بقلم : أشرف غريب
يواجه الممثل محمد شرف أزمة صحية حادة بسبب متاعب كبيرة فى عضلة القلب نقل على أثرها من مسقط رأسه فى الإسكندرية إلى مستشفى قصر العينى بالقاهرة لاستكمال علاجه ، أزمة شرف ليست الأولى وليست حديثة عهد ، وإنما يصل عمرها الآن لنحو عشر سنوات ، لكنها الأقوى والأخطر والأكثر احتياجا لتعامل مختلف معها ليس على طريقة المسكنات المعتادة حتى لو أدى الأمر إلى سفره للخارج ، وربما هذا هو الذى دعا الممثل إيهاب فهمى عضو مجلس إدارة نقابة المهن التمثيلية إلى التصريح بأن الأمر أصبح فوق قدرة النقابة حتى قبل نقل محمد شرف من الإسكندرية إلى القاهرة لاستكمال علاجه.
محمد شرف صاحب هذه الطاقة الفنية الجبارة والحضور اللافت لم يسعفه الوقت كى يجمع مثل غيره ثروة مادية من عمله بالفن ، فبعد مشاركته فى أدوار معدودة ومتميزة فى أفلام مثل "ظرف طارئ ، زكى شان ، جعلتنى مجرما ، إكس لارج ، حسن ومرقص ، رمضان مبروك ، صباحو كدب ، والدادة دودى" كان من الممكن أن تنقله إلى مرحلة الادوار الأولى وجد نفسه أسيرا لسلسلة من المتاعب الصحية المتتالية عطلت كثيرا من انطلاقته الفنية ، بل وأوقفتها تماما فى الفترة الأخيرة ، ومن ثم استنزفت أزمته الصحية هذا القليل الذى جمعه من عمله بالفن ، وباتت الأزمة أزمتين ، والحالة الإنسانية أكثر مأساوية لهذا الممثل الكوميدى الرائع ، وتحتاج إلى موقف واضح من جانب زملائه الفنانين وخاصة الذين عملوا معه ، وكان هو أحد أسباب نجاح الأعمال التى شارك فيها ، وأخص بالذكر أحمد حلمى وياسمين عبد العزيز وعادل إمام ومحمد هنيدى وأحمد آدم ، فليس من الإنسانية فى شىء أن يترك هؤلاء زميلهم فى محنته المزدوجة؟! وأنا فى الحقيقة وحتى لا أظلم أحدا - لا أدرى إن كان هؤلاء أو بعضهم قد تعاملوا مع أزمة زميلهم بالصورة الإنسانية التى أعنيها أم لا ، فإذا كانوا فعلوا دون علانية أو طنطنة فأجرهم عند الله كبير ، وإن لم يفعلوا فهم مطالبون بذلك وفى أسرع وقت ممكن قبل فوات الأوان .
وربما تقودنى أزمة محمد شرف إلى الملف الأكبر والأكثر حساسية ، وهو ما يتعلق بكرامة الفنان الذى يجد نفسه فجأة فى مثل هذه الظروف القاسية دون سند أو ظهير حقيقى يحفظ له كرامته وكبرياءه .. لقد أعيتنا كثيرا النداءات الدائمة والمتكررة بضرورة إنشاء مستشفى خاص لعلاج الفنانين بما لدى معظمهم من قدرة مادية تتيح لهم ذلك ، بل وبات هذا المطلب ورقة انتخابية معتادة فى كل انتخابات تشهدها نقابة الممثلين تحديدا دون أن نلمس جديدا فى كل دورة ، وإذا كان الأمر مستعصيا على قدرة نقابة بعينها فإننى هنا أقدم اقتراحا محددا أظنه قابلا للتنفيذ .. لماذا لا تتكاتف جهود النقابات الفنية الثلاث الممثلين والسينمائيين والموسيقيين وتنضم إليها النقابات القريبة مثل الصحفيين والإعلاميين ( تحت التأسيس ) من أجل إنشاء هذا المستشفى ، وتتولى الإشراف عليه إدارة طبية متخصصة ومستقلة تستطيع أن تجعله مشروعا ربحيا جنبا إلى جنب مع طبيعته الخدمية لأعضاء هذه النقابات ولنا أسوة فى ذلك بمستشفى الزراعيين الذى أصبح واحدا من أهم المستشفيات فى مصر ، وأعتقد أن مستشفى كهذا يمكن أيضا أن يلقى دعما لوجستيا من بعض جهات الدولة حتى يقف على قدميه بدلا من المطالبات المعتادة والدائمة للحكومة بدعم مشاريع العلاج فى النقابات المهنية المختلفة .
إنها أولا دعوة مخلصة لكل فنان حقيقى أن يساند زميله محمد شرف فى أزمته الصحية الراهنة ، و ثانيا مطلب ملح بضرورة النهوض سريعا بكل ما يحفظ للمبدع بوجه عام كرامته وكبرياءه ، ويوفر له مظلة آمنة كى يقدم لنا إبداعا حقيقيا متجردا من كل ضغوط الحياة .