ألغت المحكمة الإدارية العليا، اليوم، نص المادة الرابعة من قرار وزير الصحة رقم
25 لسنة 2009، فيما تضمنه من منح مـأمور الضبط القضائي، وقت اكتشاف الجريمة، سلطة
إعدام الأدوية والمستحضرات الطبية المغشوشة أو المقلدة أو منتهية الصلاحية،
وألزمت المحكمة الجهة الإدارية الخاسرة بالمصروفات.
وأكدت المحكمة، أن القرار اللائحي
المطعون فيه، تضمن في نص مادته الرابعة، حكمًا موجهًا إلى موظفي وزارة الصحة
ممن لهم صفة الضبطية القضائية، يكلفهم بضبط الأدوية والمستحضرات الطبية المغشوشة
أو المقلدة أو منتهية الصلاحية، ثم إعدامها.
وأوضحت أن واقعة حيازة هذه
الأدوية والمستحضرات الطبية، تعد جريمة يعاقب عليها القوانين، وذلك لأن هذه
الأدوية في الحقيقة، تعد أدلة الجريمة، ولا يجوز لمـأمور الضبط القضائي
إعدامها وقت ضبطها، لأن في إعدامها عدوانًا على ملكية صاحب المؤسسة الصيدلية
لهذه الأدوية، كما يعد اعتداءً على حريته الشخصية، لأن إعدامها يؤدي إلى
حرمانه من وجود أدلة يستطيع إثبات براءته من خلال تقديم دليل فني يؤكد صلاحية
الأدوية والمستحضرات الطبية، وأن حيازته لها تمت وفق إجراءات قانونية صحيحة،
كما أن إعدام هذه الأدوية وقت ضبطها، فيه غصب لسلطة المحكمة الجنائية المختصة
بتحقيق أدلة الدعوى.
ورأت المحكمة، أن قانون الصيدلة خلا
من حكم يمنح وزير الصحة سلطة إصدار لائحة تتضمن إهدارًا لأحد الضمانات
الدستورية المتعلقة بالحرية الشخصية لصاحب المؤسسة الصيدلية وحرمة ماله الخاص.
وأشارت المحكمة إلى أن قرار وزير
الصحة رقم 25 لسنة 2009، المطعون فيه، صدر في حدود سلطته اللائحية المخولة
للوزير، وأنه صدر بهدف المحافظة على الصحة العامة، وإن جاءت بعض أحكامه مشوبة
بعيب مخالفة القانون، فإن وزارة الصحة قد تداركت بعض صور هذا العيب.
ولكن يبقى العيب الذي أصاب الحكم
الوارد بنص المادة الرابعة من هذا القرار، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغاء
القرار المطعون فيه فيما تضمنته مادته الرابعة من منح مـأمور الضبط القضائي سلطة
إعدام الأدوية والمستحضرات الطبية وقت ضبطها، دون إلزام مأمور الضبط القضائي
بالتحفظ على المضبوطات وتحريزها وتحرير محضر يتضمن بياناتها وأعدادها وأوصافها، وعرضها على النيابة العامة، لاتخاذ شيؤونها، وإلزام مأمور الضبط
القضائي بعدم التصرف في هذه الأدوية قبل انتهاء المحاكمة الجنائية طبقًا
للقانون.
ورأت المحكمة، أنه لا يجوز قانونًا
للسلطة التنفيذية إصدار لائحة، تمنح موظفيها، مأموري الضبط القضائي، سلطة
إعدام الأشياء التي يتم ضبطها وقت اكتشاف الجريمة، وقبل عرضها على جهة التحقيق
المختصة، وذلك لأن السماح بإعدام هذه الأشياء قبل إجراء المحاكمة الجنائية
يعد عدوانًا على ملكية المتهم لهذه الأشياء، وحرمانًا من أدلة قد يستطيع من
خلالها إثبات براءته، كما يعد غصبًا لاختصاص القضاء بتحقيق الأدلة في الخصومة
الجنائية.