شمال سيناء : سميحة درويش
«الثأر.. الثأر.. الثأر».. كلمات رفعها رموز وشباب قبائل الترابين والسواركة والروميلات فى شمال سيناء، معربين عن غضبهم من تنظيم «ولاية سيناء» أو «أنصار بيت المقدس» الذى بايع «داعش» عام ٢٠١٤ وأطلق على نفسه «داعش سيناء»، مؤكدين مواصلة الاصطفاف إلى جانب الدولة المصرية والقوات المسلحة لاجتثاث جذور الإرهاب، مشايخ سيناء أكدوا لـ»المصور» أن صدورهم ضاقت من تكرار حوادث الموت وجرائمهم فى حق سيناء وأنهم لن يهدأ لهم بال حتى يطهروها من هذه العصابة.
أبناء قبائل السيناوية يؤكدون أن ذبح عناصر التنظيم لأحد أبناء قبيلة الترابين ويدعى عبد الباسط الجلادين عقب رفضه التعاون معهم بتوزيع منشورات، وكذلك ذبح سيدة بعد اختطافها بذريعة تعاونها مع الجيش؛ كانت الشرارة التى أشعلت الحمية الوطنية فى دماء القبائل، واتخذوا قرارا بالتنسيق مع قيادات القوات المسلحة وتحت إشرافها بالتحرك وتتبع عناصر التنظيم المعروف عنهم الفرار عقب أى عملية إرهابية، والاختباء فى الجحور.
وكانت المُبادرة الأولى لاصطفاف القبائل للرد على عدوان التنظيم الإرهابى وعلى رأسها قبيلة الترابين أكبر قبائل سيناء، الأثر البالغ فى التحرك السريع من شباب ورجال القبائل من الشمال والجنوب - بحسب الشيخ موسى الدلح المتحدث الرسمى باسم قبيلة الترابين، موضحاً أن التحرك وتتبع عناصر الإرهاب لم يكن وليد الحادث الأخير؛ لكن قبائل سيناء تتحرك وفى تعاون مستمر مع قيادات الجيش وبالتنسيق معهم منذ اندلاع الحرب على الإرهاب؛ لكن كان دور القبائل له حدود حرصاً من القوات المسلحة بألا يستغل البعض الأمر ويحوله إلى فتنة بين أبناء سيناء.
«الدلح»: أكد أن قبيلة الترابين لها ثأر قديم مع تنظيم «ولاية سيناء» فكل يوم يموت منا رجال من الجيش والشرطة وأبناء القبائل، فقد ضاق صدر الجميع من هذه الجرائم الخسيسة التى لا علاقة بها بأى أخلاق، والتى حرمت كل أسرة وقبيلة من خيرة شبابها، وحزنا على رجالنا من الجيش والشرطة وبث الرعب والخوف فى نفوس الجميع.
لافتاً إلى أنه رغم ذلك كنا يداً واحدة مع الجيش بالتعاون فى جلب المعلومات والإبلاغ عن أى مشتبه فيه حتى لو كان عزيزا أو غاليا، وجاءت لحظة الانتفاضة خاصة بعدما فجر تنظيم «ولاية سيناء» مقعد قبيلة الترابين بسلاح «آر بى جي» فى العريش منتصف الشهر الماضي.. وهو يعد فى عرفنا قمة التحدى والاستهانة.
وتابع بقوله: زاد الأمر غلياناً بعدما فجروا سيارة مفخخة فى جمع من الشباب خلال احتفالات ذكرى تحرير سيناء.. فكان القرار بالتنسيق مع الجيش فى التحرك لمواجهة هذه العصابة, فقد بات حقاً علينا النيل منهم ثأراً لحرماتنا بمطاردتهم والقضاء عليهم أينما كانوا، فهم يفرون فى لمح البصر بعد كل عملية خسيسة ضدنا أو ضد الجيش والشرطة وكله بثمنه، فقتل الضابط بثمن غالٍ غير زرع العبوة أو الخطف أو الذبح .. كله بثمنه والأغلى ثمناً زرع عبوة تفضى إلى استشهاد عنصر من الجيش أو الشرطة، موضحا أن وفرة الأموال يسيل لها لعاب الخارجين وحقراء القبائل وعددهم قليل للغاية ولا يذكر بجانب العناصر المجندة من المحافظات أو من الخارج.
وأشار «الدلح» إلى أن القبائل أدرى بشعاب سيناء وتضاريسها؛ ولذلك فقد قام أبناء الترابين بمطاردة فلول تنظيم «داعش سيناء» الهاربين من قوات الجيش فى منطقة العُجرة على حدود إسرائيل حتى لاذوا بالفرار رعباً من قوات الجيش ومنا، وخلفوا وراءهم متعلقات وأجهزة إلكترونية ووثائق مهمة، الدلح يكشف أن القبائل الأخرى قامت بالانضمام للمواجهة، وأولهم قبيلة السواركة، وتبعتها قبيلة الروميلات، وتليها الفواخرية بالعريش وغيرهم من شباب القبائل القاطنين بالمحافظات الأخرى.. فكل قبيلة لها حدودها التى ستتحرك فيها دون الجور على حدود قبيلة أخرى.. فحدودنا جنوب رفح حتى العجراء وبعدها قبيلة السواركة ثم الروميلات.. فكلنا نتعاون مع الجيش لأجل المصلحة العليا للوطن وليس سيناء فقط.
وطالب الشيخ موسى الدلح الإعلام بالمساعدة لتغيير الصورة الذهنية المغلوطة لدى المصريين عن بدو سيناء وعدم الانصياع لأقوال بعض المغرضين ممن تستضيفهم الفضائيات بالتلميح والتصريح عن تقاعس الجيش فى منح السلاح لبدو سيناء للدفاع عن أرضهم أو قلب الحقائق.. فالقضاء على الإرهاب أصبح وشيكاً ولن يتم تطهير سيناء؛ إلا بسواعد الجيش وتعاون أهل سيناء الشرفاء.. فتاريخياً بدو سيناء مُسجلة بطولاتهم فى سجلات الشرف ومازالت وستظل للأبد.
وأكد الدلح أن رجال الجيش والشرطة هم من يخوضون الحرب الشرسة ضد الإرهاب ويحققون الأمان لأهل سيناء الذين يؤدون دورهم كداعمين وكذلك دورهم فى مطاردة بقايا الإرهابيين الفارين يعرفون الدروب التى يلجأ إليها هؤلاء الإرهابيين.
من جهته، قال الشيخ عيسى الخرافين شيخ مشايخ قبيلة الروميلات، والبرلمانى ما أثلج صدورنا القرار التاريخى الذى منحته قيادات الجيش لأبناء القبائل بالتحرك ضد عدو غادر لا يعرف دينا ولا رحمة.. يكفر الجميع ويطرد ذويه من الأسرة بفتاوى بالية شيطانية لا علاقة لها بشريعة أو دين.. فكل شباب القبائل انتفضوا بعد هذا القرار الشجاع، والذى طالبنا به منذ عامين بالموافقة على استخدام السلاح فى مقاومة أعضاء التنظيم الإرهابي؛ لكن تم إرجاء القرار لوقته لبعض الاعتبارات التى يراها المسئولون.
وبحماس بالغ، قال الشيخ «الخرافين» عدد كبير تأهب للمشاركة من أبناء الوادى فى الانضمام لشباب القبائل لمحاربة عصابة الإرهاب.. وأن ما حدث من مبادرة قبيلة الترابين دفع باقى القبائل للانضمام إليها من السواركة والروميلات والحويطات والأحايوة وغيرهم من أكثر من خمسين قبيلة، حتى من هاجروا من سيناء دفعهم الحماس للعودة والوقوف بجوار أبنائها، فذلك سوف يكون عوناً ودرعاً مع سلاح الجيش فى القضاء على الإرهاب وعناصره فى البؤر المتبقية التى يختبئ فيها عناصر العصابة الإجرامية.
وتابع بقوله: إن تلك الخطوة الجريئة قد عززت نخوة البدو، حيث كانت لقيادات الجيش رؤية استراتيجية فى عدم خلق جيش موازٍ فى تلك الآونة حتى لا ينتج عنه ما لا يحمد عقباه، لافتاً إلى أن توقيت القرار الذى أصفه بالتاريخى جدد الدماء فى عروق سيناء التى شهدت أرضها على مدى التاريخ صحوة ونخوة البدو خلف الجيش لحمايتها من العدوان عليها.
ويشارك من قبيلة السواركة الشيخ عبد المنعم المنيعى أحد رموز عائلة المنايعة المعروفة بتسليم بعض العناصر التكفيرية منهم للقوات المسلحة، وأيضاً المشهورة برموزها من الوطنيين الشرفاء الذين راحوا ضحية عناصر التنظيم الإرهابي، قائلاً: نحن مثلما سلمنا منا من خرجوا عن العرف والشرع وعاثوا فساداً بيننا مثلما يوجد منا وبيننا الوطنيون الشرفاء وممن غدر بهم عناصر التنظيم وقتلوهم بدم بارد لتعاونهم مع الجيش، فقد استشهد من السواركة ٣٤ شهيدا لم نعلن عن أسمائهم خشية على أبنائهم من تتبع التنظيم الإرهابى لهم وقتلهم، فقد أخذنا القرار بالانضمام إلى قبيلة الترابين بعدما تلقوا الضوء الأخضر بالبدء فى الحرب على تنظيم «ولاية سيناء» ثأراً منهم، وكل منا فى حدوده وبالتنسيق مع قيادات الجيش فى الإبلاغ عن العناصر الفارة من التنظيم لقبيلتنا، والإبلاغ بها لدى القبيلة التى ينتمون إليها والمتعاونة فى مبادرة الترابين.. فنحن منذ انتشار عناصر التنظيم الإرهابى فى سيناء لم نألُ جهداً فى التعاون مع الجيش ومده بالمعلومات والإرشاد عن التكفيريين وليس الآن فقط.. الفارق الوحيد أننا نتحرك مزودين بالسلاح بعد التصريح لنا بذلك – فقد كنا نعمل فى تكتم شديد فيما قبل ولم نكن نعلن على الإطلاق عن تحركاتنا حتى لا يخاف الأهالى علينا أو على أنفسهم.
ويصف «المنيعي» ما جرى فى الأيام القليلة بعد اتحاد القبائل ضد تنظيم «ولاية سيناء» بأنهم أبلوا جيداً فى الفترة القليلة بصورة منقطعة النظير، ومستمرون للنهاية وهناك قبائل انضمت لنا دون الإعلان عن نفسها خشية على أسرهم من النساء والصغار، لافتاً إلى أن التنظيم إجرامى ولا يستحيى ولا يعرف حرمات على الإطلاق، ويبث جرعات من الخيال فى وجدان عناصره بأن كل فرد منهم سوف يتولى جزءا من الأرض أو يتم تنصيبه على إمارة، ولذلك لابد من القضاء على عواقل ورموز أى عائلة حتى يتمكن التنظيم من السيطرة على البسطاء فيها..وقد فعلوها منذ أيام بخطف ثلاثة من الشباب فى رفح وتم ذبحهم حتى ينصاع الباقون ولا يتفوهوا بحرف عنهم.. فنحن لهم بالمرصاد حتى وإن خلت سيناء من أهلها عن آخر فرد فيها، سوف نتبعهم لآخر رمق.
فى ذات السياق، أكد الشيخ عبد الحميد الأخرسى أحد رموز قبيلة «الأخارسة» ببئر العبد أن فطرة البدو على الجهاد والذود عن الأرض ربانية، فالبدو جنود الوطن على الحدود الشرقية لمصر، وهم أقمار صناعية وبوصلة وعين للجيش والشرطة.. وتاريخياً الجيش يعلم جيدا دور بدو سيناء فى المقاومة والعمليات الجهادية قبل وأثناء حروبه ضد الاحتلال وحرب الاستنزاف حتى حرب النصر عليه، مضيفا: قبيلة الأخارسة تعدادها لا يقل عن ٦ ملايين مواطن فى مصر، و١٠٠ ألف فى شمال سيناء مستقرين فى بئر العبد الأكثر أمانا عن باقى مدن ومراكز المحافظة، فنحن مشاركون فى الإبلاغ عن عصابات تهريب المخدرات والأفارقة والسلاح بالتنسيق مع الجيش، ونتحرك وفقاً للخطط التى يتم وضعها.. فبئر العبد تتمتع بنسبة عالية من المتعلمين والمثقفين وذوى المناصب العليا وسهل علينا التعرف على أى عنصر غريب عنا، وقال «الأخرسي» جنح إلى السلم والسلام، تعتبر المدينة خالية تماما من أى عمليات إرهابية؛ لكن ذلك لم يمنعنا من المشاركة والانضمام إلى اتحاد القبائل فى القضاء على عناصر التنظيم الإرهابى بأسرع وقت ممكن، حتى تستقر النفوس، وتبدأ شمال سيناء عهداً جديداً فى التنمية.