السبت 18 مايو 2024

الفريق أسامة الجندي رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشيوخ: مياه النيل خط أحمر (حوار)

الفريق أسامة الجندي يتحدث لمحرر دار الهلال

برلمان31-5-2021 | 20:02

حوار - أحمد موسى الضبع

- تعنت إثيوبيا في قضية سد النهضة مقصود.. وموقفها مخالف للأعراف والمواثيق الدولية

- في حالة حدوث انهيار لسد النهضة ستحدث كارثة كبيرة تضر المنطقة بالكامل

- لا أفضل التدخل العسكري في قضية سد النهضة.. ومصر اتخذت الطريق الدبلوماسي للوصول للحل

- مصر نجحت في نزع فتيل الأزمة بين إسرائيل وفلسطين.. ولا بد من تطبيق حل الدولتين

- عدم استقرار ليبيا يهدد أمننا القومي.. وخروج المليشيات والمرتزقة الحل لإعادة أركان الدولة

- نعمل وفق خطة تعتمد على دراسة الأبعاد المؤثرة على الأمن القومي المصري.. وملف الأمن المائي من أولوياتنا

- الرئيس السيسي أعاد لمصر مكانتها الرائدة.. فأصبحت دولة محورية مؤثرة في المنطقة ولها ثقلها على مستوى العالم

 

"المياه بالنسبة لمصر حياة أو موت".. بتلك الكلمات التي تتميز بالقوة والثقة، طمأن الفريق أسامة الجندي، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشيوخ، المصريين بأن قضية سد النهضة في يد قيادة سياسية وطنية واعية قادرة على حماية حقوق شعبها، والحفاظ على حقوقه التاريخية في مياه نهر النيل.

 

وقال الجندي خلال حواره مع "دار الهلال" إن اللجنة، تعمل على دراسة الأبعاد المؤثرة على الأمن القومي المصري، والتي جاءت في مقدمتها ملف الأمن المائي، كقضية تشغل الراي العام المصري.

 

وإلي نص الحوار:

 

أزمة سد النهضة

** إلى أى مدى ترى استمرار التعنت الإثيوبي فى مفاوضات سد النهضة؟

أود في البداية أتحدث عن الموارد المائية لمصر ومصدرها الرئيسي للمياه هو "نهر النيل"، والذي يمثل شريان الحياة ومصدرها الرئيس للمياه، فمصر من الدول التي تعاني من الفقر المائي، حيث أن نصيب المواطن المصري من المياه في حدود 570 مترًا مكعبًا سنويًا، في حين أن حد الفقر المائي يبل500 متر مكعب في السنة، في حين أن المعدل العالمي يزيد عن 1000 متر مكعب، إذًا المياه بالنسبة لمصر مسألة "حياة أو موت".

كما أن حوض نهر النيل له مصدرين، عن طريق هضبة إثيوبيا، والهضبة الاستوائية، وأؤكد أن إثيوبيا لا تعاني من الفقر المائي، بل نجد أن لديها فائض في المياه ووفره في المياه، ولها مصادر كثيرة، وليست لديها أزمة أو مشكلة.

الفريق اسامة الجندي

** إذًا.. لماذا نجد هذا التعنت الكبير وعدم الوصول لاتفاق عادل ومرضٍ؟

إثيوبيا تحاول أن تفرض نفسها بحجة المياه للتخلص من الاتفاقيات السابقة، والتي يراها الجانب الإثيوبي من وجه نظره، أنها وقعت في فترة احتلال، وأنه غير مسؤول عنها، فيريد أن يسبب مشاكل للتخلص من التزاماته تجاه مصر، بكمية المياه، ويكون هو صاحب الحق المطلق في التصرف في النيل، وهذا لا يمكن أن تقبله مصر.

وأؤكد أن مصر تدير هذه القضية وفقا للاتفاقيات الدولية التى تحدد أسلوب وطرق التعامل بين دول حوض الأنهار العالمية، والتي تحدد إجراءات استخدام المياه لكل دولة، وبالتالي نجد أن الموقف الإثيوبي يشوبه التعنت ولا يتطابق مع الأعراف والمواثيق الدولية التي تنظم طرق استخدام المياة لدول حوض النيل.

كما أؤكد على أن مصر اتخذت الطريق الدبلوماسي للوصول لحل لهذه القضية، في حين نجد أن الموقف الإثيوبي غير مبرر وغير منطقي ولا يمت للواقع بصلة.

 

** كيف تري خطورة سد النهضة على مصر؟

سد النهضة اذا أدير بالأسلوب وبالطريقة الإثيوبية هو بالفعل يشكل خطورة علي مصر، ولكن لو كان هناك تعاون وتنسيق بين الدول الثلاث "مصر والسودان واثيوبيا"، فلن يسبب اي مشاكل لتلك الدول الثلاث، بل بالعكس يمكن ان يستخدم كاحتياطي لصالح الجميع، إذا لزم الأمر.

وخطورته نتيجة للعديد من العوامل، فنجد أن مياه الأمطار لا يمكن لأحد أن يحدد كمياتها، وبالتالي هي غير مؤمنة، فنجد أن بعض السنوات يحدث وفرة، وأخرى يحدث جفاف، وبناءً على حديث الجانب الإثيوبي من تخزين وملء السد من المياه بكمية 74 مليار متر مكعب، لا يحتاجه الوفرة الميائية لديه، في حين العكس والتي تسبب خطورة على مصر نتيجة المنع والتحكم في المياه.

** فى حالة انهيار سد النهضة.. ما تقديرات الأضرار  على مصر والسودان؟

لا شك أنه إذا حدث انهيار لسد النهضة نتيحة عوامل طبيعية أو فنية، من المؤكد أنه ستحدث كارثة كبيرة تؤثر على المنطقة بالكامل.

ومن المطالب المصرية من الجانب الاثيوبي الإطلاع علي التصميمات الفنية لبناء السد، وهو ما رفضته إثيوبيا، والحكم في هذا الأمر فنيا يرجع للخبراء.

الفريق اسامة الجندي مع محرر دار الهلال

 

 

** إذًا.. ما هي الرؤية التي تطرحها اللجنة  للتعامل مع هذا الملف؟

نري أن هذا الملف لا يدار من الجانب الإثيوبي منفرداً، بل يجب أن تحول قضية سد النهضة للمنظور الدولي، كما حدث الآن بالفعل بتدخل الولايات المتحدة الإمريكية، والبنك الدولي وبعض الدول الأخرى للوصول لحل يرضي كافة الأطراف الثلاث، "مصر والسودان وإثيوبيا".

واطمئن الشعب المصري العظيم علي هذا الملف بأنه في يد قيادة سياسية واعية، وقادرة على حماية شعبها، والحفاظ على حقوقه التاريخية في مياه النيل.

 

** في 30 مارس الماضى أكد الرئيس السيسي أن مياه النيل خط أحمر وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل.. كيف تري هذا التصريح ؟

ما صرح به الرئيس السيسي، في هذا الشان ليس تهديدًا كما وصفه البعض، ولكن يقصد به حدوث حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، وهذا يرجع الي موقف إثيوبيا المتعنت تجاه مصر وتأييد بعض الدول لها ، والتي لا تقدر خطورة تلك القرارات وما تنتج عنها.

ولكن حديث الرئيس السيسي في هذا الشأن رسالة بأن المياه لمصر "خط أحمر" وحياة أو موت لنا، وبالتالي عدم استقرار مصر سيؤدي في النهاية إلى وجود عواقب وخيمة وعدم الاستقرار في المنطقة بالكامل.

 

** هناك سيناريوهات يتحدث عنها البعض والتي تتعلق بحل أزمة السد وجاء في مقدمتها التدخل العسكري.. هل تؤيد هذا السيناريو أم ترفضه؟

أتساءل في بداية الأمر.. هل الحل العسكري هو أحد الحلول الواردة لتلك القضية؟ لاشك أن القيادة السياسية علي دراية كاملة بهذا الشأن، وما تتخذه من حلول وسيناريوهات لهذه القضية، فتري ما تراه مناسبا، وما هو غير مناسب.

وأؤيد الحل السلمي في القضايا بين الدول، فلغة التدخل العسكري في كل دول العالم كادت أن تختفي بعدما أثبتت فشلها، ولكن يعد أحد الحلول الأخيرة رغم مرارته.

 

** إذا تطور الأمر برفض إثيوبيا.. ما هو الإجراء الذى ستتخذه مصر؟

لابد من الضغط، ولا تستطيع أي دولة في العالم أن تقف وتعارض أي دولة حتي لو كانت الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن ما يتم الآن بمثابة مناورات سياسية لتحقيق أكبر قدر من المكاسب بين الدول.

الفريق اسامة الجندي

القضية الفسلطينية

** كيف تقيم الدور المصرى فى القضية الفلسطينية والتى كان آخرها وقف إطلاق النار بعد الأزمة الأخيرة؟

مصر دولة محورية في المنطقة ولها ثقل سياسي وحضاري ورائدة، فلا يمكن أن تدار مثل هذه القضايا دون تدخل مصر، فمصر منذ حدوث الأزمة الفلسطينية حتي هذه اللحظة، هي القائمة بالدور الرئيسي لحلها، فهي كانت الملجأ والملاذ للأشقاء الفلسطينيين، ودفعت كثيرًا لحل هذه القضية.

وعندما نرى الموقف التصاعدي الأخير بين إسرائيل وفلسطين، نجد أن الجانب الإسرائيلي يملك ماكينة إعلامية ضخمة تستطيع أن تضعه في موقف المعتدي عليه والضعيف، وتصور الموقف بين الجانبين على أنه حرب بين جيشي دولتين وهذا غير حقيقي.

القيادة السياسية المصرية رأت أن هناك توتر يحدث في المنطقة نتيجة الصراعات بين الجانبين، من الممكن أن يؤثر على المنطقة بالكامل، ووقف عجلة التنمية، فتدخلت نتيجة علاقاتها بالجانبين لوقف نزيف الدماء والدمار ووصلت لوقف إطلاق النار، ونزعت فتيل الأزمة، وتميزت ونجحت في هذا الأمر الذي أشادت به دول العالم.

 

** ماذا عن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي لإعادة إعمار غزة؟

تاتي في إطار التزامات مصر القومية تجاه القضية الفلسطينية وثوابتها الراسخة فى هذا الشأن، وما بذلته وتبذله لتعزيز الجهود الرامية نحو إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، فى إطار حل الدولتين وبما يتفق مع القرارات الدولية فى هذا الشان، بالإضافة إلى أنها تعكس مقومات الزعامة المصرية والرؤية الشاملة والاستراتيجية للقيادة السياسية فى معالجة الأوضاع المتصاعدة فى الأراضى الفلسطينية من بذل الجهود نحو وقف أعمال العنف والعدوان والوصول لتهدئة بين الأطراف ووقف الأعمال التى أدت لاندلاعها، باعتبار أن العنف لن يحقق الأمن والاستقرار، بل الالتزام بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى الذى يناضل منذ أكثر من ٧٠ عاما لنيل حقوقه المشروعة.

 كما سارعت القيادة المصرية وبشكل متزامن بفتح معبر رفح واستقبال الجرحى والمصابين وتقديم المساعدات الإنسانية والطبية ثم المبادرة بقيادة الجهود الدولية والإقليمية نحو اعادة اعمار ما خلفه العدوان.

 

** ما الحل النهائي للقضية الفلسطينية؟

الأمر الواقع يؤكد أنه لا بد أن يتم حل الدولتين، والذي أيدته أغلب دول العالم هو حل الدولتين "إسرائيل وفلسطين".

الفريق اسامة الجندي

الأزمة الليبيبة

** هناك توافق بين مصر وألمانيا حول خروج المرتزقة والميليشيات الأجنبية من الأراضي اللبيبة لاستعادة أركان الدولة ومؤسساتها الوطنية.. حدثنا باستفاضه عن الدور المصري تجاه القضية الليبية ؟

المشكلة في ليبيا كانت قضية مفتعلة، وتواجد المليشيات والمرتزقة والتي كان هدفها خدمة بعض الدول للسيطرة علي ليبيا والاستفادة من إمكانيتها وثرواتها.

وما تشهده ليبيا يمثل تهديدًا من الجانب الغربي لمصر، نتيجة عدم الاستقرار بالدول الشقيقة، والعلاج النهائي هو خروج جميع المليشيات والمرتزقة، حتي تعود ليبيا إلى شعبها وتعود إلى أوضاعها الطبيعية ويعود الاستقرار بها مره أخرى.

وما تقوم به القيادة السياسية تجاه القضية الليبية، يأتي في إطار جهود مصر الهادفة في مجملها إلى دعم المرحلة الانتقالية الحالية، وصولاً إلى إجراء الاستحقاق الانتخابي المنشود في شهر ديسمبر المقبل، بما يساعد على استعادة أركان الدولة ومؤسساتها الوطنية.

 

لجنة الدفاع الأمن والقومي

** ما أبرز القضايا التي ناقشتها لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشيوخ؟

الفترة التي عملت فيها اللجنة ليست كبيرة، وبالتالي بدأنا في مناقشة ودراسة عدد من القضايا لإبداء سيناريوهات محتمله لتقديمها للقيادة السياسة من الممكن أن تساهم في حل بعض الموضوعات والقضايا.

فلجنة الدفاع والأمن القومي، تعمل طبقًا لخطة تعتمد على دراسة الأبعاد المؤثرة على الأمن القومي المصري، فيتم مناقشة التطورات تباعا، خلال انعقاد اللجنة.

ورأينا كلجنة الدفاع والأمن القومي، أن أهم قضية يجب أن نعمل عليها هو ملف الأمن المائي، لذا دعونا وزير الري والموارد المائية، الدكتور محمد عبد العاطي، ومعه اللجان المختصة واجتمعنا أكثر من مرة، واستوضحنا منه عددًا كبيرًاا من المسائل، وكان أبرزها: كيف نؤمن الموارد المائية لمصر، كما تم طرح موارد بديلة كالمياه الجوفية، والتوجه لإقامة المدن الجديدة قرب الساحل البحري، للاستفادة بتحلية مياه البحر، بالإضافة الي تدوير المياه عن طريق محطتين ضخمتين، في بحر البقر بالقرب من ترعة الإسماعيلية، ومدينة الحمام بالدلتا، التي يمكن استخدمها في الزراعة وغيرها".

وما زلنا نعمل حاليًا على استضافة ممثلى وزارة الخارجية، لاستكمال ودارسة العلاقات المصرية مع دول حوض النيل، وكيفية تطويرها وتنميتها للوصول لمجال تعاون لحدوث تنمية ويعم الخير علي الجميع.

** ما خطة عمل اللجنة في الفترة المقبلة؟

نعمل وفق برنامج لعمل اللجنة، وحددنا الموضوعات التي تؤثر على الأمن القومي المصري والتي كانت في مقدماتها ملف الأمن المائي، بجانب ما يطرأ على اللجنة من مشروعات قوانين أو قضايا ترد إلى اللجنة لدراستها، لكن الشغل الشاغل لعمل لجنة الدفاع والأمن القومي الآن هو ملف الأمن المائي.

زيارات الرئيس السيسي الخارجية

** كيف تري زيارات الرئيس السيسي الخارجية والتى كان آخرها جمهورية جيبوتي ولقاء الرئيس إسماعيل عمر جيلة؟

أؤكد لك في البداية أن زيارات الرئيس السيسي منذ توليه رئاسة البلاد وهو يسعي جاهداً إلى إعادة العلاقات بين مصر ودول العالم، وإعادة العلاقات الي مستواها الطبيعي لها "الند بالند" وليس التابع والمتبوع، لرفع مكانة مصر إلى مستوى اعلي، مع إزالة أي خلافات مع أي من الدول إن وجدت، من خلال التواصل المباشر عن طريق تبادل الزيارات بين الدول أو من خلال الاتصال التلفوني أو عن طريق المشاركة في المبادرات والمؤتمرات الدولية عبر الفيديو كونفرانس، أو التنسيق مع القيادات والزعماء على مستوي الحكومات والمجالس النيابية، لتبادل الخبرات وغيرها كرؤية شاملة للدول.

فمصر الآن أصبحت دولة محورية مؤثرة في المنطقة ولها ثقلها على مستوى العالم والإقليم.

** استقبلت مصر خلال الأيام الأخيرة وزير خارجية أمريكا.. كيف رأيت ذلك؟

العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية استراتيجية، وبالتالي يجب تطويرها بفكر مختلف حاليا في ظل وجود إدارة جديدة، لكونها دولة عظمى مؤثرة في المنطقة.

الاكثر قراءة