تحتفل اليوم الأوساط الثقافية والأدبية بذكرى ميلاد واحد من أهم شعرائها المُجددين والبارزين، هو صلاح عبد الصبور أحد أهم أعمدة المسرح الشعري في مصر الذي تأثر بالتراث الأدبي على طريقته الخاصة وكان مجددًا في الشعر العربي ليصبح - كما كان دائم القول- مُجدد أصيل.
ولد الشاعر محمد صلاح الدين عبد الصبور يوسف الحكواتي في الثالث من مايو لعام 1931 أي من حوالي تسعين عاما في محافظة الشرقية لأسرة مصرية متوسطة كباقي الأسر، وقد تلقى تعليمه في المدارس الحكومية حتى نهاية دراسته الثانوية، بعدها التحق بجامعة القاهرة ليدرس في كلية الآداب وتحديداً قسم اللغة العربية.
في أثناء دراسته بكلية الآداب تعرف على الشيخ أمين الهولي الذي كان رئيسًا لجمعية "الأمناء" وهي جمعية تهتم بالأدب والنقد، فتتلمذ على يديه وأصبح عضوًا فاعلًا فيها مما كان له كبير الأثر في تكوينه بشكل خاص وتطور حركة الأدب والنقد في مصر بشكل عام.
تخرج عبدالصبور من كلية الآداب وتعين مدرسًا بوزارة التربية والتعليم، لكنه كان أكثر شغفًا بالإبداع والأدب فضاق بوظيفته ليقدم استقالته بعد فترة وجيزة من عمله ليصبح متفرغًا لأعماله الإبداعية، وشغل في الوقت نفسه وظيفة مُحرر بروزاليوسف ومن بعدها الأهرام ومن بعدها عُين في مجلس إدارة الدار المصرية للتأليف والنشر ثم تدرج في المناصب ليكون أخرهم رئيس الهيئة العامة للكتاب.
عرف صلاح عبدالصبور الشعر في صغره وكان يكتب ثم ينشر مايكتبه في عدد من المجلات، وربما الشيء الأكثر أهمية إنه كان قارئ جيدًا ملمًا بثقافة واسعة ومتنوعة وهو مايجعله صلاح عبدالصبور المتفرد المُتقن في كل شيء.
"الناس في بلادي" كان الديوان الأول لصلاح عبدالصبور والذي نُشر في عام 1957 وفيه خرج من عباءة الشعر التقليدي إلى الشعر الحر ليثير ضجة ومردود واسع بين الأوساط الثقافية المصرية.
في العام التالي لنشر ديوانه الأول تزوج الشاعر الكبير من المذيعة سميحة غالب وأنجب منها أبنتين إحداهما الممثلة الشابة مُعتزة.
تأثر عبدالصبور بالتراث واستلهم منه فكرة تجديده لا حصره في المتاحف والكتب كما كان يذكر، كذلك تأثر ببعض أفكار أعلام الصوفية أشهرهم الحلاج الذي رصد معاناته في مأساة شعرية مسرحية متفردة من نوعها وهي مأساة الحلاج.
يدين المسرح الشعري في مصر لصلاح عبدالصبور بالكثير من الأعمال الإبداعية فهو الشاعر الذي حاول تطويع المفردة الشعرية ببراعة لخدمة المسرح من جديد بعدما دخل في مرحلة كساد مؤسفة، فكتب عبدالصبور الكثير من المسرحيات منها الأميرة تنتظر، وصدرت في عام 1970 تتعلق المسرحية بقرار يجب على أميرة أن تقرره كما سيتم عرض ملخص للمسرحية فيما بعد.
كذلك تعرض المسرحية الأحداث والضغوطات النفسية التي تتعرض لها الأميرة من أجل اتخاذ هذا القرار كذلك مسرحيته مسافر ليل التي تعد أنضج أعماله المسرحية والتي يحكي فيها عن مأساة مواطن يتم قهره بواسطة كمسري القطار معبرًا في ذلك عن تسلط السلطات على حياة البشر، كذلك أيضاً مسرحياته ليلى والمجنون وقصيدة لحن.
وفي الرابع عشر من أغسطس لعام 1981 كان وقت غياب شمس صلاح عبد الصبور، فلقد توفي أثر تعرضه لأزمة قلبية عن عمر يناهز 50 عامًا، تاركًا خلفه تراث شعري ذو قيمة عالية لا زال الأدباء والناس والباحثين يتغنون به.