يتوجه مواطنو الإكوادور اليوم الأحد إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم الجديد بين مرشحين اثنين احدهما خبير اقتصادي يساري شاب، يتلقى دعما من الرئيس السابق رافايل كوريا، والأخر مصرفي يميني سابق، وذلك بينما تواجه هذه الدولة النفطية أزمة حادة، تفاقمت بسبب وباء كوفيد 19.
ويواجه الاشتراكي أندريس أراوز، وهو رجل غير معروف تقريبا على الساحة السياسية يبلغ من العمر 36 عاما ولكن مدعوم من كوريا - الذي يعد رمزا لتيار اليسار في أمريكا اللاتينية كما حكم الإكوادور لمدة عشر سنوات - جييرمو لاسو، وهو محافظ مخضرم يبلغ من العمر 65 عاما، يخوض الانتخابات الرئاسية للمرة الثالثة.
وسيخلف الفائز الرئيس الحالي لينين مورينو الذي لا يحظى بشعبية والذي سيكمل فترة ولايته التي استمرت أربع سنوات في 24 مايو المقبل في هذا البلد الصغير الذي يبلغ عدد سكانه 17.4 مليون نسمة والذي تأثر بشدة بسبب انخفاض أسعار النفط حسبما أوردت مجلة "لوبوان" الفرنسية.
وأنهى الاقتصاد المعتمد على الدولار عام 2020 بتسجيل نسبة انكماش في إجمالي الناتج المحلي تقدر بنحو 7,8%. كما بلغ الدين العام 63.88 مليار دولار أي (63% من إجمالي الناتج المحلي)، ويذكر أن 45.19 مليار دولار أي (45% من إجمالي الناتج المحلي) من هذا المبلغ هو دين خارجي.
ومع وجود حوالي 340 ألف حالة إصابة بكوفيد 19، بما في ذلك أكثر من 17 ألف حالة وفاة، فإن الإكوادور أيضا متأثرة جدا بالوباء، كما تجاوز عدد المرضى القدرة الاستيعابية لقطاع المستشفيات.
وقد فاز مرشح تحالف الاتحاد من أجل الأمل (اليسار)، الذي يراهن على تبني برنامج اشتراكي ديمقراطي، في الجولة الأولى في 7 فبراير بنسبة 32,72% من الأصوات، مقابل 19,74% لمنافسه من حركة خلق الفرص (اليمينية) التي تنادي بدعم التجارة الحرة.
وقد اعترض على نتائج الجولة الأولى ياكو بيريز، المحامي اليساري المنتمي إلى السكان الأصليين والذي لم ينجح بفارق ضئيل في المشاركة في الجولة الثانية، بفارق 0,35% فقط عن لاسو.
وعلى خلفية الاستقطاب بين الموالين لكوريا والمناوؤين له، من المتوقع أن يمثل تصويت السكان الأصليين فارقا كبيرا وحتى إذا كانوا يمثلون 7% فقط من السكان، فإنهم يشكلون قوة اجتماعية كبيرة.
وقاد السكان الأصليون مظاهرات عام 2019 العنيفة، ضد التقشف الذي فرضه صندوق النقد الدولي، وخلفت هذه المظاهرات 11 قتيلا وأكثر من 1300 جريح. وفي الماضي، ساعدوا في الإطاحة بثلاثة رؤساء بين عامي 1997 و 2005. وهذه هي المرة الأولى التي يصل فيها أحدهم إلى هذا الحد في انتخابات رئاسية. لكن حزب باتشاكوتيك (حزب السكان الأصليين)، وهو القوة البرلمانية الثانية منذ الانتخابات التشريعية في فبراير، رفض دعم أي من المرشحين النهائيين، داعيا إلى ابطال الأصوات.
وقالت ويندي رييس، الأستاذة في جامعة واشنطن، إن السكان الأصليين منقسمون على الرغم من ذلك و "لن يكون هناك تصويتا متجانسا".
لذلك فإن الشك يخيم على الخيار الذي سيتخذه 19,39% من ناخبي بيريز، في حين توقعت استطلاعات الرأي تسجيل نتائج متقاربة. وتوقع البعض أن يسجل أراوز ما يصل إلى عشر نقاط. بينما توقع آخرون أن يسجل نسبة 48% في مقابل 52% لصالح لاسو، الذي ارتفعت نسبة تأييده في نهاية الحملة الانتخابية.
وتنبأ بلاسكو بنيهريرا، مدير معهد ماركت، بجولة ثانية "غير مؤكدة النتائج تماما"، مشددا أيضا على زيادة "عدد المترددين إلى 15%" مما قد يؤدي إلى "تغيير" النتيجة النهائية.
وهناك نموذجان مقترحان لمستقبل البلاد، ما بين عودة الاشتراكية وإبراز التوجه نحو اليمين، الذي بدأه الرئيس الحالي مورينو، الذي اقترب من أرباب العمل والمنظمات المالية، مما أثار استياء سلفه رافييل كوريا الذي دعمه في البداية.
ويقيم الرئيس السابق رافييل كوريا، الذي قام بتحديث الإكوادور بفضل مكاسب النفط المفاجئة، في بلجيكا بلد زوجته، منذ خروجه من السلطة في عام 2017.
وحتى إن ظل كوريا يتمتع بشعبية، مما يستفيد منه المرشح الذي يدعمه، فان تصريحاته المثيرة للجدل وفضائح الرشوة التي تنهال على حكومته، تضر به. في عام 2020، فقد حكم عليه غيابيا بالسجن ثماني سنوات بتهمة الفساد، ما منعه من الترشح لمنصب نائب الرئيس الجمهورية.
وقال سانتياجو باساب، أستاذ العلوم السياسية بكلية أمريكا اللاتينية للعلوم الاجتماعية، إنه إذا فاز أراوز، فإن "البند الأول على جدول أعمال الحكومة سيكون عودة كوريا". لكن المرشح ينفي أن يكون دمية. وقال "ستكون لدينا علاقة ديناميكية جدا ومربحة جدا للبلد لكن الشخص الذي سيحكم سيكون انا".
ومن أجل إعادة البلاد على طريق التنمية، فيرغب أراوز "إعادة التفاوض على الاتفاق" الذي تم التوصل إليه مع صندوق النقد الدولي، الذي تم توقيعه مقابل قرض بقيمة 6,5 مليار دولار.
ومن جانبه يعتزم لاسو إنعاش الاقتصاد من خلال تطوير التجارة ويهدف إلى "تسجيل عجز صفري حتى لا يؤدي إلى تفاقم الديون".
ولكن إذا فاز، فسيتعين على المحافظ أن يتعامل مع معارضة قوية: فبدون الوصول إلى الأغلبية، فرض حزب الاتحاد من أجل الأمل نفسه باعتباره أكبر الأحزاب في البرلمان المكون من مجلس واحد. هذا يترك مخاوف من وجود "توتر دائم مع السلطة التنفيذية"، بحسب الخبير السياسي سانتياجو باساب.
وبالنسبة للمحلل أوزوالدو مورينو، أياً كان الفائز، سيتعين عليه "التشاور مع العديد من الجهات الفاعلة"، وخاصة في حالة تسجيل نسبة كبيرة من إبطال الأصوات مما "من شأنه إضفاء الشرعية على المظاهرات المستقبلية" التي ستؤثر على "حكم الرئيس المقبل".