حالة من الترقب في الشارع المصري، عقب البدء في تنفيذ قانون تنظيم انتظار المركبات، مع تلقي المحافظات طلبات الحصول على رخصة "سايس" من جانب العاملين بتنظيم حركة انتظار السيارات، وكذلك الشركات التى تسعى لتأجير أماكن في الشوارع، مقابل مبالغ مالية يتم تحصيلها من أصحاب السيارات.
وبين مؤيد ومعارض لهذا القانون، حاولت "الهلال اليوم" استطلاع أراء العاملين في هذا المجال، وانعكاسه على حياتهم، وكذلك معرفة أراء أصحاب السيارات في هذا القانون، باعتبارهم الفئات المستهدفة.
نصر: أرحب بالترخيص وهناك بلطجية يعملون سياس
يقول ناصر عابد عطية، البالغ من العمر 42 عاما، إنه يعمل في مهنة "السايس" منذ 15 عاما، حيث لجأ إليها بسبب العجز الذي يعاني منه في إحدى يديه، وإصابته بالمياه البيضاء في عينيه، وعدم قدرته على معالجتها بسبب نقص الأموال، ما اضطره إلى ترك مهنته كسائق.
وأعرب ناصر عن ترحيبه بالقانون الجديد، الذي يساعده في تحقيق الاستقرار المادي، واستعداده لإحضار جميع الأوراق المطلوبة للحصول على ترخيص لمزاولة مهنة السايس، حتى يحصل على قوت يومه بالحلال، خاصة أنه حاصل على شهادة الدبلوم.
ولفت إلى أن عدم وجود تصاريح لهم، تضعهم أمام طائلة القانون من وقت لأخر أثناء الحملات التي تقوم بها وزارة الداخلية على "السياس"، مشيرا إلى أنه شخص معروف لأهل المنطقة لأنه ولد بها، ما يجعل أصحاب السيارات يثقون فيه، ويعطونه المفاتيح كأمانة.
وأوضح إنه يتعرض لمضايقات من بعض المسجلين الموجودين بالمنطقة والذين يعملون سياس، ويتعاطون المخدرات ويبيعونها في نفس الوقت، وهو ما يجعل البعض يسئ لمن يعملون في هذه المهنة، مشيرا إلى أنه يقوم بحراسة السيارات من اللصوص.
وعن الأموال التي يتقاضاها، قال إنه يترك الأمر لأصحاب السيارات، فلا يفرض عليهم رقم معين، فهناك من يعطيه 5 أو 10 جنيهات، وهناك من يرفض أن يعطيه أموال، ويسأله عن رخصته، أو أي إيصال يثبت إنه يتقاضى المال.
وأشار إلى استعداده للذهاب إلى الحي أو المحافظة، للتوقيع على كافة الأوراق المطلوبة، في مقابل التصريحات والإيصالات التي يقوم بتوزيعها على أصحاب السيارات، خاصة أنه يأتي من الساعة السابعة صباحا وحتى السادسة مساء، لأنه يعتبرها مهنته التي يتكسب منها.
أم سيد: "لدي رخصة سايس وأدفع 5130 جنيه شهريا للمحافظة"
فيما قالت الحاجة أم سيد، البالغة من العمر 58 عاما، إنها تعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 25 عاما، عن طريق رخصة مزاولة مهنة سايس من المحافظة، حيث تدفع كل شهر 5130 جنيها، فضلا عن المبلغ التأميني الذي دفعته أول مرة ووصل إلى 15000 جنيه.
وأضافت أنها تعمل مع زوجها كل يوم من الساعة 7 صباحا حتى الساعة 1 من اليوم التالي، حيث تستعين بسياس آخرين يقومون بحراسة السيارات ليلا، ويتقاضون أجر يومي.
ولفتت أم سيد، إلى أنها تعمل هي وزوجها من أجل تربية الأبناء، وتوفير حياة كريمة لهم، خاصة أن العمل ليس عيبا، مؤكدة أنها تتعرض لمضايقات من بعض البلطجية الذين يحاولون أن يأخذوا مكانها في المنطقة التي تتكسب منها قوت يومها.
وأوضحت أن هناك اشتراكات شهرية للسيارات تصل إلى 300 جنيه، حيث تساعدها على توفير مبلغ الـ5000 جنيه، فضلا عن تسديدها أموال القرض الذي تحصلت عليه، من أجل دفع المبلغ التأميني.
وعن تعامل أصحاب السيارات معها، قالت إن التعامل يختلف من شخص لأخر، فهناك من يتعاملوا معها برفق باعتبارها سيدة كبيرة، ويعطونها ما تطلبه، وهناك من يتعاملون معها بطريقة سيئةـ ويوجهون لها السباب.
أما عصام عبد العال، فيبلغ من العمر 40 عاما، ويعمل في هذه المهنة 6 سنوات، من أجل توفير الرزق لزوجته وأولاده، حيث يقوم بغسل السيارات وحراستها ومساعدة أصحاب السيارات في الركن.
وأضاف أنه يجلس من الساعة 8 صباحا حتى الساعة 10 مساء، حيث أنه لا يفرض تعريفة معينة على أصحاب السيارات، فهناك من يدفع جنيهين وهناك من يعطيه 5 أو 10 جنيهات.
وفيما يتعلق بتقنين أوضاعهم، رحب عصام بفكرة أن يكون هناك ورق رسمي لهم، يجعلهم يعملون بشكل قانوني، ويكون الأمر مريحا لأصحاب السيارات، حتى يشعروا بالأمان والثقة تجاه من يتعاملون معهم.
وتقول هناء السيد، صاحبة الخمسين عاما، إنها تعمل في هذه المهنة منذ شهرين، وقد سمعت عن القانون الجديد من خلال الراديو، حيث تحمست لأن تحضر أوراقها وتحصل على الترخيص اللازم لمزاولة المهنة.
وأوضحت إنها كانت تعمل في السابق في بيع الخضروات، إلا أنها قررت أن تتركها وتبحث من خلال معارفها عن وظيفة جديدة، حيث ساعدوها من خلال الحديث مع أهل المنطقة، حتى تتمكن من الحصول على حق ودي في أن تكون السايس في الشارع.
ولفتت هناء، إلى أنها لم تحدد أرقام معينة من الأموال، فهي تترك الأمر لأصحاب السيارات، الذين يعطونها بسخاء بين حين وأخر، كما إنها لا تعترض حين لا يعطيها أحد أي أموال؛ لأنها تخجل أن تطلب منهم، بحسب كلامها.
رضا: "أعمل موظفا بالحي وسايس في أوقات الفراغ"
وفي ساحة انتظار السيارات، يقول رضا محمد، البالغ من العمر 50 عاما، إنه يعمل موظفا بالحي منذ 24 عاما، وفي وقت فراغه يعمل كسايس في هذه الساحة المُرخصة من المحافظة، لأن راتبه لا يكفيه هو وأسرته، فلجأ إلى هذا العمل الإضافي، كحل لمشكلته المادية، عكس من يعملون سياس دون أن يكونوا تابعين لأي جهة، أو لديهم تراخيص أو وظيفة ثابتة.
وأضاف أن الميدان الذي يعمل فيه ملئ بالبلطجية المسجلين خطر، فأصبحت مهنة من لا مهنة له، لأن العمل فيها لابد أن يكون له إجراءات من خلال الذهاب للمحافظة، والتأكد من أن المكان الذي يقف فيه مؤهلا أن يصبح ساحة انتظار للسيارات من الأساس أم لا، حتى يقوم بتأجيره.
وأكد أن الحكومة منذ سنوات بعيدة كانت تحرص على توفير ساحات لانتظار السيارات، لكن مع التزاحم، تغير الوضع، فلم يكن يتواجد السياس في الشوارع بهذا الشكل، مؤكدا أن البطالة هي السبب الرئيس وراء هذه الظاهرة، إلا أنه في الوقت نفسه أعرب عن ترحيبه بقرار تقنين أوضاعهم حتى يتم ضبط الأوضاع بدلا من العشوائية التي تتم بها الأمور، وحتى يكون هناك مسؤول رسمي عن السيارات في حال ضياعها أو خبطها.
ولفت إلى أن هناك مشكلات تواجه أصحاب السيارات في الشارع، وهي اختفاء السايس عند قدوم ونش، فتأخذ السيارة مخالفة أو تتعرض للكلبشة، فالسايس هنا لا يعتبر مسؤول، فيبحث عنه صاحب السيارة بعد أن أخذ منه المال ولا يجده.
وعن أسعار ركن السيارات في ساحة الانتظار، قال إن الساعة الأولى تكون بـ 10 جنيهات، وبعد ذلك يتم حساب الساعة بـ 5 جنيهات، وعند سؤاله عن أن يكون ارتفاع أسعار ساحة الانتظار وراء تجنب أصحاب السيارات وضع سياراتهم داخل الساحة، قال إن الأمان عنصر هام لصحاب السيارة، ولابد أن يدرك ذلك بعيدا عن الأموال، خاصة أن مستأجر الساحة ملزم بدفع أموال شهرية قيمة الإيجار للمحافظة.
وأكد أنه لا يتقاضى أموال من أصحاب السيارات، فهو يقوم بتوفير المكان لصحاب السيارة، ومساعدته على ركن سيارته فقط، ولكن صاحب السيارة يدفع عند البوابة ويأخذ إيصال مدون عليه عدد الساعات والقيمة المدفوعة.
حسين: ساحة الانتظار أكثر أمانا للسيارات من الشوارع
أما حسين محمد، البالغ من العمر 22 عاما، فهو حاصل على دبلوم، ويجلس على بوابة نفس الساحة، ليحاسب أصحاب السيارات على ساعات الانتظار، فهم يحددون لهم التعريفة قبل دخولهم الساحة، خاصة أن المكان محاط بالكاميرات من كل مكان.
وأوضح أن هناك شاشة عرض يكون بالقرب منها موظف، يتابع كل حركة في الساحة، وفي حال تصادم أي سيارة، يتم تحديد المسؤول من خلال الكاميرات، ويتكفل من صدم السيارة بإصلاحها على نفقته.
ولفت إلى أن السهولة التي تبدو للبعض في المهنة، إلا أن المخاطر والمسؤولية التي تقع على عاتقهم في حال سرقة أي سيارة تكون كبيرة، لأنهم يكونوا ملزمين بحماية جميع السيارات طوال الليل والنهار.
وعلى بعد خطوات منه في نفس ساحة الانتظار، قال محمد السيد، صاحب الـ 33 عاما، إنه يعمل في هذه المهنة منذ 13 عاما، حيث كان يعمل في السابق كهربائي، لكنه اضطر مع ضيق الأحوال أن يعمل في هذه المهنة، خاصة أنه لم يحصل على أي مؤهل دراسي.
وأضاف أنه يعمل في هذه الساحة منذ 7 أعوام، ويتقاضى 100 جنيه عن اليوم الواحد، حيث يعمل من الساعة 9 حتى الساعة 11 مساء، وعلى الرغم من الجهد الذي يبذله من أجل حماية السيارات، فإنه يتعرض للإهانة في حال حدوث مشادات كلامية مع أصحاب السيارات، بحسب كلامه.
وأكد أن السؤال الذي يطرح عليه بشكل دائم يكون عن الرخصة، معربا عن ترحيبه بالقانون الجديد الذي يعطيه ترخيص لمزاولة مهنته، حتى تحميه وتشعره بالأمان، مشيرا إلى أنه يحدث مشاحنات مع السياس في الشارع، بسبب رغبتهم في استقطاب أصحاب السيارات لأماكن الانتظار لديهم في الشارع، فضلا عن المشكلات التي تحدث في حال كلبشة سيارة، فيأتي أصحابها إليهم، على الرغم من أنها خارج الساحة، وتكون تحت حراسة من يعملون في الشارع.
موظفة: لست مضطرة لدفع أموال للسياس في الشارع
على الجانب الأخر، تقول فوزية حسن، التي تعمل موظفة في إحدى الشركات، إنها تلجأ إلى ركن سيارتها في الشارع؛ لعدم وجود جراج بالقرب من عملها، وبالتالي ليس مضطرة أن تدفع أموال للسياس في الشارع، لأنه نوع من البطالة المقنعة.
وأشارت إلى أن القانون الجديد يضع أعباء جديدة على كاهل أصحاب السيارات، لأن وقتها الدفع لن يكون بشكل ودي مع السياس، بل سيكون إلزاميا، وهو ما تراه غير عادل بالنسبة لها، خاصة أنها تتحرك كثيرا، متسائلة: "هل أكون مجبرة على دفع أموال في كل منطقة أذهب إليها بالإضافة إلى تحملي تكاليف جراج للسيارة بجوار منزلي".
وأوضحت أن راتبها محدود ولا يتحمل مصاريف ركن للسيارة في كل مكان، مطالبة الحكومة بضرورة مراجعة الأليات الخاصة بهذا القانون، لأنه يحتاج إلى راتب أخر، لابد أن يوفره صاحب السيارة بجانب تكلفة البنزين.
مهندس: تقنين الأوضاع مطلوبا وأتمنى أن تكون تعريفة الركن منطقية
وفي سياق مختلف، رحب منصور حسان، الذي يعمل مهندسا، بفكرة تقنين أوضاع السياس، مشيرا إلى أنه يترك سيارته ساعات طويلة في الشارع، ويقوم السايس بحراستها له من السرقة.
ولفت إلى أن تحديد مسؤولية السايس بشكل قانوني عن العربيات يعطيه طمأنينة أكثر من أن تتعرض سيارته للسرقة أو التصادم، مشددا على ضرورة تقنين الأمور في الشوارع؛ لأنها باتت تتم بشكل عشوائي لاسيما في وسط العاصمة.
وطالب في الوقت بنفسه بأن تكون التعريفة المحددة لركن السيارة منطقية، بحيث لا يجد صاحب السيارة نفسه مطالبا بدفع أموال كثيرة، فيدخل في مشادات مع السياس، ما يجعل الأمر يزداد تعقيدا.
أمين شرطة: مسجلون خطر يعملون "سياس" والتراخيص لابد من اشتراطها حسن السير والسلوك
ويقول م. أ، إنه من خلال عمله كأمين شرطة، صادف الكثير من حالات البلطجة التي تتم في الشارع تحت دعوى مهنة السايس، لافتا إلى أن الكثير منهم يتقاضي أجرته من أصحاب السيارات، ولا يقومون بأي دور تجاه السيارات.
ولفت إلى أن هناك بلاغات تأتي بسرقة سيارات يكون لها علاقة بالبلطجية المنتشرين في الشوارع، والذين يحرصون على رصد تحركات صاحب السيارة، وأحيانا يقومون بنسخ المفاتيح عن طريق إيهام صاحب السيارة بضرورة ترك المفتاح لهم، محذرا من إعطاء أي مفاتيح للسياس.
وأشار إلى أن أصحاب السيارات يفضلون ركن سيارتهم بالقرب من أماكن تواجدهم بصرف النظر على العواقب، ما يجعل السيارة معرضة للكلبشة، وهو إجراء يتم اتخاذه ضد السيارات التي تصطف في الشارع بشكل عشوائي، وتمنع حركة المرور، مشددا على ضرورة تنبه صاحب السيارة لضرورة وضعها في جراج حماية لها من تحرير المخالفات.
وأكد أن هناك سياس يعملون من خلال تصريحات من المحافظة، إلا أن نسبة كبيرة منهم يعملون دون اتباع الإجراءات الرسمية، والحصول على الأوراق اللازمة، معربا عن ترحيبه بالقانون الجديد، خاصة أن من لديهم صحيفة جنائية مليئة بأعمال البلطجة، معروفين لدى أقسام الشرطة التابعة لكل منطقة، وهو ما يمكن الاستعانة به في استبعاد الأشخاص الذين اعتادوا على الإجرام، بحيث يتم إعطاء الترخيص لمن معروف عنهم حسن السير والسلوك.