الأربعاء 29 مايو 2024

"حصان عبد الراضي".. ننشر قصة قصيرة جديدة لـ عويس معوض

فن3-1-2021 | 12:33

"حصان عبد الراضي"


"قأقأت الدجاجات وتقافزت عندما دخل عبد الراضى بالحصان الى الدار؛ علق له جوال العلف فى عنقه ليأكل كيف يشاء ؛ كما وضع حزمه من البرسيم أمامه على الارض؛ مسح عبد الراضى على عنق الحصان ورأسة فنفر وحمحم فى ود؛ تحسس جسد الحصان؛ نادى على زوجته لتحضر( صبغة اليود)ليضعها على جرح فى جسده ؛ ثم قبل حصانه وخرج٠ وضعت زوجته الطعام حول ( الطبلية) جلس عبد الراضى وصغيريه وزوجته؛ يشيل اللقمة من فمه ليضعها فى فم الصغيرين؛ يضحك فتنكشف أسنانه التى فرق الزمن بينها ؛ يمسح شاربه الكث بطرف كمه ويحمد الله٠منذ أن اشترى العربة الكارو ذات الاربع عجلات والحصان ؛ مشي الحال معه وجرى القرش فى يديه؛ تراه فى الصباح وهو يعلق العربة على ظهر الحصان ويسحب طرف جلبابه من فتحة ثوبه ويكبس شعره داخل الطاقية التى لم تفلح أن تضم شعره الاشعث بكامله فيتناثر الشعر من حولها ؛ يعتلى العربة ويشد اللجام ٠ الكل يحبه حتى حصانه ؛ تلمحه وهو يطرقع بسوطه فى الهواء ليسرع الحصان عندما تكون الحمولة ثقيلة؛ او وهو يجرى بحصانه مكرراً جلد الهواء عندما تخلو العربة من حمل فيضرب الحصان الارض بقدميه عدواً ويضحك عبد الراضى فى سعادة كأنه يسابق الريح؛ عندما ترتفع الحرارة يأخد حصانه الى الترعة ليحممه بصابونه فيلمع جسد الحصان وترتعد عضلاته ٠ لم يحرم عبد الراضى اسرته من متعه العربة فيأخدهم فوقها ومعهم الطعام والشراب فى نزهة ؛ كانت زوجته التى تجلس خلفه تضع له الطعام فى فمه حتى لا تشغله عن القيادة فينتشي ٠

ذات يوم ثقلت الحمولة فوق العربة ؛ لاحظ عبد الراضى كسل الحصان فتعجب فالحصان كان يجر ماهو اكثر ولا يكل؛ طرقع بالسوط فى الهواء ليستحثه على السير؛ طرقع مرة اخرى على ظهر الحصان؛ لكن الحصان وقع ؛ مالت العربةفوق ظهره اغمض عينينه وبدلا من الصهيل اصدر حمحمات متقطعه ؛ التف الناس حول العربة خلصوا الحصان من العربة ؛ حاولوا ان يرفعوا الحصان ففشلوا ؛ مال رأس الحصان وفقد التنفس حوقل الناس قال احدهم: ربنا يخلف عليه احتضن عبد الراضى الحصان وبكى بكاء مريرا ٠ ظل فى منزله فترة طويلة حزينا لايجلس مع اولاده ؛ لايعرف كيف تدبر زوجته الطعام؛ بعد أيام شاهد الناس عبد الراضى بعربة صغيرة لها عجلتان فقط ويجرها هو بدلا من الحصان ؛ يلف ذراعيه حول أيدى العربة؛ يحنى ظهره للأمام حافى القدمين مطأطأ الرأس ؛ اختفت الابتسامه التى كانت تملأ وجهه؛ قل عمله؛فكيف له ان يحمل ماكان يحمله أيام العز ؛ من يقصده فى حموله تكون قليلة من باب العطف ٠ فى نفس المكان الذى وقع فيه الحصان ؛ وقع عبد الراضى وقع جثة هامده ؛ لم يحمحم ولم تتلاحق انفاسه".