ما بين سينايورهات عديدة، أحلاها مر، تجرى الأمور بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خلال الأيام الأخيرة، ومتوقع أن تستمر كذلك لعدة أيام أخرى على الأقل، وكأنه يطبخ للشرق الأوسط وضعا جديدا، من الممكن أن يكون أكثر خطورة على الأمن القومى العربي، ولذلك يجب أن نكون متيقظين.
فكما تحدثت فى مقالات سابقة عن انتفاضة التراويح ومحاولة إختطافها وعسكرتها، يجب أن نشير لعدة زوايا معقدة وغير تقليدية على الصراع الفلسطينى الإسرائيلي، لها جوانب إيجابية وسلبية، وتغير بشكل عام قواعد اللعبة، ومراكز القوة فى عدة ملفات وليست القضية الفلسطينية فقط:
1- الإيلام الفلسطينى:
لأول مرة، منذ قيام الكيان الإسرائيلي، تقع كل أرجاء إسرائيل تقريبا تحت القصف الفلسطيني، ولا يهم هنا القدرات والإمكانيات التسليحية والصاروخية، أو ما يدور حول الإتفاق المدبر بين نتنياهو وحماس فى هذا الإطار، فحديثى يدور عن أن القدس وتل أبيب وعسقلان وبئر سبع وديمونة ومطار بن جوريون وميناء أسدود والنقب بخلاف مستوطنات غلاف غزة، الهدف الاعتيادي، أصبحوا فى لوحة نيشان الفلسطينيين، حتى أن الطيران المدنى الإسرائيلى يغير مساراته، والمستوطنون وغيرهم يظلوا بالساعات داخل الملاجئ، وإسرائيل كلها تصمها صفارات الإنذار، وحقل غاز تمارا تم إغلاقه وقاعدة نتڤايم الجوية العسكرية تحت القصف، وهذا أمر لم يحدث من قبل، ولم يكن يتصوروه، والكل يحمل نتنياهو وأجهزته المخابراتية، التى فشلت فى توقع سيناريوهات التطورات، مسئولية وصول المشهد لهذا الحال، والذين يحاولون لملمته بتصفية عدد من قيادات الجناح العسكرى للفصائل الفلسطينية.
2- عيد الأقصى :
سيظل المسجد الأقصي، كلمة السر مهما كانت المستجدات ،ومهما تغيرت الأجيال، ومهما تبدلت أوراق اللعبة، فكما كان الأقصى كلمة السر فى الانتفاضة الثانية، عندما اقتحمته شارون ليشعل المشهد عام 2000، كان الأقصى أيضا أداة نتنياهو لإشعال الحرب الدينية من جديد، وهو نفسه تحدث مباشرة عنها، وجر بايدن خلال إتصاله الداعم له للحديث فى هذا الإطار، بوصف القدس لكل الأديان..فهل هذا ما يريدونه أن تكون القدس الشرقية مدينة مدولة بحجة إنها لكل الأديان؟! .. أتصور أن الفلسطينيين يعوون المخطط، ولن يتركوا فرصة لذلك وإنتفاضة التراويح التى إكتملت بصلاة العيد الكبرى فى الأقصى، وحتى هبة فلسطينىى الداخل تؤكد على ذلك، حيث خرجت الأمور عن السيطرة لما هو أبعد مما كانوا يتصورونه، وفق أغلب التوقعات.
3- هبّة فلسطينيى الداخل:
من أكبر مكاسب المشهد، والتى لا تقل قيمة عن فكرة الاستهداف الصاروخى لكل نقطة فى إسرائيل، هو هبة فلسطينى الداخل، حيث تتحول المدن المختلطة بالعرب واليهود لكرة نار تكبر مع الوقت لتحرق إسرائيل، ولو وصلنا لهذا السيناريو، الذى تتبلور ملامحه مع الوقت ستتغير قواعد اللعبة بشكل كبير ومحورى، لتذكرنا بالثورة العربية الأشهر فى عام 1936.
فالمدن التى كانت تتباهى بها إسرائيل، وتقدمها على إنها نموذجها للتعايش بين العرب واليهود، تضربها الفوضى المنوعة من الشمال للجنوب، من يافا وعكا واللد وحتى الرهط وبئر سبع، حيث تملأها الاشتباكات بين العرب واليهود و وأصبحت مشاهد حرق للعربات والمحلات والمطاعم وتدمير المنشأت والقتل المتبادل، أمر معتاد فى هذه المدن، حتى إن نتنياهو يفكر فى إدخال الجيش لهذه المدن، بعد فشل الشرطة فى السيطرة.
4- عودة حماس من بعيد
تعقد الموقف المدبر من تأجيل الانتخابات الفلسطينية، التى كانت ستكشف حقيقة حماس، إلى متاجرة حماس بأهالى الضفة والقدس وحتى المدن العربية والمختلطة فى الداخل، ورمى حماس لأخر ورقة لديها، وهى القدرات الصاروخية، التى لم تكن مفاجئة لنا، حيث كنت أرقب التجارب الصاروخية الحمساوية، والتى كانت تلقى بها لصواريخها الجديدة فى بحر غزة، وأعددت ورقة فى هذه الصواريخ وقدراتها من قبل، ويبدو إنها تحتاج لتعديل ما خاصة أن أغلب الصواريخ تم تغيير أسمائها، لتكون على أسماء القيادات العسكرية التى تتم تصفيتها، فى رسالة مباشرة، أنهم سيتحولون بعد استشهادهم لصواريخ تدمر إسرائيل.
بالطبع، معانى كذلك، وانتصارات دعائية مما تروج لها الصحافة والإعلام الإسرائيلي، تزيد بريق حماس، والذى كان قد خفت، وهذا يزيد الحديث عن الإتفاق المدبر ببن نتنياهو وحماس، ليحقق كل منهما مآربه، لكن الخطورة كما ذكرنا فيما يدبر بشكل أوسع للمنطقة، فكلما تحالف الإخوان صهاينة الإسلام والإسرائيليين صهاينة اليهود، يجب أن تتحسس عقلك لتفكر فى سيناريوهات الضربة الجديدة للأمن القومى العربي.
والحديث مستمر