لم تأتِ
المبادرة بالإسراع في تنمية الصعيد والقرى الأكثر احتياجًا فيه، في شكل خطة عمل
حكومي دؤوب فحسب، إنما هي في الواقع رؤية استراتيجية لتنمية المجتمع يعد الأكثر
كثافة، بل والأكثر امتدادًا من جهة التواجد الجغرافي، إذ يشكل صعيد مصر الممتد من
جنوب الجيزة حتى أسوان عمقًا استراتيجيا مهمًا للدولة المصرية، بما يتسم به من
تماسك جغرافي علي شريط النيل، والترابط الشديد في كتلته السكانية الضخمة.
فما شهدته
المنطقة العربية في سوريا والعراق وليبيا من تفكك وانهيار بسبب المؤامرات التي
دمرت تلك الدول، كان العامل الحاسم في نفاذ تلك الخطط المسمومة هو قابلية تلك
المجتمعات للاختراق، كونها ليست نمطًا واحدًا متماسكًا، ولديها نزعات انفصالية
وعدائية تجاه بعضها البعض، وهو الأمر الذي سهل على العدو اختراق تلك المجتمعات.
وفي مصر يتسم المجتمع إجمالًا بترابطه الشديد،
ولا نكاد نسمع اصطلاح الوجه القبلي والوجه البحري إلا لماما، ولا يأتي في سياق التنميط
أو التمييز المجتمعي إطلاقا، إنما يورد كوسيلة للتقسيم الإداري، ومن ثم فالمصرية
هي السائدة، والوطنية لا تتجزأ والحامية الأساسية للهوية والدولة المصرية.
وفي هذا الإطار جاءت مبادرة السيد الرئيس عبد
الفتاح السيسي لمعالجة المشاكل التي تواجه تلك الرقعة الجغرافية والسكانية المهولة،
وكانت أولى أولوياته منذ تولي سيادته قيادة البلاد.
وعليه فقد تم حصر القرى الأكثر احتياجًا وفقرًا،
وتوجيه الدعم المالي لها، لتحقيق أكبر قدر من استيعاب مشاكلها وتوفير سبل الراحة،
لكي تنهض بالمجتمع الصعيدي الذي بالتبعية يخدم المجتمع المصري، فالمجتمع الصعيدي
رغم ما يعانيه من مشاكل يمتلك قدرات فكرية وإبداعية وخدمية كبيرة، وتنمية الصعيد
وتحسين معيشته سوف تعجل بتفجير تلك الطاقات الوطنية لصالح المجتمع وتزيد من تماسكه
وترابطه.
ومؤخرًا تم تفعيل البرنامج الحكومي لتنمية الصعيد
بالتعاون مع البنك الدولي، في سبيل تحقيق البينة الأساسية للعديد من المراكز
والقري مثل: الصرف الصحي والكهرباء وتحسين شبكات تنقية مياه الشرب، ومد الكباري
داخل المحافظات وعلى ضفاف النيل، وما يتم تحقيقه الآن وأراه حاليًا بشخصي،
وباعتباري أنتمي إلى صعيد مصر، كفيلا أن يغير من وجه الحياة بشكل كبير في العاجل
القريب، ويؤكد ما صرح به السيد الرئيس أن شكل القرى سوف يتغير في السنوات الثلاث
المقبلة.