الإثنين 25 نوفمبر 2024

امنعوا السلفيين من الإعلام

  • 9-5-2017 | 08:42

طباعة

بقلم : سحر الجعارة

لا يمكن ان نتحدث عن مواجهة التطرف والإرهاب وتشكيل مجلس قومى لذلك، بمعزل عن الإعلام، لأن الإعلام قد يسبق التعليم والمؤسسات الدينية فى قرية كونية صغيرة، تجمعها ثورة المعلومات.

قد تعمل مواقع التواصل الاجتماعى فى غيبة الرقابة القانونية، وينتشر عليها "السفهاء" الذين يروجون للفكر السلفى المتطرف، لدرجة أصبحت معها تلك المواقع مركزا لتجنيد الشباب فى صفوف التنظيمات الإرهابية، وغسل أدمغتهم .. مما اضطر «مجلس النواب» للمسارعة بإصادر قانون لمواجهة "الجرائم الإلكترونية" .. هذا على العكس من الإعلام الذى حدد الدستور "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" لضبط أدائه.

صحيح أن معظم الفضائيات الآن "خاصة"، وان الأكثر جماهيرية والأعلى مشاهدة من خارج "ماسبيرو"، لكن هذا أدعى لوضع ضوابط وآليات لتنظيم عملها و"ميثاق شرف" إعلامى ، خاصة إذا كنا فى حالة حرب ضد الإرهاب.

حتى الآن لا أدرى لماذا تسمح الدولة بفتح منابرها الإعلامية ،(والدينية أيضا)، أمام رموز التيار السلفى؟.. ولا أدرى أين الجهات المسئولة من كل دعاوى التكفير، والتحريض على قتل الأقباط، والتحريض على الاغتيال المعنوى لرموز الاستنارة.. رغم أن القانون يعاقب على تهديد الأمن العام والسلم الاجتماعى وإثارة الفتنة الطائفية؟!.

عندما يظهر شاب مودرن مثل "شريف شحاتة" أمام الممثلة المحجبة "ميار الببلاوى"، ويتقمص دور الخبير الاجتماعى والفقيه الدينى ويقول: (لو لم يتحرش الرجل بمن ترتدى قصيرا أو تضع ميك آب ما يبقاش رجل)!!.. فهذا تهديد للأمن العام ، لأنه يتضمن تحريضاً على هتك أعراض النساء ولو بالتحرش اللفظى.

نفس نظرية "المال السايب يعلّم السرقة .. فهذا الداعية لم يكلف نفسه ويحض الشباب على "غض البصر" عملا بالنص القرآنى الوارد في سورة "النور": (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ).

وعندما يظهر "محمود عامر" رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بدمنهور سابقا ، على قناة "دريم" ، عقب فتواه بضرورة نقل معهد الموسيقى الى مبنى آخر، وتحويل مبنى المعهد بشارع رمسيس إلى شئ آخر علمي أو ديني .. ليقول إن السبب فى ذلك أن المبنى صمم بطابع إسلامى و تعلوه قبة عليها علامة "الهلال"!.

ثم يحرم "عامر" الموسيقى ، بل ويحاكم "الأغنية" نفسها، فيقول عن أغنية : " يا أغلى اسم في الوجود": (أم الدنيا هي مكة وليس مصر أم الدنيا عندك انت مش عندي أنا ، مصر مش أم الدنيا يا حبيبي).. فهذا إنكار لـ "مدنية الدولة" وهدم لثقافتها وحضارتها، وحرب معلنة على مبدعيها وفنانيها من كائنات ظلامية، تعمل على نشر أفكارها الوهابية فى المجتمع ، وتقوم بغسل أدمغة الشباب تمهيدا لتجنيدهم فى صفوف الإرهاب.

فهل هذا رجل يؤتمن على منبر (سواء فى مسجد أو قناة فضائية أو موقع ألكترونى)؟.

الأدهى والأمر كان مهزلة ظهور الدكتور "عبد الله رشدى" ، عقب تفجير كنيستى "مار جرجس بطنطا، ومار مرقس بالإسكندرية".. لتكفير الأقباط على أكثر من قناة فضائية ، وكأنه يبرر للتنظيمات الإرهابية جريمة تفجير الكنيستين، أو أن مهمته تشويه "الأزهر الشريف" ، الذى ينتمى اليه، وإعلان عجزه عن مهمة تجديد "الخطاب الدينى" ؟

"رشدى" استطاع أن يقلب الطاولة ويجذب الإعلام الى جبهته، ليتحول المشهد الى خطاب تحريضى على قتل الأقباط ، ويظهر الإعلام فى ثوب عنصرى يعكس الثقافة السائدة ، الثقافة التى تهدر دماء الأقباط بسكين بارد وعقل مغيب.. لأن مولانا "رشدى" يرددها صباحا ومساء: (المسيحى كافر) !!.

حتى وهو يدافع عن حجته الواهية ، ويوضح الفرق بين "الكفر" و"القتل"، على أساس نظريته اللغوية المجهولة التى تقول إن الكفر هو "الإنكار" .. فنحن نقول له إن المعنى الشائع للكفر فى المجتمع هو "الشرك" .. وهذا كاف لقتل الأبرياء.

أمثال هؤلاء هم "نجوم" الفضائيات الخاصة ، وهم الأعلى صوتا، حتى النساء من بينهم نشرن فتاوى معادية للمرأة والمجتمع ، لقد أفتت الدكتورة "سعاد صالح"- من قبل- بجواز الرق والاستعباد (فى حال حاربنا إسرائيل وانتصرنا عليها).. وطالبت بتحجيب "الطفلة" في الصف السادس الابتدائى!.

لقد أصبحت بعض الفضائيات منصة لهدم الدولة ، وإعلاء حرب سلفية على المجتمع الذى ثار على الفاشية الدينية، الهدف منها إستعادة "سلطة" ما يسمى «رجال الدين» على الشارع بالتأثير فى البسطاء ومغازلة مشاعرهم الدينية.

محاربة التطرف والإرهاب تبدأ من حماية العقل المصرى من الهوس الدينى، من إستنهاض "قوتنا الناعمة"، واشراك المثقفين والمفكرين فى نشر ثقافة التنوير.

إذا تخلت الدولة عن الفكر والفن والثقافة فهذا معناه أنها تتنازل عن أدواتها فى مواجهة التعصب الأعمى والتطرف الدينى .. واول أساليب المواجهة هو منع هؤلاء من الظهور فى الفضائيات.

لست مع فكرة "المنع" ولكن إذا كانت الأفكار ظلامية ، والفتاوى تهدد الأمن القومى للبلاد ، إذا كانت تحرض على القتل ، وتنسف "حقوق المواطنة" ، وتشوه صحيح الدين فيجب منعها.

وفقا للقانون بعض النماذج التى قدمتها يجب محاكمتها .. حاكموهم حتى لا تكون فتنة فى الأرض.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة