السبت 1 يونيو 2024

محاكاة التراث بمجسمات صغيرة.. خديجة تبدع في فن المُصغرات: الجمال يكمن في التفاصيل (صور وفيديو)

الفنانة خديجة المغربية

الهلال لايت 27-5-2021 | 22:04

كتب/ فاطمة أبو النجا - تصوير/ يارا أحمد ناجي

"فن المصغرات"، ربما لم تسمع عنه من قبل، هو تجسيد للطراز والتراث، جعل خديجة ذات الـ39 عامًا، تغوص في عشقه بشكل خاص، دون كافة الفنون اليدوية التي تبدع فيها.

هي فتاة مغربية، تطرق العقد الرابع من عمرها، ولدت في دولة المغرب، وتعيش في مصر منذ نحو سنتين، وذلك بعد إقامتها في إنجلترا نحو 19 عامًا، أتقنت نوعًا جديدًا ومختلفًا من الفن، وهو "فن المصغرات".



ما هو "فن المصغرات"؟

هو نوع مختلف من الفن، يعتمد في أساسه على مزيج من الفنون المختلفة، مثل النحت والرسم والخياطة والنقش، يعتمد على تجسيد أنواع مختلفة من الأشياء، مثل البيوت، وكل ما هو يمثل ثقافة معينة.

يعتبر فن المصغرات نوع متكامل من الفنون، جعل خديجة تغوص في تفاصيل الأشياء، وتصنع من كل ما هو مختلف، مجسمات صغيرة جدًا، قد يصل حجمها إلى كف اليد أو أصغر.



حكاية خديجة مع فن المصغرات

جعل فن المصغرات خديجة تنجذب لفكرة إحياء التراث؛ نظرًا أنها تعمل من خلاله على تجسيد لشكل الثقافات المصرية، من خلال البيوت الريفية القديمة، أو الفرن البلدي، أو الزير، وصولًا إلى المنخل القديم مثلًا، وما تراه على حوائط البيوت القديمة البسيطة في الريف المصري.

وحكت خديجة عن تعلقها بأفلام الأبيض والأسود في دارها بالمغرب، ومشاهدتها لها بانتظام كل جمعة؛ فكانت مُغرمة بالديكور قديمًا، وقالت إن هذه الأشياء أصبحت نادرة الآن، فكل ما تفعله هو تجسيد لما تراه في هذه الأفلام بمجسمات صغيرة، لكنها مليئة بالتفاصيل الجميلة.



في مصر الأمر مختلف

في مصر دائمًا الأمر مختلف؛ فجاءت خديجة إلى أم الدنيا، تجولت وزارت الكثير من الأماكن، ولمست مزيج التراث المصري، وعاشت تفاصيل الحضارة، والتنوع بين شوارعها وتاريخها، وشقوق بيوتها القديمة، ورائحة التاريخ والتطور معًا، مما دفعها للبدء في عمل مجسمات لكل ما تقع عليه عينها من جمال.

وبعد البحث عن فرصة للدخول في هذا الفن، توضح خديجة أنها بدأت فيه منذ شهر أكتوبر الماضي، حيث استغلت ظروف الحظر في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد، وبدأت في الاهتمام بتفاصيله.



فن متكامل

"من يغوص في تفاصيل فن المصغرات، يعشقه بجنون"، هكذا قالت الفنانة الشابة خديجة؛ حيث أنه مزيج من عدة فنون، مثل النحت والرسم والخياطة والتطريز والتلوين والتشكيل، على الرغم من أن المجسم الواحد يكون بمقياس 20 X20 سم، لكنه يحمل الكثير من التفاصيل الدقيقة، التي تحتوي على كل أنواع الفنون، وهو ما يعتبر تحدٍ في حد ذاته.
 

وقالت: "لتهتم بكل تفاصيل المجسم لتجسيد الواقع، عليك بالبحث مطولًا لشراء هذه التفاصيل، أو صنعها من اللاشئ، ومن هنا تكمن روح التحدي والإبداع؛ فليس هناك مكان محدد لشراء الأدوات، أنت لست مهندس ديكور بل فنان، فكل شيء عينك تقع عليه مناسب، مثل غطاء أو لعب الأطفال الصغيرة أو حتى الكارتون، هذه الأشياء وغيرها تخدمك في صناعة مجسمك بالشكل الواقعي".



الخامات والأدوات

وأضافت: "هذه المجسمات تكون من خشب صلب يُطلق عليه (DMF)، وهو متاح عند النجار، ونستخدم أيضًا الخشب البلص، وهو موجود بجميع المكتبات، ونستخدم الفوم والكارتون؛ حيث أن الخامات المُستخدمة عديدة ومتاحة، ولا يمكن حصرها".

ولقبت خديجة عمل المجسمات بـ"السهل الممتنع"؛ نظرًا أنه يحتاج الكثير من المهارات والجهد، والأهم من ذلك الصبر، على الرغم من كونه ممتع، فالمجسم الواحد يأخذ شهور لإتمامه، مع الأخذ في الاعتبار، البحث طوال الوقت لإنتاج مجسم يحاكي الواقع.



أول عمل لها

وعن أول عمل لها، فكان خيمة عربية وبيت نوبي بكل تفاصيله المبهرة، وبألوانه الزاهية، وروت خديجة عن حكاية مجسم لها، وهو هدية لصديقتها؛ حيث أنها من جذور ارسطقراطية، وبنفس الوقت عاشقة للفن الفرنسي، فصنعت لها مجسم يعبر عن المزيج بين أصولها وعشقها، من صور لروميو وجوليت، وبرواز لماري أنطوانيت، للديكور المصري الاستقراطي.

وعن إحساسها بأول مجسم صنعته، وصفت خديجة هذا الشعور بـ"الممتع والمبهر"؛ خاصة بعدما انتهت منه، ورأت في النهاية نموذج صغير جدًا من واقع نراه، جزءٌ من تراثنا، وآخر من شخصيتنا.



الفن هو العلاج والوقاية

"الإنسان لو يملك هواية معينة، لابد أن يتمسك بها"، كانت هذه نصيحة للشباب من خديجة؛ حيث أوضحت أن الهواية لها قدرة غريبة تساعدك في الانفصال عن الواقع، وكأنها تذهب بك إلى عالم آخر.
 

وفي بداية الأعمال اليدوية، كانت خديجة تخصص "كورسات" للمهتمين، لكي تساعدهم في تفريغ الطاقة السلبية، والتخلص من المشاكل النفسية، ولو على قدر بسيط، لافتة إلى أن الفن هو العلاج والوقاية معًا، وليست الأدوية.



حبها لمصر

كان لخديجة حب وعشق مختلف لمصر، وفضّلت أن تعيش هنا وسط التراث والحضارة والتفاصيل المختلفة، وتبدأ هذا النوع الجديد من الفن، تحاكي فيه الماضي والحاضر والمستقبل.

تقول خيدجة إن سبب إقامتها في مصر، هو أولادها، وحرصها على معرفتهم لتراث وعادات بلدهم؛ فزوجها مصري، لذلك تحلم أن تعرض هذه المجسمات في المدارس المصرية، ليتمكن الأطفال من معرفة أصول وتقاليد وشكل وتراث بلادهم في كافة المحافظات والحِقب الزمنية.



أمنيتها
وعبّرت خديجة عن رغبتها بعرض هذه المجسمات في المدارس العربية أيضًا، ليتعرف أطفال العرب على تراث وحضارات بلادهم، بالإضافة إلى معارض بلندن؛ حيث سيشعر المغترب بالأُلفة والحنين بوجود هذه المجسمات، والتي تنتشله من الوحدة عندما يلامسها.

وبالحديث عن المعارض، أكدت مشاركتها في العراق بمجسم يحكي عن فناني العصر القديم، مع بيانو عتيق وتفاصيل رقيقة، وشاركت أيضًا بمعرض لمسات، تحت عنوان "قوة المرأة "، وبذلك حصدت ثمار جهدها، بحصولها على درع وشهادة تكريم من دولة العراق.