الجمعة 3 مايو 2024

فرج فودة.. صوت صارخ فى البرية

فرج فودة.. صوت صارخ في البرية

ثقافة8-6-2021 | 23:17

مريانا سامي

يقول الكاتب والمفكر الراحل الدكتور فرج فودة "المسألة كلها باختصار أنه عندما تفلس الأحزاب ويفلس السياسيون، يلعبون على المشاعر الدينية لأنها المدخل السريع لمشاعر الناس وليس عقولهم وهذا الخلط بين الدين والسياسة هو الخطر."

وكان الدكتور فرج فودة الصوت الصارخ في وجه الإتجار بالدين، والإرهاب وكل أشكال العنف الناتجة عن إيمان الجماعات المتشددة بعقيدة فاسدة تتمحور في نصب أنفسهم محل الإله ومحاسبة البشر على أفكارهم ومواقفهم الإيدلوجية التي تختلف معهم، لم تعرف هذه الجماعات مامعنى النقاش السوي ولم تذق يومًا معنى أن يتجادلوا بالمنطق والحُجج، إنما مايعرفونه هو طريق واحد فقط لا غير "الدم" حلهم السريع في القضاء على أي شمعة تظهر لتفضح إجرامهم وإرهابهم.

 

وفرج فودة هذا الكاتب والمُفكر الذي وهب عمره للدفاع عن قضية واحدة، وهي كيفية توفير مجتمع مدني يضمن للجميع حقوقهم ويعاملهم على أساس أدميتهم، لا على تصنيف عقيدي أو عرقي أو طبقي معين، ظل طيلة حياته يحذر من خطر تحالف الدين والسلطة السياسية وما ينتج عنها من مجتمع ظلامي يشبه مجتمعات العصور الوسطى في آوروبا حين كانت تجند الدين لخدمة مصالحهم الذاتية ويساعدهم على ذلك من غيبوا عقولهم وخدروهم بافترائهم على الله وعلى الدين، فلا هم يمثلون صورة الله الحسنة ولا يقدمون الدين في صورته الصحيحية، إنما التجارة تحكم.

 

وفي دراسة للكاتب حسام حداد، قال إن الدكتور فرج فودة ذكر أن اعتبار تيار الإسلام السياسي المعاصر في مصر تيارًا واحدًا هو "خطأ شائع،" فهو يقسمه إلى ثلاثة تيارات مختلفة هي:

التيار التقليدي: ويتمثل في جماعة الإخوان المسلمين التي نشأت في العشرينيات والتي – رغم اعتدالها الظاهري – ينبئ تاريخها في مصر بلجوء بعض أجنحتها إلى "اغتيال المعارضين في ظل الأنظمة الديمقراطية أو قلب نظام الحكم في ظل الأنظمة الشمولية، ورغم رفض مؤسسها حسن البنا تحول الجماعة إلى حزب سياسي، إلا أنها الأكثر تنظيما ومشاركة في الحياة السياسية منذ دخولها مجلس الشعب لأول مرة عام 1984.

والتيار الثوري: ويتمثل في الجماعات الإسلامية المسلحة التي نشأت في أواخر الستينيات، وهي تعتقد بجاهلية المجتمع وترفض الدستور والديمقراطية وتؤمن بالعنف كأسلوب وحيد للعمل السياسي.

 

والتيار الثروي: ويتمثل في أصحاب الثروات المتضخمة التي تكونت نتيجة للعمل في المملكة العربية السعودية أو في مصر بعد الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات.

 

وكتب الدكتور فرج فودة عن التيارات الثلاث، فكانت محور دراساته وكتبه التي فضحت واقعهم المأساوي، فلم يتحملوا سرده التاريخي والمنطقي بالأدلة والتحليل ولجأوا إلى حشد الجماهير تجاهه وتجاه أفكارهه وتجنوا على سمعته وصولًا إلى الإفتاء بقتله.

ورفض فرج فودة العنف في كل صوره حتى ولو كان لغرض ما، وكان يرى أن هناك عدد من المدنيين سوف يدفعوا أرواحهم ثمنًا لرأي لم يتبنوه أو صراع ليس لهم فيه شيء، وفي هذا الصدد أدان فرج فودة موقف حزب التجمع باعتبار عملية سليمان خاطر في سيناء عملية بطولية، فرأى أنها عملية إرهابية عنيفة من الطراز الأول لأنها قتلت عددا من المدنيين، ووضع تصورا وقتها إنه ماذا لو كان جنديا إسرائيليا تبنى نفس موقف سليمان خاطر؟.

 

وأراد فرج فودة أن يلقي الضوء على ماهية تيار الإسلام السياسي في مصر وبعض الدول ويكشف عن حقيقتهم، ماذا يفعلوا وبأي وسيلة وكيف يتأثر بهم الناس ولماذا يحدث هذا التأثير بشكله السريع والقوي.

 

وكان واضحًا وصداميًا يتصرف بشكل مباشر بما يتسق مع أفكاره ومبادئة ويعلن عن ذلك بمنتهى القوة، فكانت الجماعات المتشددة ترى إنه يجب قتله معنويًا حتى يصمت صمتا دائما تجاههم فحاربوه وحشدوا جموع تحاربه منساقين دون موقف ذاتي مستقل.

 

وفي عام 1990 نشر فرج فودة كتابا بعنوان "نكون أو لا نكون" وضم العديد من المقالات التي تشرح وتفند وجهة نظرة تجاه الدولة المدنية وتجاه تصريحات شيخ الأزهر أنذاك عن  أنصار الدولة المدنية وهو أبرزهم، ووصفهم "بالخارجين عن الإسلام"، وصادر الأزهر كتابه وقتها.

 

واستمر الهجوم على الدكتور فرج فودة حتى قرر الحصول على موافقة لإقامة حزب باسم المستقبل، وشنت الجماعات الإسلامية المتشددة هجومًا صحفيًا عليه من خلال جرائدهم ومنابرهم وكان أبرزها موضوعا بعنوان "حزب المستقبل خطر على أمن الأمة واستقرارها" ثم تبعه بيان علماء الأزهر بعد مناظرته الشهيرة بأنه "مرتد وكافر ويجب قتله".

وقُتل فرج فودة بفتاوى ترسخت في عقل إرهابيين أطلقوا رصاصهم من الرشاش الآلي الذين استعاروه من عضو بالجماعة الإسلامية واستنادًا إلى فتاوى وتحريض عمر عبد الرحمن ومحمد عمارة وحسن الهضيبي وهو المرشد الثاني لجماعة الإخوان المسلمون، وكذلك الغزالي.

 

Dr.Randa
Dr.Radwa