تتفاقم المخاوف تدريجيا في تونس من استفحال انتشار وباء كورونا وعجز المستشفيات عن استيعاب المصابين، خاصة مع تسجيل ارتفاع حاد في معدل انتشار العدوى في محافظة صفاقس جنوبي البلاد، في وقت حذر فيه الأطباء من مغبة دخول السلالة الجديدة إلى البلاد في ظل ضعف الإمكانيات الطبية.
وشهدت محافظة صفاقس في الجنوب الشرقي لتونس في الأيام الأخيرة ارتفاعا غير مسبوق لعدد الحالات الحاملة للفيروس والتي بلغ عددها 13816 حالة منذ بداية انتشار الوباء، من بينها 381 إصابة سجلت يوم 4 يناير 2021.
وسجلت المحافظة أمس الثلاثاء 329 حالة وفاة بمرض كوفيد-19، في وقت بلغ فيه عدد المقيمين في المستشفيات العمومية والمصحات الخاصة 197 شخصا.
وكشفت حملة التقصي الأخيرة التي أعلنت عنها السلطات الصحية في الجهة، أن ربع الخاضعين لتحاليل الكشف عن الفيروس هم حاملون لمرض كوفيد 19.
وحذر عدد من الأطباء من حدوث حالة انفجار وبائي في محافظة صفاقس إذا ما واصل مستوي العدوى ارتفاعه، داعيين السلطات المحلية إلى مضاعفة الإجراءات الوقائية وفرض عقوبات صارمة على المخالفين.
وقال الدكتور ذاكر لهيذب في المستشفى العسكري "إن محافظة صفاقس على أعتاب "انفجار وبائي"، بدليل أن الفيروس أصبح منتشرا في جل المناطق والعائلات، مؤكدا ارتفاع قدرة الفرد على نقل العدوى للمجموعة إلى أكثر من ثلاثة أشخاص.
وفسر لهيذب بلوغ محافظة صفاقس هذا المستوى من الخطورة إلى التهاون الملحوظ في تطبيق الاجراءات الصحية وخاصة منها ارتداء الكمامة، مضيفا أن الازدحام الكبير على اقتناء قوارير الغاز المنزلي في الفترة الاخيرة ساهم بشكل مباشر في ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا.
وحذر الدكتور من أن تنامي معدل الإصابات سيبرز في الأسابيع القليلة المقبلة من خلال ارتفاع الطلب على أسرة الإنعاش والأكسجين داخل المستشفيات.
واضاف لهيذب "علي الرغم من أن محافظة صفاقس هي الأعلى كثافة سكانية بعد تونس العاصمة فإنها تعاني نقصا في عدد أسرة الإنعاش، مشيرا إلى أن المحافظة لا تحوي سوى ثلاثة مستشفيات عمومية ذات طاقة استيعاب ضعيفة جدا مقارنة بالعاصمة"، مضيفا أن هذا المعطى سينتج وضعا صحيا حرجا في الأيام القادمة.
والمح لهيذب الي أن خطورة الوضع تقتضي اتخاذ إجراءات وقائية مغايرة مثل إغلاق المدارس بهدف التقليص من حالة الإزدحام في حركة المرور. وأضاف أنه إذا تم تطبيق الإجراءات الصحية بصرامة فمن المتوقع أن تشهد المحافظة انفراجا في غضون أسبوعين أو ثلاثة.
ومن جانبه، حذر المستشار لدى منظمة الصحة العالمية ورئيس لجنة الصحة سابقا في البرلمان سهيل العلويني من ارتفاع معدل الإصابات في محافظتي نابل (الشمال الشرقي) والمنستير (الوسط الشرقي) التي شهدت تسارعا في معدل انتشار العدوى بفيروس كورونا.
وأكد العلويني ان هذا الارتفاع بسببين أساسيين، أولهما فصل الشتاء الذي عادة ما تنشط فيه العدوى بالنسبة للأمراض الفيروسية على غرار فيروس كورونا، وثانيهما هو حالة التراخي في تطبيق الاجراءات الوقائية والاكتظاظ في الأماكن المغلقة.
وأشار العلويني الي أن المخاوف الحقيقية تكمن في دخول السلالة الجديدة من فيروس كورونا إلى تونس والتي تتسم بسرعة انتشار أقوى من سابقتها.
وقال إن امكانية تسجيل إصابات بالسلالة الجديدة في البلاد واردة جدا وأن تونس ليست بمعزل عن العالم خاصة في ظل تواصل حركة الطيران إلى فرنسا وإيطاليا وبلجيكيا.موضحا أن تونس ليست جاهزة لمجابهة هذه السلاسة، في ظل ضعف الامكانيات الطبية ومحدودية طاقة استيعاب المستشفيات على مستوى توفر أسرة الأكسجين والإنعاش.
وأوصى العلويني بتشديد إجراءات الرقابة على تطبيق الإجراءات الطبية تجنبا لحدوث سيناريو إنجلترا، موصيا بتطبيق إجراء الحجر الصحي الموجه على المناطق التي يتجاوز فيها عدد الإصابات بفيروس كورونا 250 إصابة في اليوم.
وتشير آخر الإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة التونسية إلى بلوغ عدد الإصابات بفيروس كورونا 144796 إصابة في جميع أنحاء البلاد، فيما وصل عدد الوفيات الناجمة عن الاصابة به 4862 حالة وفاة.
وأعلنت تونس اليوم عن إنشاء لجنة قيادة للحملة الوطنية للتلقيح ضد وباء كوفيد 19 التي من المنتظر أن تنطلق خلال الأشهر القليلة القادمة، بعد أن تم حجز مليوني جرعة من لقاح فايزر من المتوقع أن تصل في النصف الثاني من سنة 2021.