الثلاثاء 4 يونيو 2024

أعياد مصرية.. تعرف على عيد «الإله مين»

أعياد مصرية.. عيد الإله مين

ثقافة13-5-2021 | 12:25

عبدالله مسعد

تنوعت أعياد المصريين القدماء وتعددت حتى إن المؤرخين اليونانيين وعلى رأسهم بلوتارخ يذكر أنه من كثرة أعياد المصريين لم يكن يفرق بين العيد والآخر سوى أيام معدودات فما أن ينتهي عيد في مدينة حتي يبدأ عيد آخر في مدينة أخري، وكان لأعياد المصريين أشكالها المختلفة منها الأعياد الدينية التي تتم في مناسبات دينية معينة كذكرى انتصار حورس على عمه ست، وأعياد الآلهة والتي تتم في معبد كل إله وفقا لحدث معين سواء كان انتصار هذا الإله أو إنشاء معبده أو ذكري معجزة ارتبطت به، كذلك كان من أعياد الآلهة في مصر القديمة أعياد خاصة بتزاوج الآلهة ومن أشهر هذه الأعياد العيد السنوي الذي كان يخرج فيه كهنة الإله حورس الإدفوي نسبة إلى مدينة إدفو يحملون المركب المقدس للإله وبداخله مقصورته وتمثاله الذهبي يتلاقي ليركبوا النهر ويتجهوا شمالا إلي دندرة.

 

كذلك وفي مدينة طيبة عاصمة الإمبراطورية المصرية خلال العصر الحديث كان من أبهي الأعياد الدينية العيد الذي يسمي بـ عيد الوادي، وفيه كان آمون سيد آلهة مصر وسيد الكرنك يخرج في موكب مهيب ليتجه لزيارة الوادي الغربي فيمر على المعابد الجنائزية ومقابر الأشراف وكانت فرصة لخروج الناس جميعا وزيارة موتاهم وحرق البخور على أرواحهم وتقديم القرابين وكذلك إطعام المساكين تقربا إلى الإله، فما أقرب الأمس البعيد من اليوم وإن اختلفت العقائد؟!

 

وإلى جانب الأعياد الدينية كان المصريون القدماء يحتفلون بعدد كبير من الأعياد التي ارتبطت بالزراعة، فمثلا احتفلوا بعيد الفيضان الذي ارتبط عندهم بيوم ظهور نجم الشعرة اليمنية في السماء واحمرار لون بشائر فيضان النيل فكان الناس يحتفلون بمقدم الفيضان ممنيين بفيضان كله خير على البلاد.

 

كذلك ارتبطت أعياد كثيرة عندهم بحصاد بعض المحاصيل وعلى رأسها الكتان والذي كان يصنع منه أفخر الثياب والمفروشات، كذلك كان موسم حصاد الكروم وعصره وصناعة النبيذ من أحب المناسبات للاحتفال بها، وإن كان الأمر يتم بين أولئك المرتبطين مباشرة بتلك الصناعة.

 

بذكري انتصارهم الحاسم علي الهكسوس، وما تم في أعيادهم من توزيع للهدايا والنياشين عليهم من قبل الفرعون, وكذلك العطايا التي منحت لهم سواء من الأراضي الزراعية أو من الماشية وغيرها.

 

وخلال الأعياد كان المصريون القدماء يتزينون بأجمل الثياب وأكثرها زخرفا وجمالا ويقوم الأشراف وكبار الموظفين بتوجيه الدعاوي إلى أصحابهم ومعارفهم يدعونهم إلى الحضور إلى قصورهم، حيث يتم بسط الموائد ويعزف الموسيقيون أجمل الألحان علي آلات الناي والهارب ويغني المغنون أجمل معاني الحب والجمال ويمتلئ المكان بهجة وسرورا، خاصة بعد أن تبدأ الراقصات الجميلات رقصاتهن البديعة بين الضيوف.

 

هذه الاحتفالات لم تكن مقصورة فقط علي طبقات محددة من الشعب المصري القديم وإنما يحتفل بها الجميع علي مختلف طبقاتهم وكانت مناسبة لكي تعطي الهدايا واللعب للأطفال ليخرجوا للعب مع أقرانهم، ففي هذه المناسبات كان يتم إعفاؤهم من الذهاب إلي المعبد وتلقي الدرس فكانت بالطبع مناسبة سارة لهم يلهون ويلعبون بل ولم يكن محرما عليهم حضور مجالس الكبار لكي يشاهدوا ويستمتعوا بالعزف والغناء والرقص بين آبائهم هذا هو ما تصوره لنا المناظر المسجلة علي جدران مقابر المصريين القدماء والتي تؤكد أنهم لم يعيشوا فقط للعمل والإنتاج، لقد اختلفت المصادر وتنوعت عند المصري القديم والتي تعتبر وثائق توضح لنا احتفالات المصري القديم بالأعياد وتظهر في المعابد مثل معبد مدينة هابو وان النقوش والمناظر التي تزين جدرانه لها قيمتها الخاصة وايضا اللوحات والتماثيل والمقابر والبرديات.

ونستعرض اليوم واحد من أهم الاعياد في مصر القديمة كما يلي:

عيد الإله مين:

عُرف هذا الإله منذ عصر ما قبل الأسرات، ومن ثم فهو يعد من أقدم الآلهة المصرية، ففي العصور التاريخية القديمة ظهر على هيئة رجل منتصب يلبس رداء ضيقًا ويرفع إحدى ذراعيه إلى أعلى لتحمل السوط بينما تختفى اليد الأخرى تحت ردائه، ويحمل فوق رأسه تاجين ذوى ريشتين، وكان الهيكل البدائى للإله «مين»، عبارة عن كوخ مخروطى لا يبعد كثيرًا عن شكل الأكواخ المربعة، والتي ما زال يوجد العديد منها عند القبائل الأفريقية، وكل الأشكال الثلاثة للمباني تحتوي على غرف يحيا فيها صاحبها سواء الإنسان الحي أو الإله أو الميت وأجزاء من المبنى يحفظ فيها أثاثه وممتلكاته، ويُكلف الخدم بتقديم الراحة للأحياء، ويقوم الكهنة بخدمة الآلهة، في حين أن طبقة خاصة من الكهنة الجنائزيين كانوا خدمة القرين التي تعنى براحة الميت ومتطلباته.

كان رمز الإله «مين» المقدس عبارة عن عمود أو الُنصب الذى كان يظهر على أحد صاريات حضارة «نقادة» قرب نهاية عصور ما قبل التاريخ، وإن كان طبيعة هذا العمود ما زالت غامضة، بل وأحيانا تختلف صورة بعضها عن البعض، وإن كان ظهوره في عصر «نقادة» أخذ شكل نصب منحوت من حجر أو خشب قد يكون سهما أو حربة ذات رأسين، وكانت تقام الأعياد للإله «مين» في موسم الحصاد، وكانت أعياده مرتبطة بموسم وتاريخ في السنة الدينية التي لا تنطوي عامة على أي علاقة بالمواسم، وذلك طبقًا لطبيعة الإله صاحب العيد، فهناك عيد «تجلى مين» إله الخصوبة، والذى كان يحتفل به فى كل معابده بالقطر مع بداية موسم المحصول.

كان الكهنة يحملون تمثال «مين» على أعمدة وكل منهم ملتف في جلباب مزدان بأسماء الملك، وبالشكل الذي لا تظهر فقط فيه إلا رءوسهم وأقدامهم من أعلى وأسفل الجلباب، وتتبعهم مجموعة أخرى صغيرة من الكهنة حاملة معها لفائف الخس، وهو النبات المقدس للإله «مين».

كانت عبادته الأقوى فى قفط وأخميم «بانوبوليس»؛ حيث تكريما له تم عقد مهرجانات كبيرة للاحتفال بقدومه إليها مع موكب عام وتقديم للقرابين، وتشمل التجمعات الأخرى الخاصة بعبادته الصحراء الشرقية مع صلات بالإله حورس، نمت أهميته فى عصر الدولة الوسطى عندما أصبح أكثر ارتباطا مع حورس فى صورة الإله مين- حورس، وبحلول عصر الدولة الحديثة كان ينصهر أيضًا مع آمون فى صورة الإله مين- آمون- كاموتف «مين آمون ثور والدته»، وقد توج ضريح مين بزوج من قرون الثور.

تم تكريمه خلال طقوس تتويج الفراعنة فى المملكة الجديدة، عندما كان من المتوقع أن الفرعون «يزرع زرعه»، وفى بداية موسم الحصاد كان يؤخذ تمثاله من الهيكل ويقدم إلى الحقول فى مهرجان رحيل مين، عندما يبارك الحصاد، وتلعب الألعاب بلاعبين عاريى الجسد تكريما له، والأكثر أهمية من تلك هو إجراء مسابقة فى تسلق عمود أو خيمة ضخمة.

وقد تم تصوير بعض آلهة الحرب فى جسد مين، وكان من أشهر الترانيم التى تليت فى الصلوات له: «مين، رب المواكب، وإله الأعمدة العالية، ابن إيزيس وأوزوريس»