اختارت الأمم المتحدة، الأول من يونيو، يوما عالميا للوالدين؛ للأحتفال بهما؛ تقديرا لجهدهم في تربية الأبناء، وبذل كل ما في وسعهم، وطاقتهم من أجل رعايتهم، وتربيتهم، وتعليمهم، وإسعادهم، وقبل أن تحدد الأمم المتحدة يوما للإحتفاء بالوالدين، أوصانا ديننا الحنيف بالبر بهم، والإحسان إليهم، بل قضي الله تعالي بالبر والإحسان إلي الوالدين مقترنة بعبادته عز وجل.
قال الله في كتابه الكريم في سورة الإسراء في الآية 23،(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)
وفي سورة النساء الآية 36 ،(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)
وأوصانا رسولنا الكريم صلوات الله عليه وسلامه، بالأم والأب ، فحينما سأل رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ)
سأل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (أيُّ الأعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ تعالى؟ قال: الصَّلاةُ لِوَقتِها، فقُلتُ: ثم أيُّ؟ قال: ثم بِرُّ الوالدينِ، ثم قُلتُ: ثم أيُّ؟ قال: الجِهادُ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ ولوِ استَزَدتُه لزادَني )
وورد عن أبي بكر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل ذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا البغي وعقوق الوالدين أو قطيعة الرحم يعجل لصاحبها في الدنيا قبل الموت»
من جانبه قال الدكتور هشام رامي، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، أن اختفاء الجانب الروحي والديني في التربية ، وفي المجتمع، من العوامل التي أدت إلي انتشار عقوق الوالدين، فضلا عن اختفاء النموذج و القدوة الجيدة، ناهيك عن تعقد الحياة والتي أصبحت من أسباب العقوق ، فمع تعقد الحياة و تفكك الأسر ، وانعزال كل أسرة عن العائلة؛ كل ذلك أدي زيادة الجفاف العاطفي، وبالتالي العقوق، فمنذ عقود مضت كان أفراد العائلة الواحدة، يعيشون في منزل واحد، ما كان يخلق بينهم؛ ألفة، ومودة، وتراحم، أما اليوم فكل فرد في الأسرة يبحث عن سعادته؛ بعيدا عن سعادة الأسرة والعائلة الكبيرة.
وأضاف الدكتور هشام رامي، أن هناك بعض الأمراض النفسية، قد تكون سببا في عقوق الوالدين؛ كمرض الفصام ،والشخصية الحدية و الشخصية السيكوبادية، فالأفراد الذين يعانون من هذه الأمراض النفسية، قد يزيد لديهم عقوق الوالدين، و لكنهم قابلين للعلاج و التحسن ، إذا تم التشخيص المبكر و العلاج السريع لهم .
وعن الطرق التربوية التي تساهم في دعم بر الوالدين ، قال أستاذ الطب النفسي؛ أن أهم الأسس التربوية التي تساعد في بر الوالدين ، هو إدخال الجانب الديني في التربية كجزء أساسي ، و تعليمهم أن عقوق الوالدين هو السلوك الذي يعاقب عليه الله عزوجل في الدنيا و الآخرة .
واضاف قائلا؛ بالإضافة إلي دعم الجانب الديني والروحي، يوجد أيضا التربية و المعالجة بالنموذج و القدوة ، فمن الضروري أن يكون الآباء و الأمهات قدوة لأبنائهم في البر بوالديهم .