تنشر بوابة "الهلال اليوم" الفصل التاسع من كتاب "أحجار على رقعة الأوراسيا"، للكاتب عمرو عمار، والصادر عن دار «سما» للنشر والتوزيع، وجاء بعنوان "الولايات المتحدة والشرق الأوسط".
الولايات المتحدة والشرق الأوسط
المحور الأوراسي الجيواستراتيجي الرابع
واحد من أربعة محاور جيواستراتيجية لتحقيق المصالح الجيوسياسية التي تضمن للولايات المتحدة الأمريكية الهيمنة على رقعة الأوراسيا في حقبة ما بعد السوفيتية؛ انضم لهذا المحور دول الشرق الأوسط وفق مشروع الشرق الأوسط الكبير؛ تلك الدول الغنية بالطاقة والتي تمثل أهمية استراتيجية لكلا اللاعبين الغربي والشرقي، على لوحة الشطرنج الكبرى.
واتساقًا مع هذا المحور، فقد جاءت بنود وثيقتي استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الصادرة عن فترتي ولاية (جورج بوش الابن) متطابقة إلى حدٍّ كبير مع وثيقة كلينتون الصادرة عام 1995؛ فيما يخص دمج منطقة الشرق الأوسط في اقتصاد السوق الحرة؛ إذ شهد عصر بوش الابن تثبيتًا تامًّا لدعائم سيطرة الكوربوقراطية على النظام المالي العالمي، واشتد عود العولمة بإدماج الدولة تلو الأخرى من منطقة الشرق الأوسط في اقتصاد السوق.
وثيقة استراتيجية الأمن القومي لإدارة بوش الابن
شهد أوائل عصر كلينتون، الاختراق الأول لاقتصاد السوق الحرة، والديمقراطية الغربية لهذه المنطقة، بأدبيات العولمة، من الديمقراطية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان؛ وضعت أهم ملامحها خلال (مؤتمر برشلونة الأورومتوسطي) عام 1995، لما بات يعرف فيما بعد بـ (الاتحاد من أجل المتوسط) عام 2008، حيث ضمت (43) دولة مطلة على البحر المتوسط.
واتساقًا أيضًا مع ضم دول الشرق الأوسط إلى الجانب الغربي من رقعة الأوراسيا، قام بوش الابن عام 2004، بإعطاء مشروع شيمون بيريز (الشرق الأوسط الجديد) بعدًا جديدًا، بانضمام خمس دول إلى الشرق الأوسط (إسرائيل – تركيا - إيران- أفغانستان - باكستان) لتصبح (27) دولة تتضمن ما عُرف بـ (الشرق الأوسط الكبير).
كانت الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، في منطقة الشرق الأوسط الكبير، تتمحور حول فرض الهيمنة لتأمين مصالحها القومية، وضمان أمن وبقاء إسرائيل، والعمل على تعظيم دورها وهيمنتها على دول المنطقة العربية، مع الحفاظ على استمرار تدفقات النفط من مراكز إنتاجه إلى مناطق استهلاكه، بالسيطرة على منابعه، والتي تمتلك ما يقرب من (70%) من الاحتياطي العالمي، وأيضًا المحافظة على المصالح والأهداف القومية بالمنطقة كسوقٍ استهلاكي لتصريف منتجاتها، بموجب قوانين منظمة التجارة العالمية؛ الأداة الحادة لاقتصاد السوق الحرة، والسلطة الثالثة جنبًا إلى جنب مع مؤسسات بريتون وودز.
ولهذا كان هناك اختلاف جوهري بين وثيقة كلينتون، ووثيقتي بوش، التي رسخت للعبة الحروب الدينية في المشرق العربي حينما أضافت إلى محتواها عبارة (الحرب على الإرهاب).