بينما كان نجوم المنتخب الدنماركي، على شواطئ سواحل العالم لقضاء الإجازة الصيفية في نهاية شهر مايو عام 1992، كان هناك اجتماع حاسم للأمم المتحدة تُعلن فيه فرض عقوبات سياسية على يوغسلافيا بعد حالة الاقتتال التي تقوم بها الحكومة في إقليم البلقان ومحاربة دول كرواتيا ومقدونيا والبوسنة وغيرها، والتى أعلنت استقلالها عن الاتحاد اليوغسلافي.
تطورت الأمور سريعًا، ففي الأول من شهر يونيو 1992، حظرت اللجنة الأولمبية الدولية والفيفا الرياضيين اليوغسلاف من خوض أي مباراة أو بطولة، ولكن ماذا سيفعلوا، فالمنتخب مشارك في بطولة كأس الأمم الأوروبية التي ستنطلق بعد 10 أيام فقط.
الاتحاد الأوروبي أعلن إقصاء منتخب يوغسلافيا من البطولة، وتصعيد وصيفه في التصفيات، المنتخب الدنماركي الذي رحل نجومه لقضاء العطلة الصيفية قبل بدء الموسم الجديد، ليضع المنتخب الدنماركي في موقف صعب، يتبقى 10 أيام دون استعداد لخوض البطولة الكبرى.
قصة بطل غير متأهل كتب التاريخ في مفاجأة كبرى وحقق ما عجز عنه كثير من المنتخبات، حيث لم يكن يتخيل أن يتواجد في البطولة رغم الإقصاء للفوز بلقبها والتتويج بكأس القارات.
الاعتماد على نجوم الدوري الدنماركي
الموقف كان صعبًا في استدعاء اللاعبين وتجهيزهم، لذا اعتمد المدير الفني للمنتخب ريتشارد مولر نيلسين، على 13 لاعبًا من أصل 20 من لاعبي الدوري الدنماركي، والذين كانوا بالفعل لا يزالوا يخوضون مباريات الدوري في آخر مباراتين، لكي يكون لديهم حساسية المباريات.
هم بيتر شمايكل حارس مانشستر يونايتد، وجون سيفابيك مدافع موناكو، والقائد لارس أولسن لاعب طرابزون التركي، وهنريك أندريسين لاعب كولن الألماني وبريان لاوردوب جناح بايرن ميونيخ وبينت كريستينسن مهاجم شالكة و وبولفسين مهاجم بوروسيا دورتموند.
سريعًا نجح الاتحاد الدنماركي في تحديد مباراة ودية يوم 3 يونيو مع منتخب روسيا استعدادًا للبطولة من أجل تجهيز اللاعبين، والسفر للسويد لخوض البطولة، وانتهت بالتعادل.
مشوار البطولة
والمفاجأة بدأ المنتخب الدنماركي البطولة بتعادل سلبي مع إنجلترا، ثم خسارة من صاحب الأرض المنتخب السويدي بهدف دون رد، لم ينجح الدنمارك المنتخب المؤهل رغم خسارة التصفيات في تسجيل أي هدف، لكنها رغم ذلك مشاركة مرضية طبقًا للظروف، فاللاعبون كانوا في راحة حين جائهم أمر الاستدعاء لخوض المنافسات. المباراة الثالثة كانت أمام فرنسا بجيل قوي مكون من إيريك كانتونا وجيان بير بابيان وديشام وبولي ولوران بلان وإيمانويل بتيت، وكان مرشحًا للصعود للدور الثاني.
كان أمل المنتخب الدنماركي الوحيد الفوز مع حدوث مفاجأة بخسارة إنجلترا أمام السويد، والتي كانت له ما أراد، لتفوز السويد بهدفين لهدف على منتخب الأسود الثلاثة في نفس توقيت فوزهم على فرنسا بنفس النتيجة حيث تقدم لارسين لصالح الدنمارك قبل أن يعادل بابيان النتيجة قبل النهاية بنصف الساعة ليسجل لارس إلستروب هدف الفوز قبل النهاية بإثنى عشر دقيقة.
حدثت المفاجأة، والمنتخب القادم على الشاطئ في نصف النهائي في مفاجأة من العيار الثقيل، ليواجه منتخب هولندا، ويكاد يفوز في الوقت الأصلي قبل أن يسجل فرانك ريكارد هدف التعادل الثاني في الدقيقة 86 من زمن المباراة، وتلجأ المباراة لوقت إضافي ثم ضربات ترجيح.
في ضربات الترجيح، نجح أسطورة حراسة المرمى بيتر شمايكل في إنقاذ ضربة ماركو فان باستن، أفضل لاعب في العالم وقتها، ليحرم منتخب بلاده من التأهل للنهائي الثاني على التوالي، ليصعد الدنمارك مفاجأة البطولة ويواجه المنتخب الألماني المتوج قبل عامين بلقب كأس العالم، لتحدث المفاجأة ويفوز بهدفين دون رد سجلهما جون يانسن وكيم فيلفورت ويحققوا إنجازًا تاريخيًا لم يحدث من بعدهم.
الإنجاز لم يتوقف شارك منتخب الدنمارك في كأس القارات في نسخته الثانية كأول منتخب أوروبي يشارك في البطولة، وذلك بصفته بطل أمم اوروبا 1992. كانت الدنمارك في المجموعة الأولى مع منتخبي السعودية والمكسيك وحسم الصدارة بركلات الترجيح من منتخب المكسيك بعد تعادلهما في المباراة الأخيرة بالمجموعة بعد فوزهما بهدفين دون رد على الأخضر السعودي.
عبر المنتخب الدنماركي للنهائي مباشرة، ونجح في الفوز على الأرجنتين بهدفين دون رد، سجلهما مايكل لاودروب العائد للمشاركة مع الدنمارك بعد مقاطعة يورو 1992، بجانب هدف بيتر راسموسن.
شعور اللاعبين
يقول بيتر شمايكل، الحارس الأسطوري لمانشستر يونايتد الإنجليزي، ومنتخب الدنمارك، في حديثه لموقع اليويفا عن ذكرياته عن البطولة: "الأسطورة هي أننا كنا جميعًا على الشاطئ، كنا هناك جسديًا، توقف كل فرد عن العمل، كنا هناك لدينا تفكير في بطولة كهذه ننافس عليها، لذا كان الفوز سحريًا.
مايكل لاودروب نجم يوفنتوس وبرشلونة، كان على خلاف هو وأخيه بريان مع المدرب ريتشارد مولر نيلسين، المدير الفني صانع المجد، وأعلنا اعتزالهم الدولي عام 1990، إلا أن بعد إعلان مشاركة المنتخب في يورو 1992، تم استدعائهم من جديد، وافق بريان، ورفض مايكل.
رأي مايكل أن ما حدث مقلق ولن يقدم المنتخب الأداء المنتظر، وأنه لن يتخلى عن إجازاته من أجل اللعب في بطولة كهذه الخسارة فيها مضمونة، وهو ما أكد أنه يشعر بالندم لموقفه هذا خاصة بعد تصدي شمايكل لضربة الهولندي ماركو فان باستن في نصف نهائي البطولة وتأهلهم للنهائي.