الخميس 23 مايو 2024

في ذكرى ميلاده.. تعرف على أسرار إبداع "صلاح أبو سيف"‏

10-5-2017 | 23:14

كتب : خليل زيدان‎ 
عندما تظل بعض المشاهد السينمائية عالقة في أذهان الأجيال فاعلم أن وراء تلك ‏المشاهد مخرج عبقري، من منا لا يتذكر كل مشاهد فيلم "القاهرة 30" ومشاهد فيلم ‏‏"الزوجة الثانية"، وروعة أداء تحية كاريوكا وانكسار عبد الوارث عسر ورقة شادية ‏في فيلم "شباب إمرأة" ؟ .. كان ذلك كله صنيعة رائد الواقعية صلاح أبو سيف الذي ‏تحل ذكرى ميلاده اليوم.‏‎ 

مولده ونشأته‎  
ولد صلاح أبو سيف، في 10 مايو 1915 بالواسطى في محافظة بني سويف، ‏وعرف اليتم مبكرًا، حيث بدأ حياته تحت رعاية والدته، وكان لزامًا عليه أن يخرج ‏للعمل مبكرًا، فمع بزوغ سنوات الشباب التحق "أبو سيف" بشركة الغزل والنسيج ‏للعمل بها، وكان سنه 18 عامًا، وفي الشركة أقام مسرحًا لهواة التمثيل من العاملين ‏بالشركة وأخرج لهم عدة مسرحيات؛ وفي ذلك الوقت زار المخرج نيازي مصطفى ‏نفس الشركة ليقوم بإخراج فيلم تسجيلي عن إنجازاتها، والتقى "نيازي" بـ"أبو سيف"، ‏وقد أعجب المخرج الكبير كثيرًا بثقافة "أبو سيف" الفنية ودرايته بفنون الإخراج ‏السينمائي، ووعده "نيازي" بنقله للعمل بستوديو مصر.‏

بدايته الفنية
وكانت تلك هي النقلة الأولى ليبدأ أبو سيف نشاطه الفني، فقد نفذ نيازي مصطفى ‏وعده وألحق "أبو سيف" بالعمل في قسم المونتاج بستوديو مصر، وأصبح بعدها "أبو ‏سيف" رئيسًا لقسم المونتاج، وقد عاش عشر سنوات بين دمج وترتيب المشاهد ‏السينمائية.. ‏
وبدأ "أبو سيف" رحلته مع الإخراج السينمائي كمساعد مخرج في فيلم "سلامة في ‏خير" وأتاح له هذه الفرصة أيضاً مخرج الفيلم نيازي مصطفى، وعند بدأ تصوير فيلم ‏‏"العزيمة" لرائد الواقعية المخرج كمال سليم ، اختار "أبو سيف" ليكون مساعداً له، ‏ليتعلم من خلال سليم كيف يبدأ عهداً جديداً مع الأفلام التي تحاكي الواقع وتتحدث عن ‏نبض المجتمع.‏

أعماله السينمائية
رغم أن بدايته في الإخراج بدأت مساعد مخرج لفيلمين من روائع السينما، إلا أنه بدأ ‏يحبو في عالم الإخراج بعدة أفلام بداية من عام 1946، حيث تولى الإخراج الكامل ‏لفيلم "دايماً معاك"، وأعقبه بفيلم "المنتقم" ثم "مغامرات عنتر وعبلة" التي قامت ‏ببطولة الفانة كوكا أميرة أفلام الصحراء، وهي زوجة المخرج نيازي مصطفى، ‏وأخرج أيضًا فيلمًا تدور أحداثه في الصحراء وهو فيلم "الصقر" لكبار النجوم وهم ‏فريد شوقي، وعماد حمدي، وسامية جمال، ثم بدأ بعدها مرحلة البحث عما يهم أفراد ‏المجتمع، فقام عام 1952 بإخراج فيلم عن قضية شهيرة وهي قضية ريا وسكينة، ‏ليطرح بعدها للجمهور فيلماً من روائع السينما وهو فيلم "الأسطى حسن"، ويتناول ‏بعدها قضايا الطلبة القادمون من الريف إلى القاهرة لذلك العالم الساحر الملئ ‏بالمتناقضات، فصورت كاميرات "أبو سيف" نزوح شكري سرحان من قريته الجميلة ‏ليعيش في صخب القاهرة في حي شعبي ويقع في براثن المعلمة شفعات، وأوضحت ‏كاميرات "أبو سيف" متناقضات المجتمع في ذلك الفيلم الذي وصل للعالمية وعرض ‏في عدة مهرجانات دولية.‏
أما قمة الواقعية فقد جسدها أبو سيف في فيلم "الزوجة الثانية" منذ اللقطات الأولى ‏التي ترصد جمال الريف وبساطته، وقد سجلت كاميراته فنون اندثرت منها فن ‏الأراجوز الذي كان له نصيب كبير في مجريات الأحداث بالفيلم، ولم يترك "أبو ‏سيف" لقطة واحدة إلا وجعلها تنبض بواقع الريف، فقد حرص ألا يستخدم البلاتوهات ‏في تصوير مشاهد الفيلم، وكانت كلها في أرض الواقع، كما رصد أبو سيف كيد ‏النساء وسطوة عمدة القرية وكيف يتحايل على السلطة لتكون في صفه، ومحاباة ‏المقربون منه لتطويع الدين في خدمة أغراضه، ووضع بداية الظلم ونهايته في رسالة ‏للمجتمع وهي أن لكل ظالم نهاية، وعن أحوال القاهرة نفسها، فقد ترك "أبو سيف" ‏علامة في تاريخ السينما هو فيلم "القاهرة 30" الذي يرصد بعض أطياف المجتمع، ‏وأيضًا فيلم "اللص والكلاب" وفيلم "السقا مات" و"القادسية" و"المواطن مصري" وبعد ‏نكبة 1967، أخرج فيلم يحاكي مرارة الواقع وهو فيلم "القضية 68".‏

وفاته
ورحل صلاح أبو سيف، وقد ترك إرثًا سينمائيًا ليتعلم منه الكثيرون، وحرص أبو ‏سيف في معظم أعماله على التغلغل في جنبات المجتمع وطرح مشاكله، حتى تجار ‏الفاكهة والخضار تناولهم "أبو سيف" في أعماله من خلال فيلم "الفتوة"، وناقش حقوق ‏المرأة من خلال فيلم "أنا حرة"، وتناول قصص الحب أيضاً من خلال فيلم "الوسادة ‏الخالية" وفيلم "البنات والصيف" و"هذا هو الحب"، كما سيظل فيلم "بداية ونهاية" ‏شاهداً على براعة أبو سيف الذي انتقى فيه أروع نجوم التمثيل منهم أمينة رزق، ‏وفريد شوقي، وعمر الشريف، وسناء جميل، ليعبروا عن واقع مرير كان المجتمع ‏يمر به في أحدى الحقب في مصر.‏