الجمعة 3 مايو 2024

نجوم المسرح المصري (20) | نجوى سالم.. فنانة كوميدية من الطراز الأول

نجوى سالم

ثقافة2-5-2021 | 22:17

همت مصطفى

يزخر تاريخنا الثقافي والفني بشخصيات كثيرة يمثلون علامات مضيئة، ونجومًا تتلألأ في حياتنا، أضافت الكثير بالتزامها وإخلاصها وموهبتها وإبداعها في مسيرة المسرح المصري والعربي أيضًا، وأسعدت الجمهور بكل ما قدمت، وتواصل بوابة"دار الهلال" في شهر"رمضان الكريم" تسليط الضوء على نجم من هؤلاء النجوم وخطوات من رحلته وحياته بالمسرح.

وترك هؤلاء النجوم إرثًا فنيًا في الحركة المسرحية المصرية وحفروا أسمائهم في عالم الإبداع بما قدموا بالكثير من الأدوار والشخصيات الدرامية بمسرحنا المصري .

واللقاء اليوم مع الفنانة القديرة نجمة الكوميديا نجوى سالم:

تعد الفنانة نجوى سالم من الفنانات اللاتي اشتهرهن بطريقة آدائهن المتميزة، فقد عرفت بصوتها وضحكتها الشهيرة، بأدائها الكاريكاتيري الفكاهي والمبالغ فيه أحيانا لبعض الشخصيات والأنماط الكوميدية، ولا ننسى أبدا ضحكاتها الساخرة المميزة أو زغروطتها الشهيرة،

تميزت نجوى سالم بمهارتها في تجسيد عدة أنماط بصورة كوميدية محببة، وخاصة في مجال المسرح ومن بينها شخصيات (الفتاة الطيبة الساذجة والشابة الدلوعة أو المرأة اللعوب، كما تميزت بأنها واحدة من الممثلات  الجميلات القلائل اللاتي يستطعن  أن يقدمن أدوار البطولة بالأعمال الفنية  الكوميدية و اللاتي يقع عليهن مسئولية  إضحاك الجمهور اعتمادا على كوميديا الموقف أو مهارتهن الشخصية.

https://back22.darelhilal.com/Media/News/2021/5/2/2021-637555799815197083-519.jpg

ولدت نجوى سالم بالقاهرة  في 17 نوفمبر عام 1925 لوالدين حاصلان على الجنسية المصرية، فوالدها يهودي لبناني الأصل، وأمها يهودية إسبانية الأصل، وقد حصل الأبوان على الجنسية المصرية، فتمتعت ابنتهما بالجنسية المصرية هي وأشقائها.

بدأت "نجوى سالم"حياتها الفنية مع نهاية ثلاثينيات وبداية أربعينيات القرن الماضي، وذلك من خلال المسرح وبالتحديد من خلال فرقة"نجيب الريحانى"، والتي كانت تعد آنذاك من أكبر وأشهر الفرق الكوميدية، حيث لعبت الصدفة دورا كبيرا في اتجاهها للتمثيل ، وكان منزلها مجاورا لمكتب متعهد الحفلات المشهور "فيتسايون"، الذي أهدى ذات يوم لأسرتها دعوة مجانية لحضور أحد مسرحيات فرقة "الريحاني" وهي "حكاية كل يوم" التي يقوم ببطولتها الفنان القدير نجيب الريحاني، وبعد انتهاء المسرحية وبعد انبهارها بأضواء المسرح طلبت من "فيتسايون" وأصرت أن يقدمها للفنان الكبير، وقابلته وأخبرته بأنها معجبة به جدا وأنها تعشق التمثيل، كما أعلنته برغبتها في الإلتحاق بفرقته، ولكن"الريحاني" ضحك حينذاك ولم يأخذ الموضوع مأخذ الجد وأخبرها بأنها ما تزال صغيرة، فقد كانت في الثالثة عشر من عمرها.

 لم تشعر"نجوى سالم" باليأس بل داومت على زيارة "الريحاني" كل أسبوع، حتى شعر بصدق رغبتها وإصرارها فضمها كهاوية بفرقته، التي ظلت تعمل بها عاما كاملا بلا أجر، حتى قرر لها مع بداية عامها الثاني بالفرقة مبلغ أربعة جنيهات في الشهر، كما اختار لها الاسم الفني الذي اشتهرت به "نجوى سالم"

كان أول ظهور للفنانة "نجوى سالم" على المسرح في مسرحية "استنى بختك" بطولة نجيب الريحاني، وظلت تلعب أدوارا صغيرة بفرقة “الريحاني” حتى لعبت الصدفة مرة آخرى دورا في منحها فرصة المشاركة بالبطولة المطلقة أمام "نجيب الريحاني، وذلك حينما مرضت بطلة الفرقة الفنانة ميمي شكيب قبل حفل افتتاح أحد العروض المسرحية التي تقدمها الفرقة، فحدثت مشكلة كبيرة وضعت الفرقة في حرج، وكاد "الريحاني" أن يقرر إلغاء حفل الافتتاح، ولكن أحد العاملين بالفرقة اقترح عليه إعطاء الفرصة لنجوى سالم.

 تردد "الريحاني" في البداية ولكنه سألها إذا كانت تستطيع أداء دور البطولة الذي كانت تتدرب عليه نجمة الفرقة ميمي شكيب، ففاجئته بأنها تحفظ الدور جيدا وأنها كانت تتابع جميع التفاصيل والملاحظات أثناء البروفات، فوافق على قيامها بالدور، وبالفعل نجحت نجوى سالم في أداء الدور بأفضل صورة، مما أسعد "الريحاني" ومنذ ذلك اليوم أصبحت إحدى نجمات الفرقة، ومن أشهر الأدوار التي قدمتها بفرقة الريحاني دور بنت "كوهين" فى مسرحية "حسن ومرقص وكوهين"، وكذلك أدوارها في مسرحيات (إلا خمسة، ياما كان في نفسي، ولو كنت حليوة)

https://back22.darelhilal.com/Media/News/2021/5/2/2021-637555800736453263-645.jpg

تعد"نجوى سالم " أحد التلاميذ النجباء بمدرسة رائد الكوميديا المصرية نجيب الريحاني قد أسعدها الحظ بالوقوف أمام هذا العملاق الفني في أكثر من عمل على خشبة المسرح أو في السينما فتأثرت به كثيرا وتتلمذت في مدرسته الرائعة، وقد توقع لها"الريحاني" بأنها ستصبح ذات يوم ممثلة جيدة وصاحبة أسلوب مميز، وبالفعل فقد تحققت توقعات هذا الفنان الكبير، خاصة بعدما نجح من خلال فرقته في توظيف قدراتها في بعض الأدوار الثانوية المهمة، تلك الأدوار التي وفق من خلالها المبدع بديع خيري في تحديد ملامح الشخصية الفنية المستقلة لها، ولتصبح بمرور الوقت أحد الأعمدة الفنية للفرقة مع كل من الفنانين الكبار الآخرين .

وبعد وفاة "الريحاني" استمرت نجوى سالم في العمل مع المبدع بديع خيري، وبالفعل شاركت في بداية الستينيات بتصوير بعض المسرحيات من "ريبرتوار" الفرقة، وهي تلك المسرحيات التي قام بطولتها الفنان عادل خيري، ولكن رغم نجاحها وحرصها على الاستمرار بالفرقة إلا أن خلافا قد حدث بينها وبين "بديع خيري"، كانت نتيجته أن تركت الفرقة على أثره، وعملت مع عدة فرق آخرى وكانت البداية بانضمامها إلى فرقة "المسرح الكوميدي" إحدى فرق مسارح التلفزيون، والتي قدمت من خلالها عدة مسرحيات ناجحة من أهمها (أصل وصورة، لوكاندة الفردوس، إزاي ده يحصل)

وتعد فترة خمسينيات وستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي هي سنوات نضج الفانة "نجوى سالم" الفني، حيث عرفت بأدوارها المتنوعة وخاصة في المسرح، حيث شاركت بالبطولة المسرحية بعدة فرق من بينها فرق (الريحاني"، المسرح الكوميدي، الفنانين المتحدين، و"أمين الهنيدي المسرحية"، وذلك بالإضافة إلى فرقتها الخاصة(المسرح الساخر)

https://back22.darelhilal.com/Media/News/2021/5/2/2021-637555801101218852-121.jpg

عملت الفنانة "نجوى سالم" في السينما منذ فترة الأربعينات وكان أول أفلامها السينمائية "أحلام الشباب" عام 1942، وقد نجحت من خلال السينما في تقديم عدة أفلام متميزة من بينها )غرام وانتقام، الخمسة جنيه، شمشون ولبلب، حسن ومرقص وكوهين ،وساهمت "نجوى سالم" بأداء بعض الأدوار المساعدة والثانوية المؤثرة فيما يقرب من 25 فيلما خلال ربع قرن تقريبا في الفترة (1942: 1967)وساهمت في إثراء مسيرة التليفزيون المصري ببعض برامج المنوعات والأعمال الدرامية ومن بينها المسلسلات التالية: مذكرات زوجة، غارة زوجية، ولدي، العابثة)

وتتمثل مشاركات الفنانة القديرة"نجوى سالم"وإسهاماتها في مسيرة المسرح المصري فيما يلي :

قامت الفنانة نجوى سالم بتأسيس فرقتها المسرحية باسم فرقة “المسرح الساخر"عام 1970، وهي الفرقة التي قدمت عروضها على مسرح"ليسيه الحرية"بباب اللوق، واستمرت لمدة ثلاث سنوات (1970: 1973)، ففي مجال الإنتاج المسرحي قدمت  من خلال فرقتها عدة مسرحيات ناجحة وهي(موزة وثلاث سكاكين، حاجة تلخبط، صاحبة العصمة، صديقي اللص، ممنوع لأقل من ثلاثين )و شارك في بطولة هذه المسرحيات العديد من كبار الفنانين ومن بينهم(عماد حمدي، محمود المليجي، فريد شوقي، صلاح ذو الفقار، أبو بكر عزت، صلاح منصور، ميمي شكيب، محمد شوقي، سامية رشدي، و يحسب للفرقة منحها الفرصة لبعض الوجوه الجديدة الذين أصبحوا نجوما بعد ذلك ومن بينهم الفنانين(محمد صبحي، محمد نجم، محمد أبو الحسن، مظهر أبو النجا، حياة قنديل، سهير توفيق) وقامت الفنانة"نجوى سالم"أيضا بإنتاج بعض المسرحيات للتصوير التلفزيوني.

وفي مجال التمثيل شاركت"نجوى سالم " في العديد من المسرحيات حيث شاركت مع العديد من  فرق القطاع الخاص  وقدمت مع فرقة"الريحاني ومسرحيات( الستات لبعضهم، الدنيا لما تضحك، الدلوعة  في عام 1954)،  وشاركت في مسرحيات (ما حدش واخد منها حاجة، الدنيا لما تضحك  ، حسن ومرقص وكوهين، يا ما كان في نفسي (1960)، وأيضًا في مسرحيات ( إستنى بختك، خليني أتبحبح يوم، الستات ما يعرفوش يكدبوا (1961)، إلا خمسة، لو كنت حليوة (1962)، ياريتني ما اتجوزت (1963).

https://back22.darelhilal.com/Media/News/2021/5/2/2021-637555803773185106-318.jpg

ومع فرقة المتحدين" شاركت في " نجوى سالم " في مسرحيةط ذات   البيجاما الحمراء" (1968)،ومع فرقة "نجوم الكوميديا" (حسن أبو داود): شقة وخمسين مفتاح (1969)، وبفرقتها الخاصة"المسرح الساخر"شاركت في(موزة وثلاث سكاكين (1970)، حاجة تلخبط (1970)، صاحبة العصمة (1972)، صديقي اللص، ممنوع لأقل من ثلاثين (1973).،ومع فرقة "الهنيدي"أنا آه أنا لأ (1977).
وبفرق مسارح الدولة شاركت" نجوى سالم " مع فرقة "المسرح الكوميدي" في مسرحيات ( أصل وصورة، زيارة غرامية (1963)، جنان وسلك ودكتور، لوكاندة الفردوس(1964)، حركة ترقيات (1965)، إزاي ده يحصل(1968)، أربع مواقف مجنونة (1971) ومع فرقة مسرح "الحكيم" شاركت في  شلة الأنس (1964) ومع فرقة"الطليعة" شاركت في  سلك مقطوع (1975).

عرفت الفنانة نجوى سالم بإسهاماتها الكثيرة في مجال الأعمال الخيرية، ولها كثير من المواقف الإنسانية النبيلة مع زملائها، ولها إسهامات خيرية أخرى ومن بينها قيامها بدعوة عدد كبير من مرضى المستشفيات الخيرية لمشاهدة المسرحيات التي تقدمها فرقتها، وكذلك تنظيمها لجولات فنية لتقديم عروض فرقتها ببعض المستشفيات بالأقاليم للترفيه عن مرضاها ، ولها عدة مواقف وطنية لا تنسى، ومن أهمها مبادرتها بتقديم عدة عروض مع فرقتها على الجبهة في منطقة "قناة السويس" بعد نكسة 1967، وذلك للمشاركة في الترفيه على الجنود أثناء مرحلة "حرب الاستنزاف"، ولهذا فقد تم منحها "درع الجهاد المقدس" تقديرا لدورها الوطني الكبير .

https://back22.darelhilal.com/Media/News/2021/5/2/2021-637555808413496269-349.jpg

وحرصت "نجوى سالم" بعد نصر أكتوبر على توجيه الدعوة لمجموعات من أبطال حرب أكتوبر وبعض الجرحي لمشاهدة مسرحيتها "ممنوع لأقل من 30"، وكانت تقف كل ليلة مع أعضاء فرقتها ليبادروا باستقبال الضيوف من أبطال "نصر أكتوبر" بالزهور والتحية.


رحلت الفنانة القديرة " نجوى سالم "  في  19 مارس 1987بعد مسيرة فنية مميزة في  الدراما المصرية، وفي مقدمة ذلك في المسرح المصري  تشارك فيه بكل جد وإخلاص، وتسعى لنشر ج البهجة وخلق البسمة فوق شفاهنا بأدوارها الكوميدية المتميزة.

Dr.Randa
Dr.Radwa