الإثنين 17 يونيو 2024

"بوليفار ومارتي لا يزالون على قيد الحياة".. جزء جديد من "أحجار على رقعة الأوراسيا"

فن2-1-2021 | 11:17

تنشر "الهلال اليوم" الجزء الثاني من الفصل السابع لكتاب "أحجار على رقعة الأوراسيا"، للكاتب عمرو عمار، والصادر عن دار «سما» للنشر والتوزيع:


بوليفار ومارتي لا يزالون على قيد الحياة


ظل نموذج فنزويلا وكوبا، في أمريكا اللاتينية، حالة صداعٍ مزمن في رأس الإمبراطورية الكونية، والكوربوقراطية، سواء خلال سنوات الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، أو ما بعد الحقبة السوفيتية وسقوط الشيوعية، وحتى الآن. 

أحفاد (سيمون بوليفار) في فنزويلا، وأحفاد (خوسيه مارتي) في كوبا، وغيرهم من رسل الاستقلال، وقيادات التمرد ضد الاستعمار الإسباني؛ مع كل دورةٍ من دورات الزمن، لا يريدون الاستسلام للرواية الأمريكية، يقفون بالمرصاد ضد اقتصاد السوق الحرة، وهيمنة الإمبراطورية الكونية على دول أمريكا اللاتينية، ويرفضون مساعي الكوربوقراطية الرامية إلى نهب موارد البلاد. 

 تتعاقب الإدارات الأمريكية المختلفة، واحدة تلو الأخرى، على مخططات وكالة الاستخبارات المركزية، للإطاحة بهذه الأنظمة الحاكمة، وتذهب هذه الإدارات خالية الوفاض. 

ورغم الدولارات الطائرة التي تصل إلى أوكارها اللاتينية المعروفة، تفشل الانقلابات العسكرية التي تنظمها وكالات الاستخبارات الغربية، وتدعمها وكالات زعزعة الاستقرار الأمريكية، مثلما تذهب النسخة الخاصة باستراتيجيات شارب عن حروب اللاعنف، أدراج الرياح، حتى عمليات ضمان الولاءات، وشراء ذمم المنشقين، والنخب المثقفة من اللاتينيين، ما زالت غير كافية لزعزعة أيديولوجية هذه الشعوب، أو تشويه عقيدتهم، تجاه الثورة البوليفارية ضد الاستعمار القديم. 

ورغم نجاح وسائل الإعلام الغربية، ونهايتها الطرفية داخل هذه الدول، في تشكيل بيئةٍ دعائية فعالة تستطيع الوصول إلى كل بيتٍ لاتيني، ومخاطبة العقول، وتشويه الحقائق، وصناعة الصورة الزائفة، لكنها لم تتمكن من جر هذه الشعوب إلى الشارع، طيلة عقودٍ مضت.

الكاوبوي الأمريكي لا يريد الاستسلام، ويخشى من هذا النموذج العنيد أن يمتد إلى دول الجوار، وربما يصبح أكثر إلهامًا حتى لدول من خارج القارة، تكتوي بالفعل من اقتصاد السوق الحرة، وتبحث عن البديل. 

الأمر لا ينطوي على تراجع هيبة أمريكا العالمية، وتشويه سمعتها على هذه المساحة من الكرة الأرضية فحسب، بل أصبح يهدد بقاء الإمبراطورية الكونية، ومصالح الشركة الأمريكية (الكوربوقراطية) طالما ظلت المقولة الشهيرة لكلٍّ من (هوجو تشافيز) و(فيدل كاسترو) داخل عقول هذه الشعوب الصلدة: وحدة الشعب هي مفتاح هزيمة الإمبراطورية