات في مصر.


ولدت نبوية موسي في مثل هذا اليوم 17 ديسمبر من عام1887 بكفر الحكما بمحافظة الزقازيق وكان والدها يعمل ضابطا بالجيش المصري برتبة يوزباشي "نقيب حالياً" وكان له في بلدته منزل ريفي كبير وبضعة أفدنة يؤجرها حين يعود إلى مقر عمله، وقد سافر والدها إلى السودان قبل میلاد نبوية بشهرين وتوفي هناك؛ فنشأت يتيمة الأب وعاشت هي ووالدتها وشقيقها في القاهرة لوجود أخيها بالمدرسة.


اعتمدت الأسرة على معاش الأب وعائد الأرض، ولم تكن أمها من الأمهات التي يحرصن على اكتساب بناتهن مهارات وقدرات معينة فلم تحرص على تعليمها الرسم أو التطريز وهی اهتمامات كان مجتمع الطبقة الوسطى يعلم بناته إتقانها. 


وفي هذا الشأن يقول هشام نصر مؤلف كتاب نساء ضد التيار، إن حالة نبوية موسى الاجتماعية صارت هكذا حيث لم يتحكم في طفولة نبوية نظام صارم أو قيود أو كبت وكان لهذا أكبر الأثر في إعطاء نبوية المساحة الرحبة كي تفكر بحرية وتتصرف بحرية وتشكل عالمها الصغير بحرية بنفسها وبيدها لا بيد الآخرين، تعلمت نبوية مبادئ القراءة والكتابة في البیت مثلها في ذلك مثل بنات جنسها وطبقتها الوسطى وتعلمت القراءة من خلال تذوقها الشعر العربي فكانت تحفظ القصائد العربية التي يرددها شقيقها ثم من خلال التدريب على قرأتها فعلمت نفسها القراءة، أما الكتابة فتعلمتها عن طريق محاكاة النصوص المكتوبة، ولم تكتف بهذا القدر من العلم وإنما أصرت على الالتحاق بالتعليم المدرسي ولم تجد نبوية أي مساندة من عائلتها عند اتخاذها هذا القرار فقد اعتبرته أمها خروجا علي قواعد الأدب والحياء ومروقا من التربية والدین، كما رفضه كل من عمها وأخوها. 


وفي كتاب "تاريخي بقلمي" قالت نبوية موسى إنها لجأت لسرقة ختم والدتها وباعت أسورة ذهبية لها كي تقدم لنفسها في مدرسة السنية بالقاهرة وبالفعل تقدمت للدراسة فيها بعد معاناة وحصلت على الابتدائية عام 1903، ثم حصلت على دبلوم المعلمات عام 1905.


ويقال عن نبوية موسى أن بدايات علاقتها بالتعليم كشفت عن جوانب فذة في شخصيتها وكان من أبرزها نجاحها الذي مكنها من تعليم نفسها بنفسها وقوة عزيمتها وتصميمها على تنفيذ إرادتها وإصرارها على تحقيق أهدافها أيا كانت المعوقات ودون الخضوع لمجتمع كان يرى في تعليم البنت خروجاً على الآداب العامة. 


بعد حصول نبوية موسى على دبلوم المعلمات تعينت معلمة بمدرسة عباس الابتدائية للبنات بالقاهرة لتبدأ رحلتها في مجال التدريس، وأثناء عملها لاحظت أنها تحصل على راتب ستة حنيهات فقط بينما زملاؤها من الرجال يحصلون على ضعف الراتب مما أغضبها بشدة حتى راسلت وزارة المعارف بخطاب رسمي تبدي فيه أستيائها من هذه التفرقة، وجاءها الرد بأنهم يحصلون على ضعف راتبها لأنهم حصلوا على درجة البكالوريا بينما هي حصلت على دبلوم المعلمات وهي أقل منهم.


كانت هذه هي الشرارة الأولى في قصة نجاح نبوية موسى، حيث أنها بعد رد وزارة المعارف خاطبتهم للمرة الثانية وأبدت رغبتها في الحصول على درجة البكالوريا من خلال الامتحان، أندهشت وزارة المعارف في ذلك الوقت لإنها أول فتاة تسعى لذلك، ولكن بالفعل أعدت الوزارة لنبوية موسى إمتحان واجتازته بجهدها الذاتي ومذاكرتها لنفسها لإن في ذلك الوقت لم تكن هناك مدارس ثانوية للبنات بطبيعة الحال.


لاقت نبوية موسى شهرة واسعة بسبب كونها أول فتاة تحصل على درجة البكالوريا في مصر، وعلى إثر ذلك تعينت ناظرة بالمدرسة المحمدية بالفيوم عام 1909، لتصبح أول ناظرة مصرية لمدرسة إبتدائية، أثارت نبوية موسى بهذا النجاح حفيظة وغضب كل الرجال في ذلك الوقت ظنناً منهم أنها كسرت القواعد وتعدت عليهم وعلى وظائفهم ورواتبهم، فظلوا يتصيدوا لها الأخطاء حتى أبلغوا الأنجليز أنها تعمل بالسياسة، وعلى إثر هذا تم نقلها للقاهرة وعينت وكيلة للمعلمات في بولاق، ثم ترقت لناظرة مدرسة معلمات الورديان في الأسكندرية عام 1916. واستمرت نبوية في وظيفتها كناظرة لهذه المدرسة حتى عام 1920. 


كتبت نبوية موسى في الكثير من الصحف مثل الأهرام والفتاة التي أسستها هند نوفل عن موضوعات تعليمية وعن قضايا المرأة أنذاك، وكانت تعتبر الصوت الحر والقوي الذي دافع وناضل من أجل حقوق المرأة وكرهت الرجال، لدرجة رفضها للزواج. 


بجانب نضال نبوية موسى وريادتها لتعليم الفتيات، افتتحت مدارس خاصة بها في الأسكندرية وظلت توليها اهتمامها، وأنتدبت لتحاضر في جامعة القاهرة في وقت افتتاحها. 


من أعمال نبوية موسى الأدبية، توب حتب، المرأة والعمل وكتابها الشهير تاريخي بقلمي والتي كتبت فيه سيرتها الذاتية، وقد توفيت في 30 أبريل من عام1951.