الإثنين 29 ابريل 2024

الرضا الوظيفي بين الواقع والمأمول بأروقة العدالة

أخرى30-12-2020 | 23:01

تعتبر مصلحة الشهر العقاري والتوثيق القلعة الحصينة لحماية الملكية العقارية وملاذ المواطنين لحماية وصون ممتلكاتهم ، وهي الجهة القانونية الوحيدة التي أناط بها المشرع لتكون الأمينة على إتمام عملية الشهر والتوثيق ،  فهي صاحبة الولاية العامة لحماية وحفظ الملكية وشهرها وتوثيقها وكافة التصرفات التي ترد عليها للأفراد مصريين كانوا أم أجانب ، وكذلك الأشخاص الاعتبارية وتأتى على رأسها الدولة . مما حدا بالمشرع إلزامية تسجيل الأحكام النهائية لمن صدرت لهم تلك الأحكام على أن تكون حجة على الكافة ، ولما كانت طبيعة عملها قضائية، وهي حجر الزاوية في الاقتصاد المصري ، بالإضافة إلى دلالة الملكية العقارية التي تؤكد على استقرار النظام الاجتماعي في مصر باعتبارها وظيفة اجتماعية وعنصرا من عناصر الثروة القومية والتي تسهم في دوران عجلة الاقتصاد في مصر ، ولذا يجب أن تتوافر الحماية القانونية والتقدير المهم والمادى الذي يكافئ هذا العمل والمكان والمكانة العاملين بها، وأتذكر جيدا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي كان أول اهتماماته بداية  توليه الرئاسة لهذا القطاع والعمل على تطويره وتحسين أداءه وتوفير كافة المتطلبات للعنصر البشرى وتكريمهم وتشجيعهم وحمايتهم ، وكانت هذه التوجيهات للمستشار حسام عبدالرحيم وزير العدل السابق،  وكذلك المستشار أحمد الزند بحضور مساعد الوزير آنذاك المستشار ممدوح طبوشة ومرت سنوات ، ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، المستشار عمر مروان وزير العدل، بتكريم المتميزين من شباب الجهات والهيئات القضائية والاهتمام بمنظومة المحاكم والشهر العقاري والتوثيق، وفي غضون أيام وقتها قامت وزارة العدل بالتنسيق مع المجلس الأعلى للهيئات القضائية بترشيح المتميزين ، وكان من بين المكرمين شقيقة وزير العدل التي رشحها رئيس هيئة قضايا الدولة دون علم الوزير ، وتم حفل التكريم  منذ أكثر من ثلاث  شهور، وهذا التكريم والتقدير من رئيس الجمهورية ووزارة العدل دعم كبير معنويا للسادة أعضاء الجهات والهيئات القضائية، ويخلق روح المنافسة في التمييز ، وترقب الجميع بعد ذلك بفترة  تعميم تكليقات وتوجيهات الرئيس لوزارة العدل لدعم قدرات الكوادر البشرية وتعزيز الكفاءات الفنية وتحفيزهم في سبيل الارتقاء بمنظومة العدالة وخاصة قطاع الشهر العقاري والتوثيق، وخاصة أن هذا التوجيه الرئاسي لم يكن مقتصرا لفئة معينة بل إستراتيجية محدده سابقا تقوم بها وزارة التخطيط انفاذا لتعليمات الرئيس ولذلك خصصت جائزة سنوية لتحفيز روح التنافس بين الموظفين من جهة، والمؤسسات الحكومية من جهة أخرى ، بتكريم المتميزين في أداء الخدمات العامة تكريماً معنوياً ومادياً مما يرسخ قيم العطاء والانتماء والتميز، ويحفز الجميع على الارتقاء بمستويات الأداء والالتزام بمعايير الجودة والتميز والإبداع  الصالح العام.


ومن منطلق هذا كنت أتمني أن أرى وزارة العدل تتعامل مع العاملين بالشهر العقاري والتوثيق كما ينبغي أن يتم مع أقرانهم بباقي الهيئات والقطاعات الخاضعة لوزارة العدل،  وفي ذات الوقت التزاما لتوجيهات وتعليمات رئيس الجمهورية.


لمست مجهودا كبيرا  في مختلف مكاتب ومأموريات سواء الشهر العقاري والتوثيق ، المجهود المبذول من العاملين رغم من قلة أعدادهم ،  وتدني مرتباتهم وتجاهل صرف مستحقاتهم المتأخرة منذ أكثر من عامين إلا انهم يتحملون  الكثير،  أعلم جيدا أن إدارة الشهر العقاري والتوثيق بوزارة العدل تقوم بعمل رصد يومى للمعاملات لجميع المكاتب سواء التي مازالت يدوية أو إليكترونية والتي تحولت بجهود العاملين بهذه المكاتب والتبرعات ،  حتي يتم اعتمادها إليكترونيا بديله عن الملفات اليديوية ، وكذلك فروع التوثيق بمكاتب البريد والمراكز التكنولوجية ، حسب المتابعات الميدانية التي لا تختلف كثيرا عن متابعة الوزارة سوى مشاهدة مدى معاناة الكوادر البشرية وألاداء المحترم مع المواطنين ، فعلي سبيل المثال مكتب يتردد عليه في اليوم أكثر من ٦٠٠ مواطن ويصل أحيانا لألف مواطن ، عدد المعاملات التي يتم الانتهاء منها ٣٥٠ معاملة ويزيد في بعض الأحيان لـ٤٠٠ معاملة ،  المعاملة الواحدة عبارة عن توثيق محرر يتضمن أكثر من مواطن، أحيانا يتم عمل توكيل من ثلاثة أشخاص مثلا أو عقد بيع من طرفين أو عقود شركات ومحررات عرفية من أكثر من مواطن جميع  هذه المحررات يتم توثيقها ، وكذلك في مكاتب بقنا والأقصر أيضا تتعدى عدد المعاملات يوميا ٣٨٠ معاملة، وفي محافظات وجه بحري تزيد المعاملات عن ٥٠٠ معاملة يوميا بخلاف أعداد المترددين على المكاتب .


لذا كان من الضروري أن تعمل وزارة العدل ممثلة في مساعدها المستشار أشرف رزق  أن يكون اهتمامه بمشاكل العاملين بالشهر العقاري والتوثيق، وتنفيذ مطالبهم، وتشجيعهم وتكريمهم ، فلا ينبغي ابدا أن يكون الشغل الشاغل لمساعد الوزير ارقام المعاملات ، والايرادات ، ويتجاهل مستحقات الوفيات ممن ساهموا بعمرهم ولم يجدوا تكريما معنويا في حياتهم ، ولا وتكريمهم وهم موتي .


وأخيرا وليس آخرا  أذكر القاضي أشرف رزق  مساعد وزير العدل للشهر العقاري والتوثيق ، بمفاهيم الفاروق عمر بن الخطاب  في كتابه لأبي موسي الأشعري الذي ولاه قضاء الكوفة  إنَّ صحَّة الفهم والفقه في القضية من أهمِّ ما يُساعد على القضاء العادل ، ولا يكفي أن ينطق القاضي بالحكم العادل، بل عليه أن يُنفِّذه ، وذلك بإعلان الحكم والإلزام به ، ثُمَّ أخذ الحقِّ لصاحبه إذا رفض المدَّعى عليه تسليمه ، و المساواة بين الجميع   علي حد سواء ، فإذا اختلَّ أحدها تسرَّب الطمع إلى القويِّ بحيف القاضي، واليأس إلى الضعيف من العدل.

    Dr.Randa
    Dr.Radwa