بكل تأكيد في
عالم المال والأعمال الكلمات لها ثمن فمجرد تصريح من مسئول من الممكن أن يؤدي إلى
انهيار قطاعات كاملة بالبورصة، وإلى عدم استقرار شركات، فهناك العديد من الأفكار
المطروحة والتي لا تغفل على أحد فالأمر يحتاج إلى حلول خارج الصندوق فقط .
تمتلك الشركة أصولا
مثل الأراضي والمخزون الخام الذي يقدر بملايين الأطنان بقيمة مليارات الجنيهات،
حيث يصل خام الشركة من مناجم الواحات البحرية والحجر الجيري والدولوميت من محاجر
الأدبية في السويس، كما أن الطاقة الإنتاجية لا تعمل بالصورة الأمثل، وأشارت
تقارير إلى أن توقف خطوط الإنتاج متكرر لأوقات كبيرة حتى وصل زمن التشغيل إلى 8% ! وبالتالي الحديث عن
أن قيمة المصنع ضئيلة هو أمر غير دقيق .
كما أن الشركة
قدمت أدوارا عظيمة لخدمة المجتمع المصري حيث ساهمت الشركة في بناء السد العالي في
أسوان، وساهمت في بناء حائط الصواريخ الذي كان له دور هام في حماية سماء مصر
وصناعة قرار العبور في حرب أكتوبر 1973، إلى جانب الدور الاجتماعي للشركة من خلال
تشغيل العمالة وامتلاكها لنادي رياضي، فالشركة لها العديد من الأدوار الاقتصادية
والاجتماعية والوطنية، وبالتالي فإن قرار التصفية يستحق كل الاهتمام من المتخصصين
والمهتمين بل والمجتمع المصري كله.
صحيح أنه كان هناك
العديد من محاولات الإصلاح إلا أنها فشلت،
حيث أن في عام 2017 في عهد الوزير السابق خالد بدوي طرحت الشركة مناقصة لرفع طاقة المصنع
إلى 1.2مليون طن سنوياً وإنشاء مصنع لاستغلال "الاسكراب" الخردة وتم إلغاء
المناقصة .!
عانت الشركة من
سوء إدارة خلال فترات طويلة وكان من الممكن الاستعانة بمستثمر شريك محلي أو أجنبي
دون التصفية والتي لم تكن الحل الوحيد والأمثل، وخصوصاً أن المبدأ العام في عالم
الشركات والأعمال أن الشركة وجدت لتبقى وتستمر وأن التصفية هي أخر الحلول المتاحة
خاصة مع شركة قدمت إسهامات بارزة في الاقتصاد الوطني، كما أن عملية التصفية تفتح
باب الأسئلة حول تقييم أصول الشركة، حيث تواجه معظم الشركات التي توقف نشاطها سواء
القطاع العام أو الخاص مشكلات في تقييم أصولها، ولذلك لابد أن تتم عملية التصفية
بمنتهى الاحترافية.
يمكن تقديم رؤية
للحل عن طريق زيادة الأرباح من خلال زيادة المبيعات وضبط التكاليف مع وضع خطط
لزيادة الطاقة الإنتاجية بالتزامن مع إعادة جدولة ديون الشركة حيث معظم ديون
الشركة لشركات ومؤسسات حكومية "الكهرباء والغاز وبنوك حكومية" وهو أمر
يسهل عمله بشكل أو بأخر، وكان لرئيس الشركة القابضة السابق الدكتور مدحت نافع جهود
كبيرة، في هذا الإطار.
كما يمكن وضع تصور لإعادة هيكلة العمالة
الموجودة، محاسبيا من الممكن أن تكون منتجات خسارة أو خطوط إنتاج كاملة لنفس
الشركة تحقق خسائر ولها منتجات وخطوط أخرى
تحقق أرباحا ولا يتم إلغاء الخطوط الخاسرة أو تصفيتها وذلك بسبب التكاليف الثابتة
والتي ستوزع على الخطوط الباقية التي تحقق أرباحا فيسبب تصفية الخط الخاسر دمارا
لكامل الشركة
! .
هناك نموذج ناجح
لشركات القطاع العام في الفترة الأخيرة حيث تم تطوير وتشغيل المرحلة الأولى من
مصنع الدلتا للصلب، وتم التطوير وفقاً لمراحل، في البداية كانت خطوط الإنتاج تعاني
من التقادم والإهلاك حيث كانت الأفران قديمة ولا تعطي الإنتاجية المطلوبة، خطة
التطوير تهدف إلى رفع قيمة إنتاج الشركة من 50ألف طن إلى 250 ألف طن سنوياً ثم
مضاعفة كمية الإنتاج لتبلغ 500 ألف طن سنوياً بالإضافة إلي الاتجاه لاستغلال 38
فدانا من أصول الشركة غير المستغلة، خسائر شركة الدلتا بلغت في 2017-2018 نحو
77مليون جنيه وانخفضت إلى 48 مليون جنيه في 2018-2019، مطلع عام 2020 وأكد الوزير
هشام توفيق آنذاك أن المصنع سيحقق 200 مليون جنيه أرباح سنوية بدلا من الخسائر،
بكل تأكيد يعد تطوير مصنع الدلتا للحديد والصلب إنجاز كبير وغير مسبوق ويحسب
للوزارة ومجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية وقتها.
ووفقا للمعلن فإن
الشركة لديها خسائر متراكمة منذ 23 عاما وهناك خطأ فني حيث كان يتم عمل قيد محاسبي
لإظهار أن الشركة تربح بمقدار 4 ملايين جنيه سنوياً على مدار 10 سنوات فمن حق المجتمع
المصري أن يعرف من المتسبب في الخطأ؟ وهل هذا مجرد خطأ محاسبي فني أم هناك أسباب أخرى؟.
كما أن هذا
الخطأ الفني –إن وجد- يفتح الباب أمام حاملي الأسهم للجوء إلى القضاء والتحكيم
بخصوص دقة القوائم المالية للشركة خلال السنوات الأخيرة .
رسالة إلى من
يهمه الأمر رسالتي إلى صناع القرار بضرورة إعادة تقييم فكرة تصفية مصنع الحديد
والصلب، أتوجه بمناشدة إلى رئيس الجمهورية والدكتور رئيس مجلس الوزراء والمستشار
رئيس مجلس النواب، بالتدخل الفوري والعاجل وبالاستماع إلى كافة الآراء وإعطاء فرصة
أخيرة لمحاولة إنقاذ الشركة من التصفية، صحيح أن هناك مجموعة من النواب بمجلس
النواب قدموا طلبات للمناقشة حول تصفية مصنع الحديد والصلب وقاموا بدورهم
البرلماني في تحقيق الشفافية ولكن نتمنى أن لا ينتهي الموضوع بإجراءات شكلية.