تُعَد قوانين
الاستثمار في أي دولة؛ بمثابة الرئة التي يتنفس من خلالها الاقتصاد، لذلك من
المفترض في قانون الاستثمار أن تخلو من أي عثرات تعتري عمله وأهدافه .
وفي قانون الاستثمار القديم رقم 8 لسنة 1997
(والمعدل بالقوانين أرقام 13 لسنة 2002، 13 لسنة 2004، 19 لسنة 2005، 94 لسنة 2005)
.. كان هناك العديد من العيوب والمشاكل التي تعيق العملية الاستثمارية منها : بطء
الإجراءات، وعدم تقديم الضمانات الكافية للمستثمر، لكن في ظل الفهم القانوني
والإدراك التشريعي تم إصدار قانون الاستثمار الجديد رقم 72 لسنة 2017 وكذلك أقرت
الحكومة لائحته التنفيذية، والذي جاء ليتصدى للمعوقات الإجرائية الموجودة في
القانون القديم، وتهيئة المناخ لإحداث انطلاقة اقتصادية، وزيادة معدلات النمو،
ونشر التنمية في كل ربوع مصر .
تقوم فلسفة
قانون الاستثمار الجديد على تشجيع وإصلاح منظومة الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي،
وقد سبق أن صدرت حزمة من القرارات الاقتصادية استهدفت علاج الاختلالات الهيكلية،
وتحقيق الاستقرار في سوق الصرف، فاستقرار سوق الصرف أحد أهم العوامل المؤثرة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
وقد بدأت القرارات الاقتصادية في تحقيق أهدافها،
إلى جانب بوادر التحسن في تراجع معدلات التضخم التي ارتفعت بالتزامن مع قرار تعويم
الجنيه، والجهود المبذولة لمحاصرة التضخم، من خلال إجراءات الحماية الاجتماعية
وتنظيم التجارة الداخلية، ومواجهة الممارسات الاحتكارية، كما يعطى القانون ضمانات
غير مسبوقة للمستثمرين من خلال حوافز عديدة، ويراعى الأبعاد الاجتماعية ويعزز الشفافية
والإفصاح ومعايير الحوكمة، بخلاف نجاحه في تبسيط الإجراءات أمام المستثمرين ووضع
حد أقصى للفترة الزمنية لإنهائها بالإضافة إلى العمل على سرعة تسوية المنازعات،
بما يضمن تحقيق الاستقرار في السياسات الاستثمارية وإعلاء مبادئ الحوكمة والشفافية .
أنشأ القانون
عددًا من المجالس والهيئات لتنظيم الاستثمار، أهمها المجلس الأعلى للاستثمار، كما
أنشأ هيئة الاستثمار المصرية، والتي عرفها بأنها هيئة عامة اقتصادية لها أحقية
اعتبارية، والمختصة بتنفيذ خطط الترويج للاستثمار، ونظم شكلها ودورها الرقابي.
هذه المنازعات والتي أخافت الكثير من رؤوس
الأموال، جاء القانون الجديد ليضع إجراءات تسوية تلك المنازعات، حيث أمر بتشكيل
لجنة للتظلمات، ونظم إجراءات التظلم أمامها، وكذلك نص على إنشاء لجنة وزارية لفض
منازعات الاستثمار، ونظم اختصاصات اللجنة، وإلزامية قراراتها. كما نص على إنشاء
مركز للتحكيم والوساطة في منازعات الاستثمار التي تنشأ بين المستثمر والدولة أو أي
من الجهات التابعة لها.
نظم القانون بشكل واضح على كيفية التصالح في بعض
الجرائم التي ترتكب في المشروعات الاستثمارية، ومسؤولية الشخص الاعتباري عنها،
وقيود تحريك الدعوى الجنائية، وكذلك قيود تحريك الدعوى في الجرائم المالية.
لم ينس المشروع
المسؤولية المجتمعية للمستثمرين، ففي الباب السابع من القانون نص على حدود
المسؤولية الاجتماعية ، وكيفية تخصيص المستثمر لنسبة من أرباحه السنوية لاستخدامها
في إنشاء نظام للتنمية المجتمعية، ونظم المعاملة الضريبية لهذه النظم المجتمعية.
لذلك فإن المشكلة الحقيقية في آلية تنفيذ
القوانين على أرض الواقع، وكيفية رفع وعى القائمين على إنفاذ القانون بروح القانون
وكفاءة تنفيذه على الأرض بصفة أساسية، وتدريب كافة الموظفين وإعطائهم كافة
الصلاحيات اللازمة لمواقعهم ورفع وعى الأطراف المعنية بمحتوى القانون، وقد انتهت
الحكومة بتاريخ 25 أكتوبر 2017 من الموافقة على إصدار اللائحة التنفيذية لقانون
الاستثمار رقم 72 لسنة 2017، تمثل اللائحة خطوة هامة تسعى من خلالها الحكومة إلى
تهيئة المناخ المناسب لجذب الاستثمارات .
ينعقد البرلمان
الجديد الشهر المقبل، وعلي عاتقه مسئولية كبيرة في استكمال المهمة التشريعية
الاقتصادية مع الحكومة؛ حتى يكتمل عمل منظومة الدولة بسلطاتها الثلاثة لخدمة الشعب
واستغلال الموارد الاستغلال الأمثل .