الأحد 19 مايو 2024

فى ذكرى ميلاده.. محمود ياسين بطل الرومانسية والحرب وفتوة الغلابة

محمود ياسين

فن2-6-2021 | 13:03

محمد أبو زيد

ملامح حادة معبرة، وصوت رخيم مميز تعرف صاحبه ما أن يقع على مسامعك، فهو "جان" الشاشة الأول الذي وقفت أمامه كبار نجمات السينما، وبطل أفلام الرومانسية والحرب، وصار فنانًا من طراز خاص، قادر على أن يخطف الكاميرا ممن أمامه بسهولة، هو أحد أعمدة السينما المصرية الذي حفر اسمه في سجلاتها بحروف من نور، فهو فتى مصر الأول محمود ياسين.

 

ولد محمود فؤاد ياسين، بمدينة بورسعيد في 2 يونيو 1941، لأب يعمل موظفًا بهيئة قناة السويس، ما إن أنهى مراحل تعليمه الإعدادي والثانوي، حتى التحق بكلية الحقوق جامعة عين شمس بالقاهرة، ومنها حصل على درجة الليسانس عام 1964، تعلق قلبه بالفن وأحب التمثيل، ولكنه بعد تخرجه عمل بالمحاماة في بداية حياته نزولا على رغبة والده، ولكن حلم التمثيل يراوده بين الحين والآخر، خطفه من المحاماة وكأنه لا يجب أن يمتهن غيره.

بعد نكسة يونيو 1967، انتقل تقدّم لمسابقة في المسرح القومي، وجاء ترتيبه الأول من بين المتقدمين في المسابقة ليتم تعيينه بالمسرح القومي، وكانت أولى مسرحياته "الحلم"، وتوالت أعماله في المسرح وتجاوزت 15 مسرحية أبرزها "عودة الغائب، ليلة والمجنون، سليمان الحلبي، الزيارة انتهت، وطني عكا"، وبعد عام من توليه إدارة المسرح القومي قدم استقالته.

لم يكن الطريق أمامه نحو السينما مفروشا بالورود، وبدأ رحلته في عام 1968، بدور صغير في فيلم "القضية 68" للمخرج صلاح أبو سيف، وفي العام التالي فيلمي "شيء من الخوف" مع المخرج حسين كمال، و"حكاية من بلدنا"، وفي مطلع السبعينات كان "ياسين" على موعد مع الإنطلاقة الحقيقية في السينما عندما وقف بطلا أمام شادية في فيلم "نحن لا نزرع الشوك" 1970.

 

50  فيلمًا كانت حصيلة ما قدمه "جان" السينما محمود ياسين في فترة السبعينيات لعل أبرزها "نحن لا نزرع الشوك" 1970، مع شادية وجسد واحد من أهم أدواره "حمدي السمادوني"، و"أنف وثلاث عيون" 1972 والفيلمين للمخرج حسين كمال، وفي نفس العام "أغنية على الممر" للمخرج علي عبد الخالق.

 "الرصاصة لا تزال في جيبي" 1974 للمخرج حسام الدين مصطفى، إحدى علامات السينما المصرية، وجسد محمود ياسين واحدا من أهم أدواره "محمد المغاوري" طالب الآداب الذي يتطوع في الجيش لتحرير أرضه بعد النكسة، وهو المحب لابنة عمه "فاطمة" نجوى إبراهيم، وفيلم "على من نطلق الرصاص" 1975 مع سعاد حسني، والمخرج كمال الشيخ، وأفواه وأرانب" 1976 مع سيدة الشاشة فاتن حمامة، وفي نفس العام أدى دور الراوي في فيلم "الرسالة" لإجادته اللغة العربية الفصحى.

كان محمود ياسين يحرص على التنوع ويتلون في تقديم شخصياته فتجده في "انتبهوا أيها السادة" 1980، للمخرج محمد عبد العزيز يقدم دور "عنتر" الزبال الذي يقع في حب ابنة المحامي الكبير.

بينما في نفس العام تجده "برعي" في "الباطنية"، و"عبد الله" في "وكالة البلح" 1982، بينما في "مدافن مفروشة للإيجار" 1986 للمخرج على عبد الخالق يقدم دور المهندس "أحمد بشير" الذي يسكن مع زوجته "نبيلة" نجلاء فتحي في فناء إحدى المدافن بعد هدم منزلهم.

 

لم تتوقف مسيرة محمود ياسين الباحث دوما عن التنوع والتنقل بين الأدوار معتمدا على موهبته، تألق في "الحرافيش" 1986 مع المخرج حسام الدين مصطفى في دور "سليمان الناجي" فتوة الغلابة، وكانت حصيلة أفلام الثمانينات 50 فيلمًا قدمها "ياسين" وبرع في تجسيدها.

لم يغب التلفزيون عن ذاكرته وقدّم في فترة الثمانينات عدة مسلسلات مهمة لعل أبرزها "ابن سينا، محمد رسول الله، جمال الدين الأفغاني، غداَ تتفتح الزهور، أخو البنات، الأفيال، كوم الدكة" ومع بوسي قدم "اللقاء الثاني" للمخرجة علية يس.

 في التسعينيات خطفه التليفزيون من السينما التي لم يقدم لها إلا عدد قليل مقارنة بما قدمه في فترتي السبعينات والثمانينات لعل أبرزها "تصريح بالقتل" 1991، وفي العام التالي "الستات" مع فيفي عبده في دور "عزمي أبو العزم"، و "قشر البندق" 1995 للمخرج خيري بشارة الذي حضر كواليس تصويره الراحل أحمد زكي ممسكا بـ"الكلاكيت" مساندة لصديقه محمود ياسين ودعما  لـ رانيا محمود ياسين في أولى تجاربها التمثيلية، وفي أواخر التسعينات قدم فيلم "فتاة من إسرائيل" 1999 للمخرج إيهاب راضي.

كان للتليفزيون النصيب الأكبر من موهبة محمود ياسين وقدم ما يزيد عن 21 مسلسلا أبرزها "أيام المنيرة، أبو حنيفة النعمان، رياح الشرق، ضد التيار" ومع مطلع الألفية كانت قدم واحد من أهم أدواره التي تعلق بها الجمهور وقدمها بحرفية شديدة "حلمي عسكر" في "سوق العصر" 2001، وفي العام التالي "حامد الغرباوي" في "العصيان" الذي ما إن يبدأ عرضه حتى تجد الجميع يلتف حول الشاشة الصغيرة لمشاهدته.

كان الحنين يجذبه ناحية السينما، ولكنه لا يختار إلا ما يناسبه من أدوار يتيقن أن لا أحدا غيره سوف يجسدها أفضل منه، ففي 2007 جسد دور "علي الحفني" الذي يعمل في تجارة الأفيون، ويوصى ابنه باستكمال مسيرته في جملته المشهورة "ماينفعش تقع يا منصور" في فيلم "الجزيرة" مع المخرج شريف عرفة، وفي 2008 "الوعد"، وفيلم "عزبة آدم" 2009، وكانت آخر أفلامه للسينما "جدو حبيبي" 2012 مع لبنى عبد العزيز.

تزوج محمود ياسين من الفنانة شهيرة وقت أن كانت طالبة في معهد التمثيل، وتعرف عليها في مسرحية "ليلة مصرع جيفارا"، وقدمت معه 14 فيلمًا أبرزها "شقة في وسط البلد، نواعم، الجلسة سرية".

أنجب من شهيرة الفنان والسيناريست عمرو ياسين، والفنانة رانيا محمود ياسين زوجة الفنان محمد رياض.

50 جائزة حصل عليها محمود ياسين من مهرجانات مختلفة منها جائزة الدولة عن أفلامه الحربية 1975، وجائزة التمثيل من مهرجان طشقند 1980، وجائزة  مهرجان السينما العربية في أميركا وكندا 1984، وجائزة أحسن ممثل من مهرجان التليفزيون في عامي 2001، 2002، و تم اختياره سفيرًا للنوايا الحسنة لمكافحة الفقر والجوع من الأمم المتحدة في 2005.

عانى محمود ياسين في أيامه الأخيرة من المرض وبعد صراع توفي في 14 أكتوبر 2020 عن عمر ناهز 79 عامًا، وترك خلفه إرثًا فنيا كبيرًا وأدوارًا لا تنسى ودعوات من محبيه.

الاكثر قراءة