الثلاثاء 30 ابريل 2024

الانتخابات التشريعية العراقية بين الطموح والواقع

مقالات19-6-2021 | 20:06

يتطلع العراقيون بآمالهم إلى الانتخابات التشريعية المبكرة المزمع إجراؤها خلال في العاشر من أكتوبر المقبل، لإنهاء محنتهم التي ظلت عقودا يتمنون خلالها الحرية والعيش الكريم.

الشعب كله يريد بالتأكيد تغييرا جذريا فى الأفكار والعقلية والنظر إلى الأمور بعين عراقية وليست طائفية أو مذهبية، فى بلد متعدد القوميات والأديان والأعراق بطبيعته، تأسيس في العام 1921 وعين شخص غير عراقي مليكا عليه لم يكن مرغوبا لدى أكثرية الشعوب والقوميات آنذاك، وظلت آثار حضوره حتى يومنا هذا.

مر العراق بالعديد من الانتخابات التشريعية منذ العهد الملكي ليومنا هذا، اختلف نوعا ما من حيث حرية الاختيار منذ العام 2005 عن الانتخابات السابقة، لكنها أيضا شهدت خروقات وفتاوي تخدم حزبا هنا وفئة هناك.

و هناك بعض الآراء و التوجهات تشير إلى تأجيل الانتخابات حتى العام المقبل، والأجواء السائدة الآن تشير صراحة إلى تأجيلها نظرا للظروف الأمنية و انتشار الأسلحة بين الميليشيات التي تهدد بظروف غير مستقرة لإجراء الانتخابات، علاوة على ترتيب المكونات السياسية تحالفاتها لتشكيل الحكومة.

ويمكن تقسيم الأطراف العراقية إلى عدة جبهات إن صح التعبير، أولها التيار الصدري وحده من بين الأطراف الشيعية ولديه ثقة فى الحصول على أكثرية الأصوات لتشكيل الحكومة بمفرده، والسيد المالكي و السيد العامري من جهة، و السيد العبادي والسيد الحكيم من جهة أخرى، لهم تحالفاتهم الثنائية لما بعد الانتخابات.

أما السنة أيضا فمنقسمون إلى كتلة السيد حلبوسي و السيد النجيفي و أبو مازن أحمد الجبوري، ورغم أن السنة وضعهم لا يحسدون عليه إلا أنهم منقسمون وهذا يؤدي إلى ضعف موقفهم، وكذلك التشرينيون الذين بدأوا بالاعتصامات قبل عامين، لكن فرصتهم قليلة لعدم خبرتهم السياسية.

أما الكرد؛ كباقي الأحزاب العراقية منقسمون فيما بينهم، فالديمقراطي الكردستاني ليس له أي تحالفات و مع إجراء الانتخابات المبكرة، بينما الاتحاد الوطني الكردستاني تحالف مع حركة التغيير، و إلى حد ما مع الأحزاب الإسلامية ويحاول الاقتراب مع الأحزاب الموالية لإيران، بينما الحزب الديمقراطي الكردستاني يقف على مسافة واحدة مع جميع الأحزاب العراقية ويريد تطبيق الدستور.

الأحزاب العراقية؛ أي الأحزاب العربية سواء السنية أو الشيعية، تتسابق لعقد تحالفات ما بعد الانتخابات مع الكرد لتشكيل الحكومة، وخاصة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني لعدة أسباب، منها موقع زعيم الحزب الرئيس مسعود بارزاني كشخصية بارزة على الساحة السياسية العراقية والإقليمية والدولية وكمرجع للشعب الكردي، وكذلك موقع الحزب الديمقراطي الكردستاني الأكثر أعضاء ومؤيدين بين بقية الأحزاب العراقية وهو الأول في كردستان وله أكثرية مقاعد بين أعضاء البرلمان العراقي حزبيا، وكذلك قوة الجبهة الداخلية للحزب وعدم وجود أجنحة أو تكتلات داخله.

مؤخرا زار وفد من التيار الصدري أربيل العاصمة و التقى بالزعيم بارزاني و قادة الحزب لبناء رؤية مشتركة للانتخابات و ما بعدها، وهنا لابد وأن نشير إلى أن أي حزب يحصل على أكثرية الأصوات لا يستطيع تشكيل الحكومة بمفرده لان التركيبة العراقية تختلف عن الدول الأخرى، ولابد من مشاركة العرب (الشيعة و السنة) و الكرد في تشكيل الحكومة، ولا يمكن لأي حكومة النجاح حسب الأكثرية و إنما عبر التوافق و التوازن بين مكوناته والسير بالمجتمع العراقي نحو بر الأمان.

إن الهوية العراقية هي عراقية وليست عربية أو كردية أو تركمانية أو سريانية، و العراق كله للجميع وإلا لن يكون الحال أفضل مما عليه الآن مهما نتج عن الانتخابات المقبلة، والولاء فقط للوطن و ليس للمذهب أو العقيدة، و الالتزام بالدستور هو السبيل الوحيد السليم لبناء عراق تعددي فيدرالي.

Dr.Randa
Dr.Radwa