الإثنين 25 نوفمبر 2024

أخرى

قمة العلا.. وتحديد المصير

  • 3-1-2021 | 15:29
طباعة

تكتسب قمة العلا الخليجية التي تحمل الرقم 41 أهمية بالغة، حيث تعيش المنطقة العربية زخما كثيفا في عدد من الملفات الاستراتيجية شديدة التعقيد، ويعد من الاختصار المخل الحديث عن البحث عن تحقيق الوحدة وتعميق التعاون، فالمراقب للتحرك العربي الذي تقوده أطراف الرباعي العربي يتأكد أن التناغم العربي يعيش فترة غير مسبوقة من التنسيق الحكيم وسط خضم تآمري لم يهدأ لشق هذا التحالف القوي.

وقد يظن البعض أن قمة العلا المرتقبة ستعلن انفراجا غير مشروط مع النظام القطري، ألعوبة الأتراك والإيرانيين، أو محاولة لتفكيك إرادة عربية قررت أن تعلن وقفة مع ذلك النظام الضال الذي ظن أنه قادر بتحالف قذر مع تركيا وإيران قادر على لي ذراع الإرادة العربية، وفرض ما لا يمكن قبوله، وبعد سنوات من المقاطعة العربية التي لم تستهدف يوما إلى عدوان أو اعتداء بل سعت لإعادة قطر إلى رشدها ومحيطها العربي، ظن القابعون في الدوحة أن الاستقواء بالخارج يمكن أن يوفر لها قدراً من كرامة اغتصبت من الأتراك الذين أفرغوا خزائن الشعب القطري وثرواته، إلا أن الثبات في الموقف كان الصخرة التي تكسر عليها الوهم القطري، فشروط التصالح قائمة والطريق إليها واضح.

يجتمع القادة العرب في قمة العلا ويشهد التوتر الإيراني الأمريكي أوج موجاته خاصة بعد الحشد العسكري الأمريكي الذي أصاب ملالي إيران بالارتباك، فقد تأكد للجميع أن ذلك النظام الفاجر لا يريد خيراً ولا تعاوناً وأنه متمسك بعبثه السياسي في كل من لبنان وسوريا واليمن ودول الخليج، ويمارس سياسات توسعية أدخلت المنطقة في نطاق استقطاب دولي ضيع الكثير من فرص التنمية والرخاء على شعوب المنطقة.

قمة بالغة الأهمية في ظل انتقال عثر للسلطة في الولايات المتحدة الدولة الأكثر انخراطا في قضايا المنطقة وسط بزوغ لشمس الصين اقتصاديا وسياسيا، وهنا ينتظر كل الأطراف سماع صوت العرب واستطلاع الخطوط العريضة لخريطة مستقبلهم.

إن الجهود المصرية السعودية لتنسيق الموقف العربي بني على إيمان عميق لا يتزعزع بضرورة الاصطفاف تحت راية فهم عميق للتطورات الجيوسياسية التي أعقبت ثورات الخراب العربي وذيوله، فقد نجح العرب في كشف النفاق التركي ومحاولات التسلل الخبيث، كما نجح العرب في كشف المراوغة القطرية ومحاولتها تقديم نفسها كضحية لمحاولة حصار جائر، كما نجح العرب في كشف المراوغة الإسرائيلية والتلاعب باسم السلام لابتلاع حقوق الفلسطينيين. أهداف عديدة ومهمة سجلها القادة العرب في مرمى السياسة الدولية وذلك بالتزامن مع التسلح العسكري في عالم لا يعترف إلا بالقوي شريكا يحترم.

ووسط كل هذا الزخم تتعلق الأبصار والقلوب بقاعة المرايا التي ستشهد انعقاد القمة الأهم والأكثر سخونة عبر تاريخ انعقادها.

ومن المؤكد أن هناك من المتربصين بهذه القمة من يستبقونها بحملات تثبيط وتشكيك وإحباط تستهدف إظهار القرار العربي عاجزا مكبلا متقبلا لسياسة فرض الرأي التي باتت ضربا من ضروب السياسة حول العالم ومن هنا يجب أن نبعث برسالة إعلامية تخاطب الوجدان العربي مفادها أن انتظاركم لتلك اللهجة الصارخة في تثبيت الحقوق أو الإعلان عنها مشهد قديم فقد تغيرت ساحات المعارك وتنوعت ولم تعد الحروب أيام تحلق فيها الطائرات وتزأر المدافع فيها بل إن مفهوم الحرب الحديثة باتت أكثر تعقيدا من ذلك وتتطلب جهدا متنوعة ملفاته لتحقيق الغاية فلم تعد إراقة الدماء السبيل الوحيد اليوم لتحقيق الغايات.

من هنا ينتظر القادة العرب قمة استثنائية في وقت حاسم وفارق من تاريخ هذه الأمة، فالعالم اليوم يعيد تشكيل موازين قواه ومن يتغيب عن المشهد سيكون أول الضحايا، أما من كان على بينة من طريقه فقد حان الوقت أن يصدع العرب بإعلان أنفسهم شريكا إقليميا قويا وقادرا على أن يكون في صفوف صناع القرار في العالم الجديد متعدد الأقطاب.

 

    الاكثر قراءة