بقلم – عبد اللطيف حامد
لا أجد مبررا مقبولا للحكومة لـترددها فى مسألة علاوة العاملين بالدولة من غير الخاضعين لقانون الخدمة المدنية، الموظفون فى كل الجهات تساءلوا فى البداية همسا ثم همهمة ثم ارتفع صوت المطالبة والشكوى، حتى وصل إلى القاصى والدانى فى حين مجلس الوزراء يفكر ثم يفكر دون قرار، وكأنه قرار الحرب - لا قدر الله -، يا سادة الأيدى المرتعشة فى الأمور المصيرية لا تصنع مستقبلا فما بالكم بالمسائل الهامشية، والأهم أنها حقوق، ومكتسبات تاريخية لا تحتاج «لف ولا دوران».
“العلاوة أمتى.. وليه التأخير « سؤال يطرح على مدى ١١ شهرا بالتمام والكمال. والحكومة ودن من طين وودن من عجين، رغم أن الموضوع بسيط، والرقم هزيل لا يسمن ولا يغنى من جوع، حده الأدنى ٦٥ جنيهًا والأقصى ١٢٠ جنيهًا، يعنى لا تكفى ثمن فرخة للأول ولا كيلو لحمة للثانى، أنجزوا، بلاش فضايح، دول شوية فكة، يا حكومة، ليه بنعيد ونزيد، الموضوع زاد عن حده، وهناك من يرى فى الأمر إذلالا، وكأنه طلب حسنة، بلاها علاوة، بس اعملوا اللى عليكم، ووقفوا لهيب الأسعار من الغذاء للدواء.
يا جماعة الخير حتى إجمالى المبلغ يتراوح بين ٢.٥ إلى ٣ مليارات جنيه، ويستفيد منها ٣ ملايين من العاملين بالدولة، فلا مجال للتهرب أو الادعاء بأن تدبيره صعب، لو الموازنة غير قادرة على تحمل هذا الرقم الهزيل يبقى على الدنيا السلام، يبدو أن النية كانت مبيتة بليل على عدم صرفها أو على الأقل تخفيضها لنحو ٢ فى المائة، والرهان على نسيان الناس فى دوامة الأحداث المتلاحقة، لكن الوزراء تجاهلوا المثل الشعبى المعروف «عض قلبى ولا تعض رغيفى»، خاصة فى الظروف الاقتصادية الصعبة التى تسبب فيها قرارات الإصلاح الاقتصادى، وتعويم الجنيه يكفى.
الغريب أن الحكومة ضربت «لخمة « فى قضية العلاوة، «رجل ورا ورجل آدام» لكنها كانت كالحصان الرهوان فى مشروع قانون زيادة رواتب الوزراء ونوابهم، والمحافظين، ونوابهم - المجمد خوفا من رد فعل الرأى العام، وتصدى بعض نواب البرلمان له- مادته الأولى نصا على أن يتقاضى رئيس مجلس الوزراء راتبا شهرياً ٤٢ ألف جنيه، ويحصل نوابه، والوزراء من أعضاء الحكومة، والمحافظون على ٣٥ ألف جنيه شهرياً، أما نواب الوزراء والمحافظين ٣٠ ألف جنيه، من المؤكد أن هذا لا يمنع الحوافز والبدلات والعلاوات، والذى منه.
عند زيادة مرتبات الوزراء والمحافظين، لا مماطلة، لا تفكير، لا اجتماعات بالساعات بين ممثلى وزارة المالية وبين الوزارات، لا تشكيل للجان كما هو المعتاد فى كل الملفات، فعلا الحكومة تدرك جيدا أن أى موضوع تريد أن تدخله «الثلاجة» ليموت إكلنيكيا تشكل له لجنة، وبدورها تقوم بتشكيل لجان فرعية، و»حورينى يا كيكة» و»التعلب فات على ديله سبع لفات، والدبة وقعت فى البير»، قرار الإحالة لمجلس النواب كان سريعا، وتحويله للجنة الخطة والموازنة على الفور أما علاوة الموظفين الغلابة تظل تائهة، ولا مسئول يبل ريقهم بكلمة، وإذا حصل يظل مجرد تسريبات، وتصريحات لمصادر رفضت ذكر اسمها، وعند اللزوم يلقى اللوم على الصحفى العلانى، والمحرر الترتانى، فرقعة صحفية.
تخيلوا حتى بداية هذا الأسبوع مازالت الحكومة منقسمة، وتحديدا وزارة المالية. فالدكتور محمد معيط نائب الوزير لشئون الخزانة العامة قال لجريدة الأهرام يوم الجمعة الماضى إن الحكومة ستصرف العلاوة بعد إقرارها من مجلس النواب. وتصديق الرئيس السيسى على قانونها مباشرة، بصورة مجمعة للفترة من يوليو إلى أبريل من العام المالى الحالى، ودون انتظار لمرتب شهر مايو المقبل، تيسيرا على المواطنين خاصة مع قرب حلول شهر رمضان المعظم، لكن فى اليوم التالى ينسف الوزير عمرو الجارحى هذا الكلام بقوله : صرف العلاوة فى نهاية مايو المقبل، ووضع لجنة القوى العاملة فى البرلمان فى مأزق لأن أعضاءها وعدوا العمال بها قبل العيد، وحتى أمس كان قانون العلاوة» دايخ يا ولداه تحت القبة، وكأننا فى حسبة برما، نصدق مين، ونكذب مين.”
للأسف التردد تحول لسياسة حكومية متراكمة على مدى عقود طويلة فى الكثير من الملفات والقضايا الرئيسية قبل الفرعية، مما يفقد المواطنين الثقة فى صدور القرارات فى الوقت المناسب، وإذا صدرت لا يشعرون بأهميتها لأنهم يعلمون أن التنفيذ يخضع لحسابات وأهواء وأشياء أخرى، فتنتشر حالة اللامبالاة، لابد من علاج شاف لا يترك سقما فى شرايين صناع القرار لتستقيم أمور الدولة ثم تنعكس على جموع المصريين.والله أعلم.