الأربعاء 29 مايو 2024

هل اختيار الصديق الصالح يصبحك إلى الجنة؟

الرفيق الصالح

دين ودنيا14-6-2021 | 13:32

محمد الأسيوطي

من خير عطاء الله للعبد أن يرزقه بصحبة صالحة طيبة لطيفة المعشر، والصاحب الصالح يثبت صاحبه على الخير والحق، وينبهه من الغفلة ويذكره بالآخرة وينصحه ويوجهه إلى الخير، وهو عكس رفيق السوء الذي يأخذ صاحبه لكل الشرور ويورده كل المهالك في الدنيا والآخرة، وفيهما قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً».

وفي الآخرة الرفيق الصالح ينفع وصديق السوء يضر لقوله تعالى: «الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ»، وقالوا قديما أن المستحيلات الثلاثة: «الغول والنقاء والخل الوفي»، وطبعاً هذا من المبالغة، فالخير كثير إلى يوم الدين، وأهل الخير والأصحاب الطيبين موجودين لدى الجميع.

وبمجرد وجودك مع الصالحين ولو لم تفعل أفعال الخير التي يفعلها تصيبك البركة وتحصل على ثمار زرعهم المبارك فقد قال الرسول صلى الله عليه: «إنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّارَةً، فُضُلًا يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فيه ذِكْرٌ قَعَدُوا معهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بأَجْنِحَتِهِمْ، حتَّى يَمْلَؤُوا ما بيْنَهُمْ وبيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إلى السَّمَاءِ، قالَ: فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهو أَعْلَمُ بهِمْ: مِن أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فيَقولونَ: جِئْنَا مِن عِندِ عِبَادٍ لكَ في الأرْضِ، يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ، قالَ: وَمَاذَا يَسْأَلُونِي؟ قالوا: يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ، قالَ: وَهلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قالوا: لَا، أَيْ رَبِّ قالَ: فَكيفَ لو رَأَوْا جَنَّتِي؟ قالوا: وَيَسْتَجِيرُونَكَ، قالَ: وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟ قالوا: مِن نَارِكَ يا رَبِّ، قالَ: وَهلْ رَأَوْا نَارِي؟ قالوا: لَا، قالَ: فَكيفَ لو رَأَوْا نَارِي؟ قالوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ، قالَ: فيَقولُ: قدْ غَفَرْتُ لهمْ فأعْطَيْتُهُمْ ما سَأَلُوا، وَأَجَرْتُهُمْ ممَّا اسْتَجَارُوا، قالَ: فيَقولونَ: رَبِّ فيهم فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ، إنَّما مَرَّ فَجَلَسَ معهُمْ، قالَ: فيَقولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ القَوْمُ لا يَشْقَى بهِمْ جَلِيسُهُمْ».

وهذا الحديث عظيم الفضل ويعلمنا الرسول صلى الله عليه وسلم من خلاله أن الصاحب ساحب للجنة ويحفظ من النار ومن أسباب مغفرة الذنوب واستجابة الدعاء والبركة ورضا المولى عز وجل وعدم الشقاء حتى ولو بدون عمل أو كان العبد من المسرفين على أنفسهم وحتى لو لم يقصد التواجد مع صحبة الخير ومجالس الطاعات.