أعاد مسلسل "لعبة نيوتن"، قضية الطلاق الشفوي إلى الساحة، في ظل من يرى بعدم وقوعه، وأن الطلاق يحتاج إلى توثيق لكي يقع، بعكس ما أكده الأزهر الشريف والمؤسسات الشرعية، بأن الطلاق الشفهي صحيح ويق طالما كان مستوفيا للشروط.
وأكد علماء بالأزهر أن الطلاق الشفوي صحيح طالما تحققت فيه الأركان والشروط، وهي:
أن يكون المرء عاقلا ولديه الإرادة.
أن يصدر باللفظ أو بالصيغة الواضحة للطلاق.
وأوضحوا أن التوثيق هدفه حفظ الحقوق، وليس ضمان الوقوع، أو عدم الوقوع.
الطلاق الشفوي صحيح
وفي هذا السياق، قال الدكتور عطا السنباطي، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة، إن الطلاق منذ تاريخ بدء الإسلام، وحتى اليوم، الأصل فيه أنه شفوي، وأنه يقع إذا تحققت فيه الأركان والشروط، والتحقق من أنه طلاق صريح، وهو ما توصلت إليه دار الإفتاء، والأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف.
وأوضح في تصريح لـ"دار الهلال"، أن القانون ألزم بتوثيق الطلاق حفاظا على الحقوق، وليس من أجل الوقوع أو عدم الوقوع، مضيفا أن شروط صحة الطلاق الشفوي هي ذات الشروط في الطلاق عموما، وهي أن يصدر من شخص أهل للوقوع أي أن يكون عاقلا وليس مجنونا، وأن يصدر باللفظ أو بالصيغة المحددة وأن يوافق صحيح السنة.
وأضاف أن السنة حددت شروط للطلاق منها، أن تكون المرأة في طهر، وأن يكون بكلمة واحدة، وغيرها من الشروط التي حددها الفقهاء ويعرفها أهل الفتوى، موضحا أن الزواج نفسه يعقد بكلمة، وليس بالورق الرسمي، لأن الورق الرسمي للتوثيق، حيث قد تتأخر قسيمة الزواج لعدة أيام بعد عقد الزواج، فيما يصح العقد بمجرد توافر الأركان والشروط المعروفة.
وأشار إلى أن عقد الزواج يتم بمجرد الإيجاب والقبول الذي يمليه المأذون على العاقدين وقت عقد النكاح أمام الناس جميعا، ثم بعدها يفرغ ذلك في ورق رسمي لحفظا الحقوق وللإثبات وللتوثيق، لكن العقد ينعقد بمجرد القول الشفوي، وكذلك الطلاق، مضيفا أن هذا يدل على رقي الإسلام واحترامه الكلمة من الرجل وأنه يعتبره أهلا ولديه إرادة وكلمة ويؤاخذ عليها.
وأكد أنه قد تتحقق شروط الطلاق لكن هناك مانع يمنع وقوع الطلاق، منها إذا كان الرجل مكرها على الطلاق أو مهددا مثلا أو نائما أو كان غاضبا غضبا شديدا، مضيفا أنه في هذه الحالة فالكلمة خرجت لكن هناك ما يمنع من وقوع الطلاق رغم خروج الكلمة من الزوج.
وأوضح أن المتحججين بعدم وقوع الطلاق الشفوي، يستخدمون حججا كثيرا منها أن عقد الزواج عُقد بطريقة رسمية، لكن الرد أن الأصل الزواج عُقد بالكلمة وأن العقود الرسمية هدفها التوثيق والإثبات، مضيفا أن لا يجوز المغالطة هنا، ففي الإسلام الزوجة والزوج يستطيعان أن ينهيا علاقة الزواج في حالة الرغبة في ذلك ومن يأخذ قرار الإنهاء يتحمل الماديات فإذا قرر الزوج ذلك يتحمل كافة التكاليف في النفقة وغيرها، وكذلك المرأة عندما تلجأ للخلع تدفع بعض التكاليف المادية.
وشدد على أن الطرفين سيتحملان نتيجة كلمتهما، فالطلاق الشفوي صحيح، ويعد الطلاق رحمة من الله في حالة كانت العلاقة تؤذي أي طرف من الطرفين واستمرارها قد يؤدي إلى كارثة، ولا يستخدم الطلاق إلا في أحلك الظروف أو الأزمات وليس للهو أو التهديد.
هيئة كبار العلماء
وأكد الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، إن هيئة كبار العلماء حسمت في بيان سابق لها بشكل تام قضية الطلاق الشفوي قبل نحو 4 سنوات، حيث أكدت خلاله وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق.
وأكد أن هذا الأمر مستقر منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحتى يومنا هذا، بدون اشتراط توثيق.
وفي 2017 أصدرت هيئة كبار العلماء بيانا بشأن الطلاق الشفوي مؤكدة أنه صحيح ويقع وأنه على المطلِّق أن يُبادر في توثيق هذا الطلاق فَوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها، ومن حقِّ وليِّ الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه؛ لأنَّ في ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة.