الجمعة 21 يونيو 2024

فى مثل هذا اليوم.. افتتاح متحف الفن الإسلامى المصرى

فن28-12-2020 | 19:19

فى مثل هذا اليوم تم افتتاح متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، والذى يعد أكبر متحف إسلامي بالعالم، حيث يضم مجموعات متنوعة من الفنون الإسلامية من الهند والصين وإيران مرورا بفنون الجزيرة العربية والشام ومصر وشمال أفريقيا والأندلس.

يقع متحف الفن الإسلامي في ميدان باب الخلق، أحد أشهر ميادين القاهرة التاريخية، وعلى مقربة من أشهر المعالم المعمارية الإسلامية المعبرة عن عظمة الحضارة الإسلامية ورقي فنونها كجامع ابن طولون، ومسجد محمد علي، وقلعة صلاح الدين.

تم افتتاح المتحف لأول مرة في عام ١٩٠٣م، وكان الهدف من إنشائه هو جمع الآثار والوثائق الإسلامية من العديد من أرجاء العالم مثل مصر، وشمال أفريقيا، والشام، والهند، والصين، وإيران، وشبه الجزيرة العربية، والأندلس، في مجموعات فنية معبرة عن مختلف الفنون الإسلامية عبر العصور بما يسهم في إثراء دراسة الفن الإسلامي. ويُعد متحف الفن الإسلامي أحد أكبر متاحف الفنون الاسلامية في العالم، حيث يضم حوالي ١٠٠ ألف تحفة أثرية متنوعة؛ مما يجعله منارة للفنون والحضارة الإسلامية على مر العصور.

وبدأت فكرة إنشاء متحف للفنون والآثار الإسلامية في عصر الخديوي "إسماعيل" وبالتحديد في سنة 1869م ، وتم تنفيذ ذلك في عصر الخديوي "توفيق" سنة 1880م، عندما قام "فرانتز باشا" بجمع التحف الأثرية التي ترجع إلى العصر الإسلامي في الإيوان الشرقي لجامع الحاكم بأمر الله، وفى فى عام 1882 كان عدد التحف الأثرية التى تم جمعها  111 تحفة  فى عام 1892 م، وتم بعد ذلك بناء مبنى صغير في صحن جامع الحاكم أطلق عليه اسم "المتحف العربي" تحت إدارة فرانتزباشا الذي ترك الخدمة سنة 1892م ، وتم افتتاح المبنى الحالى فى عهد عباس حلمى الثانى فى 28 ديسمبر عام 1903.

تم تغيير اسم الدار سنة 1951م إلي "متحف الفن الإسلامي" وكانت معروضاته موزعة في ذلك الوقت بثلاثة وعشرين قاعة مقسمة حسب العصور والمواد.

مر المتحف بمرحلة هامة بين عامي 1983- 1984م, وتم توسيع مساحة المتحف وزيادة عدد القاعات حتى صارت خمسة وعشرين قاعة. ثم مساحة كانت تشغلها محطة الوقود علي يمين المتحف, والتي تم استغلالها في إنشاء حديقة متحفية وكافتيريا.

في عام 2003م بدأت عمليات التطوير الشامل بالمتحف، حيث تم تغيير نظام العرض المتحفي بصفة عامة

يتكون المتحف من طابقين: يضم الأول قاعات العرض بينما يحوي الثاني المخازن، يشمل سيناريو العرض المتحفي ٤٠٠٠ قطعة أثرية بالإضافة إلى شاشات عرض، وقد أضيفت حديثاً قاعة تضم مقتنيات عصر محمد علي.

ويُعتبر مُتحف الفن الإسلامي بالقاهرة أكبر المتاحف المتخصصة في الفن الإسلامي في العالم، حيث يحتوي على أكثر من مائة ألف تحفة تشمل جميع فروع الفن الإسلامي في مختلف العصور، كما تميزت مجموعاته الفنية بثرائها من حيث الكم والكيف، مما جعله منارة للفنون والحضارة الإسلامية على مر تاريخه, وأصبح منهلاً لكل الباحثين والمؤرخين والزائرين على مختلف فئاتهم, وذلك للإلمام بتاريخ الحضارة الإسلامية في مجالات العلوم المختلفة مثل الطب والهندسة والفلك، حيث تشتمل مجموعات المُتحف على مخطوطات وتحف في الطب والجراحة والأعشاب، وأدوات الفلك من الإسطرلابات و البوصلات والكرات الفلكية، وفي مجال الفنون الفرعية التي تُمثل مستلزمات الحياة من الأواني المعدنية والزجاجية والخزفية، والحلي والأسلحة والأخشاب والعاج والمنسوجات والسجاد وغيرها، وقد اشتملت مجموعات المُتحف علي العديد من روائع التحف الفريدة التي تُبين مدى ما وصل إليه الفنان من ذوق رفيع ودقة فائقة في الصناعة, وقد كان مُتحف الفن الإسلامي منذ نشأته قبله لكبار الزوار من الملوك وعظماء العالم، وقد شمل تحديث العرض المتحفي حاليًا زيادة لأعداد التحف بشكل يخدم قصة العرض المتحفي, مع وضع وسائل تدعيمية مختلفة تساعد جميع فئات الزوار على فهم رؤية ورسالة المتحف.

وقد زود المتحف، بعد ذلك، بعدد كبير من محتوياته عن طريق الهبات التي تبرع بها أبناء الأسرة العلوية مثل: الملك فؤاد الذي قدم مجموعة ثمينة من المنسوجات، والأختام، والأمير محمد علي، والأمير يوسف كمال، والأمير كمال الدين حسين، ويعقوب آرتين باشا، وعلى إبراهيم باشا الذين زودوا المتحف بمجموعات كاملة من السجاد الإيراني والتركي والخزف والزجاج العثماني.

ونلاحظ أن مبنى المتحف شيدت واجهته على طراز المباني المملوكية المنتشرة بأرجاء القاهرة ولا سيما في استخدام الحجر المشهر، فضلا عن عقود مدخليه وهما المدخل الرئيسي المطل على الميدان المشهور بباب الخلق والفرعي بالواجهة الشمالية الشرقية، وحتى السبعينات من القرن الماضي كان المدخل الأخير يفتح على شارع ضيق يفصل بين المتحف ومحطة لوقود السيارات حتى تمت إزالتها وضمت أرضها للمتحف لتستخدم من وقتها وإلى اليوم كحديقة متحفية.

مقتنيات العصر الفاطمى فى العصر الإسلامى

نُسب الفاطميون دولتهم إلى السيدةفاطمة الزهراء ابنة الرسول صلي الله عليه وسلم وقد قامت الدولة الفاطمية فى شمال أفريقيا عام 297 هجريًا / 909 م علي يد أول خلفائها عبيد الله المهدى وكانت تدين بالمذهب الشيعى، واعتمدت هذه الدولة فى توسيع رقعتها على الدعاة الشيعة الذين قاموا ببث دعواتهم وجذب الناس إليهم، وحاول الفاطميون منذ عهد أول خلفائهم فتح مصر، ولم يتمكنوا من ذلك إلا بعد ثلاث محاولات انتهت بنجاح القائد جوهر الصقلي الذى أرساه الخليفة المعز لدين الله الفاطمى عام 358 هـ /969 م وأسس عاصمة جديدة سميت بالمنصورية ومسجدها الجامع الذى سمى بالأزهر، وقد تحول اسم هذه العاصمة عند مجئ المعز لدين الله إلى مصر فيما بعد إلى القاهرة تيمنًا بالنصر وقهر الأعداء.

ومنذ ذلك التاريخ أصبحت القاهرة وجامعها الأزهر مركزًا لنشر المذهب الشيعى وقد حكم الفاطميون مصر لأكثر من قرنين الزمان حتى انتهت دولتهم على يد السلطان صلاح الدين الأيوبي عام 567 هـ/1171م وعلى الرغم من سيطرة الفاطميين على مقاليد الحكم فى مصر طوال تلك الفترة ، إلا أنهم لم يستطيعوا تحويل أهل مصر إلى المذهب الشيعى، يؤكد ذلك ما رواه المؤرخ الشهير "ابن أثير" عن أمر سقوط هذه الدولة أنه لم ينتطح فيه عنزان أى لم يختلف عليه أحد من المصريين، وقد ترتب على ذلك هجر الجامع الأزهر ونقل خطبة الجمعة منه إلى جامع الحاكم بأمر الله، وظل ذلك الأمر إلى أن تولى السلطان المملوكى الظاهر بيبرس البنداقرى الذى أعاد خطبة الجمعة والتدريس مرة ثانية إلى الجامع الأزهر، ليصبح منارة لنشر المذهب السنى فى العالم الإسلامى منذ ذلك الوقت وحتى وقتنا الحالي، ومن أهم مقتنيات المتحف الإسلامى ما يلى :

تراث العصر الفاطمى

تميزت دولة البلاط فى عصر الخلفاء الفاطميين بالبذخ حيث كانت قصورهم تتكون من قاعات مفتوحة على أروقة وحدائق ، يحيط بها أسوار تتخللها الأبواب وقد تميزت عمائرهم بالفخامة حيث عرفت مصر الإسلامية فى عهدهم التشييد بالأحجار وزخرفة واجهات المنشآت على نطاق واسع ، وكان الخلفاء يخرجون فى أبهة وعظمة كى ينالوا إعجاب رعيتهم وجدير بالذكر أن القصر الشرقي تميز إحتوائه على سكن الخليفة والدواوين، أما القصر الغربى فقد كان مخصصًا لولى العهد ونساء الخليفة كما تم استغلال الساحة الواسعة بين القصرين كمكان لعروض التشريفات الخاصة بالمراسم الفاطمية.

ويعد العصر الفاطمى إلى جانب ذلك أحد أزهى العصور الإسلامية فى مصر، من حيث الثراء والتنوع الفنى وقد ظهر انعكاس ذلك على مختلف الفنون التطبيقية التى امتازت بتنوع موضوعاتها الزخرفية ما بين مناظر البلاط والحياة اليومية والصيد والطرب الموسيقى كما زاد اهتمام أيضًا بالموضوعات الشعبية التى ظهرت بوضوح على التحف الفاطمية مثل لعبة التحطيب .

واهتم الفاطميون كذلك بالأعياد والإحتفالات والمواسم الإسلامية تقربًا إلى الشعب المصري مثل موسم رأس السنة الهجرية ويوم عاشوراء والمولد النبوي الشريف ومولد سيدنا الحسين ومولد السيدة فاطمة الزهراء وتروى لنا المصادر التاريخية كيفية إحتفالهم بغرة رمضان حيث كان الخليفة الفاطمى يرسل فى أول يوم من شهر رمضان لجميع الأمراء وغيرهم من أرباب الرتب والخدم لكل واحد طبق ولكل واحد أولاده ونسائه طبق فيه حلوى وبوسطة سره ذهب ولم يغفلوا كذلك الاهتمام بالأعياد المسيحية مثل خميس العدس ويوم الغطاس.

 تراث العصر المملوكى

المماليك كلمة عربية تعنى الرقيق أى العبيد ذى البشرة البيضاء وقد كانوا يجلبون إلى مصر من وسط آسيا والقوقاز وجنوب آسيا ليتم تربيتهم وتنشئتهم على الدين الإسلامى والحياة العسكرية ليكونوا جنود لحماية مُلك الأيوبين وقد قسم المؤرخون هذا العصر إلى فترتين

المماليك البحرية 648-784هـ/ 1250-1282م

ويرجع سبب تسميتهم بالبحرية إلى أنهم تربوا بالقلعة التى بناها الصالح نجم الدين أيوب فى جزيرة الروضة بنهر النيل ، أو ربما لأنهم جُلبوا إلى مصر عن طريق البحر وقد تمكنوا من التصدى للخطر المغولي الذى كان يهدد مصر حيث هزموا المغول فى معركة عين جالوت سنة 25 رمضان 658هـ/3 سبتمبر 1260م.


المماليك البرجية 784- 923 هـ / 1282-1517م.


أطلق عليهم البرجية لأنهم تربوا فى أبراج قلعة الجبل وقد استطاع المماليك حماية حدود الدولة المصرية من أطماع الدول المحيطة بها ، إلى أن بدأ ضعف أوصال الدولة المملوكية نتيجة أسباب مختلفة أهمها إكتشاف البرتغاليين لطريق رأس الرجاء الصالح الأمر الذى أدى فى النهاية إلى ضياع وفقد سيطرة المماليك التجارة فى الشرق.

وقد استغل العثمانيون كل هذ الأمور لصالحهم للقضاء على دولة المماليك حيث قاموا بهزيمة السلطان الغورى قرب حلب فى موقعة مرج دابق وكذلك هزيمة السلطان طومان باى آخر سلاطين المماليك فى موقعة الريدانية وقد انتهى هذا العصر بدخول العثمانيين مصر سنة 923 هـ /1517 م ، وقد خلف لنا المماليك مجموعة ضخمة من المنشآت المتنوعة مثل المساجد والمدارس والأضرحة والأسبلة والكتاتيب والبيمارستانات وغيرها هذا إلى جانب الأعمدة الفنية التى كانت تزين هذه المنشآت ويمكن القول أن هذا العصرهو العصر الذهبى للعمارة والفنون الإسلامية فى مصر.

    الاكثر قراءة