نعم الله عز وجل علينا كثيرة وآلاؤه عظيمة وفضله كبير سبحانه، حيث أنه لا يمكن للمرء أن يعدها ، حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34]، ومن النعم الهامة والتي لا نشعُر بها ولا نُعيرها اهتِمامنا كثيرًا ولا نلتفت لعظمتها ولا ندرك قيمتها نعمة الأمن والسكينة والتى علينا أنْ نتذكَّرها ونشكر المولى عليها ونحذر من زوالها، وأنْ نقدرَ هذه النِّعمة جيدًا، وأنْ نحافظ عليها بشتى الطرق حتى نأمنَ في دِيننا ودِيارنا .
قال الله عز وجل: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾، للأمن أهمية كبيرة في حياة الفرد والمجتمع فهو سكن واستقرار وحاجتنا إليه كحاجتنا إلى الطعام والشراب الذي لا نعيش بدونه، فإذا ساد الأمن بين قوم أو جماعة أو بلد أَمِنَ الناس على أنفسهم وعلى عقولهم وعلى أموالهم وأعراضهم ومحارمهم وتفرغوا للعمل للآخرة وأصبحوا لا يخشون إلا الله تبارك وتعالى .
وفي ظل هذا الأمن تسكن النفوس وتطمئن وتنتشر السعادة وهو ما ذكره رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث قَالَ : (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) البخاري، لكن يجب الحذر كل الحذر فشياطين الإنس والجن يخوفوا العبد والمؤمنين ليل نهار ويشوشوا على ما لديهم من نعم كما أخبرنا المولى عن ذلك في محكم التنزيل وقال : (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة (268) .
وفي الحديث الشريف فوائد أخرى ونعم عظيمة ينطبق عليها ما ينطبق على الأمن وهي العافية والصحة والكفاية البسيطة كما قال الرسول الكريم: " عنده قوت يومه "، ومن جمع الله له هذه المور عافية وأمن وكفاف وسلامة فقد جمع الله له جميع النعم والسعادة كلها التي من ملك الدنيا لم يحصل على مثلها، فعلى العبد أن لا يلتفت لزينة الشيطان وشركه وتخويفه وتحزينه وإضلاله، وأن يصرف هذه النعم في طاعة المنعم، لا في معصيته، ولا يفتر عن ذكره وشكره وحسن عبادته.
ولدوام النعمة الله يجب على الشخص تذكر تلك النعم والقيام بعباداته شكرا لله على فضله، ومن العبادات المهمة لدوام نعم الله صلة الرحم وشكر الله، فعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ» رواه أبوداود في "سننه".
وأكدت دار الإفتاء أنه قال بعض أهل العلم: كل نعمة يمكن شكرها إلَّا نعمة الله تعالى فإنَّ شكر نعمته نعمةٌ منه، فيحتاج العبد أن يشكر الثاني كشكرهِ الأَوَّل، وكذلك الحال في الثَّالث والرَّابع، وهذا يؤدي إلى ما لا يتناهى، ولذلك قال موسى عليه الصلاة والسلام: «اللهم أمرتني بالشكر على نعمتك، وشكري إيَّاك نعمة من نعمك».