الأحد 26 مايو 2024

رحلة خطيرة مع «أبو الفتوح» إلى مقر المخابرات البريطانية

3-5-2017 | 13:11

بقلم – ثروت الخرباوى

 

الاسم: المعهد الملكى للشئون الدولية، اسم الشهرة: معهد تاشتام هاوس، المقر: لندن، تزعم أوراق تأسيسه أنه «منظمة غير حكومية محايدة مهمتها الأساسية هى تحليل الأحداث الدولية الجارية وتقديم حقائق عنها لكل المهتمين» تاريخ التأسيس عام ١٩٢٠، الحقيقة هى أن هذا المعهد تابع للمخابرات البريطانية يقوم بمهام تحليل المعلومات، وإعداد الأبحاث المتعلقة بالشرق الأوسط، وجماعات الإسلام السياسى!

الحديث فى هذا المقال عن عبد المنعم أبو الفتوح، ولكننا بدأنا بمعهد تاشتام البريطانى المخابراتى، ولكن هل هناك صلة بينهما؟ الإجابة على هذا السؤال هى موضوع هذا المقال، وأعتقد أننى أكتب هنا موضوعا من أخطر ما كتبت، لأننى أدخل إلى عش الدبابير «المؤذية» أو تستطيع القول إننى أدخل إلى منطقة ملغومة محفوفة بالمخاطر، ولكن البحث عن الحقيقة فى وقت أزمات يتعرض لها الوطن أهم من أى شىء آخر.

 

أما عن معهد تاشتام فقد أنشأته المخابرات البريطانية سيدة المخابرات فى العالم الغربى عام ١٩٢٠ بعد أربعة أشياء فارقة فى تاريخ البشرية، وأيضا فى تاريخ مصر والشرق الأوسط فى ذات الوقت، الحدث الأول هو الحرب العالمية الأولى التى انتهت عام ١٩١٨، والحدث الثانى هو معاهدة فرساى للسلام التى أعقبت مؤتمر باريس للسلام عام ١٩١٩، وهى المعاهدة التى وقَّعت عليها الدول التى انتصرت فى الحرب العالمية الأولى، إلى جانب معاهدات فرعية تم التوقيع عليها مع بعض الدول الخاسرة فى تلك الحرب، وأهمها معاهدة «سيفر» التى وقعت عليها الدولة العثمانية عام ١٩٢٠ باعتبارها من دول «المركز» التى خسرت الحرب العالمية الأولى، وقد كان توقيع الدولة العثمانية على تلك المعاهدة بمثابة النعش الأخير للخلافة العثمانية بحسب أنها التزمت فيها بالتخلى عن كل الدول غير الناطقة بالتركية، وبوجب معاهدة سيفر تم تقسيم بعض الدول العربية على الدول المنتصرة فى تلك الحرب، فخضعت فلسطين للانتداب البريطاني، وسوريا للانتداب الفرنسي، وحصلت بريطانيا وفرنسا وإيطاليا على الامتيازات النفطية التى كانت الدولة العثمانية قد أعطتها لألمانيا فى الدول العربية. أما الحدث الثالث فهو إنشاء عصبة الأمم عام ١٩١٩ رغم معارضة أمريكا لإنشائها، لأنها اعتبرتها تستهدف توزيع غنائم الحرب العالمية الأولى على الدول الأوروبية، والحدث الرابع هو مصر، نحن! هو ثورة ١٩١٩ التى قام بها الشعب المصرى ضد الاحتلال الإنجليزي، وترتب عليها أن أوفدت بريطانيا إلى مصر «ميلنر» المسئول عن المستعمرات البريطانية ليستقصى ويحلل للأسباب التى أدت إلى قيام تلك الثورة، خاصة أن هذه الثورة كانت هى ثانى ثورة ضد الإنجليز بعد حركة العصيان الهندى التى حدثت عام ١٨٥٧.

كانت هذه هى الأجواء السياسية الدولية التى حدت بالمخابرات البريطانية إلى إنشاء معهد تاشتام هاوس ليقوم بدور كبير فى تحليل المعلومات وإعداد البحوث التى تحتاج لها الأقسام النوعية فى المخابرات، ومن ثم الانطلاق إلى صُنع سياسات، وتغيير أنظمة، وترتيب انقلابات، وإنشاء جماعات وجمعيات وأحزاب فى دول العالم الثالث التى كانت تخضع للاحتلال الإنجليزى من أجل تحقيق أهداف بريطانيا العظمى، خاصة أن النزعات الاستقلالية قد تكاثرت بعد الحرب العالمية الأولى، وإنشاء عصبة الأمم المتحدة مما حدا ببريطانيا إلى التفكير فى كيفية السيطرة على البلاد التى ستحصل على استقلالها بعد الاستقلال، وما هى الأدوات التى ستمكنهم من ذلك؟

وإذا كان الكل يعلم أن بريطانيا قامت بتمويل جماعة الإخوان وقت أن أنشأها حسن البنا، إلا أن أحدا لم يفكر كثيرا فى لماذا تم اختيار البنا دون غيره من أجل مساعدته فى إنشاء جماعته، وما هى الكيفية التى وصلت بها بريطانيا العظمى لذلك الشاب العشرينى الذى لم يكن قد تجاوز الواحد وعشرين من عمره! رغم أن مصر قد ظهر فيها قبل حسن البنا ـ وقت أن كانت بريطانيا تبحث عن عميل إسلامى ـ الجمعية الشرعية، وجمعية أنصار السنة، وجمعية الشبان المسلمين! ولكن التاريخ يحدثنا أن حسن البنا بعد حصوله على الشهادة المتوسطة لدار العلوم قد آثر ألا يُكمل تعليمه للحصول على الشهادة العليا لكلية دار العلوم، وسافر برغبته للعمل بتدريس الخط العربى فى مدرسة إلزامية بالإسماعيلية مقر شركة قناة السويس! وكان بعض المؤرحين قد كتبوا أن البنا وقع فى يد المخابرات البريطانية بعد أن ذهب للإسماعيلية، ولكن الوثائق البريطانية كان لها رأى آخر، فقد كشفت أن التعامل مع حسن البنا كان أثناء دراسته بدار العلوم، ومن بعدها لم يقم بإكمال تعليمه وسافر مباشرة للإسماعيلية ليبدأ فى إنشاء أخطر جماعة حركية فى القرن العشرين تنسب نفسها للإسلام، ولكى تكتمل الصورة أقول أن ملنر وزير المستعمرات البريطانية عندما جاء إلى مصر ليبحث عن أسباب ثورة ١٩١٩ عاد إلى بريطانية بكم معلوماتى عن نشأت تيار قومى مصرى قوى وان رموز هذا التيار هى التى قادت ثورة ١٩١٩، وأن الفكرة القومية خلصت إلى نزعة استقلالية قوية عن الخلافة العثمانية، وأن تلك الخلافة فى عصورها الأخيرة تمسكت بأهداب الإسلام وزعمت أنها خلافة إسلامية، وأن تلك الخلافة لها فى مصر تيارات فكرية مناصرة لها بحسب أنها «إسلامية»، وأن الفكرة التى تنسب نفسها للإسلام تخاصم الأفكار القومية، لأنها تعتبر أن الإسلام وحده هو قومية المسلم، وأن القومية الوطنية هى عنصرية يرفضها الإسلام! وأن فى مصر عدة جمعيات إسلامية حديثة تقف موقف المعارضة من الداعين للاستقلال عن الخلافة العثمانية!.

وعاد ميلنر إلى بريطانيا ليضع أمام رئيس الوزراء البريطانى تلك المعلومات، فأعطاها بدوره للمخابرات التى وضعتها أمام مجموعة من العلماء المتخصصين فى علوم الاجتماع والسياسة والتاريخ، الذين وضعوا تصورا يستهدف القضاء على فكرة القومية الوطنية فى مصر وإذكاء روح الوطنية الدينية، وتحويلها من فكرة إلى حركة، وأن هذا الأمر سيترتب عليه قسمة المجتمع المصري، وبالتالى وقوعه دائما تحت سيطرة بريطانيا من خلال العميل المنتظر، الذى يجب أن تساعده الحكومة البريطانية من أجل الوصول للحكم. ولأن الجمعيات الدينية فى مصر فى هذا الوقت لم تكن جمعيات حركية بل جمعيات ذات نزعات سلفية، تسعى من خلال سلفيتها إلى تحقيق ماترى أنه الإسلام الصحيح، بمعنى أنها كانت بمثابة معاهد دينية وليست جمعيات حركية لذلك كانت هذه الحركات هى أبعد ما يحقق هدف المخابرات البريطانية، وبعد هذا حدث أمران، الأمر الأول فى بريطانيا وتمثل فى إنشاء المخابرات لمعهد «تاشتام هاوس» وكانت مجموعة العلماء التى التحقت بهذا المعهد وقت نشأته هى ذات المجموعة التى وضعت خطة «إنشاء جماعة دينية حركية فى مصر» وقد فصَّلت فى كتابى «أئمة الشر» هذه الخطة وأدواتها من خلال الوثائق البريطانية، أما الأمر الثانى فقد تأخر لبضع سنين عندما وجدت بريطانيا مبتغاها فى فتى طموح خلفه أسرار لا يزال التاريخ لم يكشف عنها بعد، هو حسن البنا صاحب ومؤسس جماعة «الإخوان البريطانية» عام ١٩٢٨.

ومنذ سنوات وضع معهد تاشتام هاوس نظاما سنويا لجوائز عالمية يعطيها للشخصيات المؤثرة فى العالم من ناحية السلام والتنمية، حيث يقوم ممثل للملكة بتقديم هذه الجائزة لصاحبها، فإذا بجائزة عام ٢٠٠٧ تصل إلى الأميرة «موزة» زوجة الأمير حمد وأم الأمير تميم! ويقوم أحد الأمراء بتسليم الجائزة للأميرة موزة نيابة عن ملكة بريطانيا، كما أعطى المعهد جائزته العالمية عام ٢٠١٠ للرئيس التركى الأسبق عبد الله جول وهو أحد رموز الحركة الإسلامية فى تركيا والصديق اللدود ـ حاليا ـ لأردوغان، وفى عام ٢٠١٢ حصل المنصف المرزوقى وراشد الغنوشى على جائزة هذا المعهد!. وعبر تاريخ «تاشتام هاوس» قام بتعيين عدد من المسلمين العرب فى أقسامه البحثية والتحليلية كان آخرهم الإخوانية «مها عزام» التى تعتبر حاليا أهم باحثة فى هذا المعهد، وهى تلميذة طارق رمضان حفيد حسن البنا، ولها علاقات وثيقة بقيادات التنظيم الدولى للإخوان، ونظرا لأنها مقربة من الحكومة البريطانية بشكل ملحوظ فقد ساهمت فى إعداد التقرير الأخير لمجلس العموم البريطانى الذى برأ الإخوان من الإرهاب!.

وفى مقال أرجو أن يكون قريبا سأكتب عن معهد بريطانى آخر هو معهد «تافيستوك» الذى أنشأته المخابرات البريطانية عام ١٩٤٧ بعد الحرب العالمية الثانية والمهمة الرئيسية لهذا المعهد هى تصنيع الرأى العام وتشكيل الوعى لقبول الأنظمة واللوائح والممارسات، وذلك من خلال وسائل غسيل مخ جماعية، والتحكم فى النشاط العقلى، والبرمجة الاجتماعية، والسيطرة على المجموعات من خلال إحداث حالة من الرعب يسهل على الناس فيها قبول الأفكار المطلوبة، وهذا المعهد هو المسئول الأول عن ثورات الربيع العربى مع معهد كارنيجى الأمريكي، وأظن أن رُسل هذين المعهدين قد هبطوا على مصر قبل ثورة يناير بفترة سمحت لهم بتنفيذ برامج معاهدهم، كما أن معهد تافيستوك هو الصاحب الحقيقى لفكرة إنشاء الفيس وبعض وسائل التواصل الاجتماعي، وتم استخدام شخصيات تابعة للمخابرات البريطانية لتظهر فى صورة المالك لتلك الوسائط، وعطفا على ماسبق نستطيع أن نحلل لعداء الإخوان لجمال عبد الناصر، فبعد أن كان قريبا منهم ومتحالفا معهم انقلبوا عليه، وظل المؤرخون يحللون لأسباب هذا الانقلاب، إلا أن السبب الرئيسى هو أن عبد الناصر كان من أنصار القومية العربية، وكان يعادى بفكرته القومية الإنجليز وأعوانهم، والإخوان هم عملاء الإنجليز لذلك كان من الضرورى أن يناصبوه العداء ويحاولوا قتله.

انتهينا من معاهد المخابرات الأمريكية، لندخل الآن إلى عبد المنعم أبو الفتوح الذى سافر إلى بريطانيا مؤخرا بناء على دعوة وجهها له معهد «تاشتام هاوس» المخابراتى البريطانى ليلقى محاضرة فى ندوة أعدت فاعلياتها «مها عزام» ويدور موضوعها عن تجربة الإسلام السياسى فى الحكم بعد ثورات الربيع العربي، أسباب الفشل، وطرق النجاح، وقد كان الغنوشى يحاضر فى تلك الندوة، ومعه همام سعيد مراقب الإخوان فى الأردن، وشخصيات أخوانية أخرى، وبعد أن انتهت الندوات رتبت مها عزام لأبو الفتوح لقاءً تلفزيونيا مع قناة البى بى سي، وهى كما يعلم الكافة قناة تابعة للمخابرات البريطانية، وشن أبو الفتوح فى هذا اللقاء المتلفز هجوما ضاريا على مصر، وعلى الرئيس السيسي، ودل هجومه على أنه يقوم بتنفيذ خارطة طريق بريطانية سبق وأن وضع ملامحها معهد «تاشتام»، وحينما ناقشت مع بعض أصدقاء أبو الفتوح ما قاله الرجل عن مصر قالوا لى إنه يعيش فى حالة انفصال عن الواقع، فقلت لهم لا إنه يعيش فى حالة اندماج مع أجندة تحركها معاهد بحثية مشبوهة، والدليل على ذلك أنه قال ماردده معهد تاشتام منذ ثورة يونيو من أنمصر تعيش حاليا حالة سياسية غير مسبوقة من المصادرة والمنع والاختفاء القسري!، وقد أضاف أبو الفتوح من عنده «تلسينا» على الرئيس السيسى حينما قال»إن من يسعى لإنفاذ اتفاق تيران وصنافير داخل النظام المصرى هم ممن يُطلق عليهم الصهاينة العرب»! مع أن وصف صهاينة العرب ينطبق أشد الانطباق على جماعته الفاشية المتعسكرة التى تعيش فى حالة استعلاء على الجميع، وتتبع خُطى الصهيونية الرامية لإنشاء دولة عالمية لليهود، وهو نفس منطق الإخوان الذين يريدون إنشاء دولة عالمية للإخوان! ولكن هذا الحوار كانت له أهمية كبرى لأبو الفتوح، إذ أنه من خلال التصريحات التى أطلقها فى هذا البرنامج سيستطيع الحصول على شعبية افتقدها داخل جماعته، وبالخصوص عند الشباب منهم، ولذلك كان أول ما قاله هو احتمالية أن يرشح نفسه فى انتخابات الرئاسة القادمة! ثم انصبت تصريحاته بعد ذلك على الهجوم على الرئيس السيسى واتهامه بالخيانة، والدفاع عن جماعة الإخوان،وهذه التصريحات المنفلتة والمسيئة قد تضمن عودة الشعبية الإخوانية لأبو الفتوح، وتلك الشعبية قد تضمن له أشياء كثيرة منها احتمالية وصوله لموقع المرشد فى ظل الواقع الإخوانى المضطرب، فبديع فى السجن ووفقا للائحة سقط حقه فى المنصب، ومحمد كمال وقع صريعا أثناء مبادلته النيران مع رجال الشرطة، ومحمود عزت هارب لا يعرف أحد أين هو وماذا يفعل؟ والباقى يعيشون فى التيه بين تركيا وقطر وجنوب إفريقيا وأمريكا وبريطانيا وألمانيا.

ومن ناحية أخرى قد تساعده تصريحاته المسيئة فى الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية القادمة بحسب أنه لا يستطيع فعليا الترشح بعد انتهاء صلاحيته الوطنية لدى التيارات الوطنية، إلا إذا ضمن أصوات الإخوان والسلفيين والجماعات الإسلامية، فضلا عن تسخير إمكانيات الجماعة البشرية والمادية له، ليكون أبو الفتوح هو الباب الخلفى لعودة الإخوان للحكم مرة أخرى، ولن يستطيع أبو الفتوح فتح هذا الباب إلا من خلال التنظيم الدولى لجماعته والذى يعيش فى لندن تحت رعاية المخابرات البريطانية.

ومن أجل ذلك كان لابد لأبو الفتوح أن يلتقى بقيادات التنظيم الدولي، وبالفعل سنحت له الفرصة عندما تم دعوته لحضور مراسم تأبين حسن الترابى فى السودان، وفيها كان سيلتقى بكل قيادات التنظيم الدولى فضلا عن الجماعات الإسلامية المتحالفة مع الإخوان على مستوى العالم، ومن بينهم راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية الإخوانية، وكذلك الحزب الإسلامى الماليزي، الذراع السياسية للإخوان فى ماليزيا، والذى يترأسه عبد الهادى أوانج، القيادى بالتنظيم الدولى للجماعة، بالإضافة لقيادات إخوان الأردن، وكان تخطيطه أنه سيضعهم أمام مسئولياتهم، ويقنعهم بأن مساندته هى «المعركة الأخيرة للإخوان» من أجل العودة للحكم وتطهير الجماعة من أخطاء الماضي، وإظهارها بصورة بيضاء لا عيب فيها، ولكن التيار المناوئ لأبو الفتوح فى الإخوان والذى يرتبط بصلات قوية مع وزير سودانى سيادى استطاع أن يمنع دخلوه للسودان، إلى حد أن تم وضعه فى قوائم ترقب الوصول والمنع من دخول السودان قبل أن يسافر بأيام قليلة، وعاد أبو الفتوح من مطار السودان إلى مصر بخفى الأخ «حُنين» ولكن الحل البديل ظهر على الفور بمساعدة معهد «تاشتام هاوس».

كان الحل هو إرسال دعوة لأبو الفتوح كى يحضر ندوة من ندوات هذا المعهد فى لندن ويحاضر فيها، وبالفعل سافر وحاضر، وأثناء وجوده فى لندن عقد عدة جلسات مطولة مع الغنوشى وهمام سعيد وإبراهيم منير، والمقطوع به من خلال كل تلك المقدمات أن الحوارات التى دارت بينهم كانت تدور حول إخفاقات جماعة الإخوان، وكيفية إعادتها للحياة مرة أخرى وإنهاء حالة الانقسام التى تعيشها الجماعة حاليا، ويبدو أن أبو الفتوح طرح على قادة التنظيم الدولى فكرة «تهدئة» صراعهم فى مصر، من أجل أن تتوقف المتابعات الأمنية لتنظيماتهم المسلحة ولجانهم النوعية، وتوجيه جهود تلك اللجان والتنظيمات إلى تفعيل الصراع السياسى واستغلال الأزمات التى تمر بها البلاد، وفى ظن أبو الفتوح أن هذا الأمر سيظهره بمظهر منقذ الجماعة، أو سيعطى انطباعا للجاهلين بأنه يقوم بدور من أجل الصلح مع الدولة وإيجاد طريقة للعودة السياسية للجماعة، ولكن الأمر على غير ذلك يقينا، وسيظل أبو الفتوح يتخبط ويقع تحت تأثير تنظيمات مشبوهة ساعدته ذات يوم فى نقل الأموال والأفراد لتنظيم القاعدة فى أفغانستان، وقت مواجهة الاتحاد السوفيتى على الأرض الأفغانية، وقد كانت جماعة الإخوان، والقاعدة، وباقى الجماعات الإسلامية المسلحة تعمل فى أفغانستان نيابة عن أمريكا والغرب، وكان أبو الفتوح هو البوابة الكبرى التى فتحتها بريطانيا لأفغانستان، إذ لو تمكن الاتحاد السوفيتى هناك لتغير تاريخ العالم، ولكن «صاحب المحل» كان يخطط، وجماعة الإخوان تعمل، وأبو الفتوح يقوم بالتنفيذ. وقد كتبت ذات يوم عن أحلام فترة النقاهة لأبو الفتوح بأنه:»سينتهى عبد المنعم أبو الفتوح الحالم بالوصول إلى موقع المرشد، أو موقع رئيس الجمهورية، ولن يكون له أى أثر يُذكر فى حياتنا، لم يضف شيئا فى الفكر أو الفقه أو السياسة أو الوطنية» ولى أن أضيف إلى ما كتبته سابقا: «أنه خرج مشروع الدولة الوطنية المصرية وأصبح يقتات على موائد مشاريع لها نزعات استعمارية، تريد القضاء على مصر كلها، لا على حكومة أو نظام أو رئيس لها».

من هنا نستطيع أن نضع جملة مفيدة فنقول «إن المعهد الملكى للشئون الدولية الشهير بمعهد تاشتام هاوس التابع للمخابرات البريطانية، والذى يعمل فيه قيادات إخوانية مشبوهة مثل مها عزام، والذى أعطى جوائزه لقيادات فى التنظيم الدولى للجماعة، وجائزة للأميرة القطرية موزة، وجائزة لراعية الإخوان فى أمريكا هيلارى كلينتون، وهو ذات المعهد الذى وضع عشرات التقارير ضد مصر بعد ثورة يونيو، ووصفها بأنها انقلاب عسكري، وادعى أن الاختفاء القسرى أصبح أمرا عاديا فى مصر، وأن الاعتقالات لعشرات الآلاف تصدر جملة واحدة، وهو ذات المعهد الذى نظم مظاهرات فى لندن داعمة لتميم القطرى، وأردوغان التركى، وقد تزعمت مها عزام تلك المظاهرات، ورفعت لافتة مكتوبا فيها تحيا قطر!، هذا المعهد وجه دعوة لعبد المنعم أبو الفتوح ليحاضر فى ندوة يعقدها، وقد تمت دعوة أبو الفتوح لبريطانيا بعد أن فشل فى دخول السودان، ثم نظم له هذا المعهد لقاءً تلفزيونيا فى قناة تابعة للمخابرات البريطانية، قام فى هذا اللقاء بسب مصر واتهام رئيسها بالخيانة»، ولنا بعد ذلك أن نتساءل ونبحث، وننقب، هل هناك صلة بين أبو الفتوح والمخابرات البريطانية؟ قد نصل إلى إجابة، ولكننا فى كل الأحوال سنستمع إلى تصفيق حاد من الإخوان لأبو الفتوح، وسنستمع أيضا إلى إشادة بريطانية بأبو الفتوح، ولكن سنرى أبواب المصريين وهى تُغلق فى وجه أبو الفتوح، ليكون اسمه «أبو المغاليق».