الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

تأملات فى زيارة البابا

  • 11-5-2017 | 09:48

طباعة

بقلم : الإعلامى عاطف كامل

نعم هي دعوة من الخالق جل جلاله لنا أن ننتبه لبلادنا ونبنيها ونترك علاقة الإنسان بالله علاقة ذاتية وشخصية لا يتدخل - وليس من حق أحد أن يتدخل - فيها أحد.

مصر مدعوة .. فهل نقبل الدعوة ؟ تأملوا معي زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان وروما إلى مصر تأملوا معي هذا المشهد بكل أبعاده، المنطقة تمر بحالة عنف لا مثيل لها، والدول تتفكك من حولنا ومصر تمر بظروف اقتصادية طاحنة، والضيقات من حولنا والمواطن غير متحمل لتلك الظروف، وحالة من عدم الرضا تسود ولا يوجد سام داخلي ومن ثم لا يوجد محبة لا للنفس ولا للغير، وتأتي زيارة بابا السام في مصر السام (شعار الزيارة)، وهي الزيارة التي أريد أن أشارككم بها إحساسي، حيث أستشعر أنها مهمة رسمية من الإله الذي نعبده جميعا كلف بها قداسة البابا وهو رجل الله أن يقوم بها في مصر.

أستشعر أن الله قد أرسله لنا ليرسل لنا عدة رسائل ومهد لها الله كل السبل لتصل.

فالمشهد الأول وهو اليوم الأول في الزيارة بلقاء الرئيس السيسي الذي استدعاه الشعب ثم لقائه برموز الشعب الدينية شيخ الأزهر وبابا الكنيسة ويختتمها في اليوم الثاني بصاة في ستاد مفتوح إلى السماء.

والعالم كله يستقبل الرسالة التي تأتى إلى مصر وتخرج من مصر.

وسأتوقف هنا عند الرسالة ولعلها مركزة في خطابه في فندق الماسة بحضور السيد الرئيس ومركزة أكثر في كلمة «مصر مدعوة » ففي العقيدة المسيحية عندما يقول راهب زاهد بهذا التواصل الدائم مع الله وهو ما يسمونه في الخارج »JESUS LIKE« أي يسير بسيرة السيد المسيح، عندما يقول مصر مدعوة فهذا يعني أن هذا الرجل في صلواته قد حمل رسالة ودعوة من الله لمصر وجاء لينقلها لنا وللعالم.

اقرأوا معي ما قاله عن مصر قال مصر التي في زمن يوسف أنقذت الشعوب الأخرى من المجاعة ( را. تك 47 ، 57 ) هي مدعوة اليوم إذا لأن تنقذ هذه المنطقة العزيزة من مجاعة المحبة والإخوة.

إذن هذه هي الدعوة التي يوجهها الله لنا على لسان قداسة البابا، أن نقدم للمنطقة والعالم نموذجا في المحبة والإخوة، ألا يعيش بيننا الآن لاجئون من مختلف الدول المحيطة ويستشعرون باحتضان المصرين لهم ؟

قال أيضا إن مصر مدعوة لإدانة ولهزيمة أي عنف وأي إرهاب؛ إنها مدعوة لتقديم قمح السام لجميع القلوب الجائعة لتعايش سلمي، لعمل كريم، ولتعليم إنساني.

وهذه هي الرسالة السماوية الثانية نحن مدعوون لرفض إنساني واضح من داخلنا لا لكل عمل إرهابي فحسب بل لكل فكر إرهابي لكل سلوك عنيف لكل حالة رفض للآخر لكل سلوك غير إنساني. وقال أيضا:

إن مصر التي في ذات الوقت بيد تبني السام وبالأخرى تحارب الإرهاب، مدعوة لإثبات أن «الدين لله والوطن للجميع »، مؤكدة على أنه يمكن للشخص أن يؤمن وأن يعيش في وئام مع الآخرين متشاركا معهم في القيم الإنسانية الأساسية ومحترما حرية وإيمان الجميع.

نعم هي دعوة من الخالق جل جلاله لنا أن ننتبه لبلادنا ونبنيها  ونترك علاقة الإنسان بالله علاقة ذاتية وشخصية لا يتدخل - وليس  من حق أحد أن يتدخل - فيها أحد، أن نتعايش في وئام وحب تحت مظلة المواطنة ونترك حرية العبادة والتعبد علاقة حميمية خاصه بين  الخالق ومخلوقه.

وكما قال البابا في هذا الصدد وأرجوكم أن تقرأوها معي بعمق تلك الكلمات:

علينا جميعا واجب أن نعلم الأجيال الجديدة أن الله خالق السماوات والأرض ليس بحاجة إلى حماية من البشر بل على العكس هو الذي يحمي البشر؛ وهو لا يرغب مطلقا في موت أبنائه بل في حياتهم وسعادتهم؛ وهو لا يمكن له أن يطلب العنف أو أن يبرره، إنما على العكس يرذله وينبذه، إن الإله الحقيقي يدعو للمحبة غير المشروطة، وللمغفرة المجانية، وللرحمة، وللاحترام المطلق لكل حياة،  وللإخوّة ما بن أبنائه، مؤمنن كانوا أو غير مؤمنن.

هذه هي الدعوة التي أستشعر أن الله قد أرسلها لنا على لسان بابا السام ولعلكم تتذكرون معي التطويبات التي ذكرها السيد المسيح في موعظته على الجبل وقد ذكر البابا فرنسيس واحدة منها وهي «طوبى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ ا لَّله يُدْعَوْنَ » « متى 5، 9 » وهي التطويبة الوحيدة التي ذكر فيها السيد المسيح كلمة صانعي، نعم فالسلام صنعة وحرفة تحتاج إلى مهارة عالية، تحتاج إلى تدريب يومي لعلاقة محبة مع الله وتحتاج لحالة من قبول النفس  ومن ثم قبول الآخر، تحتاج إلى نقاء القلب وصفاء العقل، تحتاج إلى حلو اللسان وعفته، تحتاج أن تتدرب يوميا كيف تصالح نفسك وتصالح الآخرين.

إنها صنعة بكل ما تعنيه الكلمة.

أختتم بما قاله البابا أيضا في ذات الكلمة:

إن دورَ مِصرَ الفريد هو ضروري حتى نتمكن من التشديد على أن هذه المنطقة، مهد الأديان الثلاثة الكبرى، بإمكانها، بل ويجب  عليها، أن تنهض من ليل المحنة الطويل هذا كي تشع مجددا قيم العدالة والأخوة العليا، تلك القيم التي تمثل الأساس المتن والازم لبلوغ السام، فمن الدول الكبرى لا يمكن توقع القليل!

وهنا يؤكد لنا الله في رسالته ودعوته لنا التي أرسلها على لسان البابا فرنسيس أنه بإمكاننا بل ويجب علينا أن ننهض من ليل المحنة الطويل إلى إشراق عهد جديد في مصر وفجر يشع نهضة حقيقية من أرضنا بإشباع العالم من مجاعة المحبة وبهزيمة كل أنواع الإرهاب وبقبول الآخر وعدم المتاجرة بالدين وبالتعايش السلمي وبصناعة السلام.

هذه هي الدعوة الموجهة إلينا من السماء فهل نقبلها ؟

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة