تعد التجربة المصرية في مكافحة فيروس سي من التجارب الناجحة في هذا المجال والتي نالت إشادات دولية حيث نجحت في مواجهة الفيروس، بعدما كانت مصر الأولى عالميا في الإصابة بالفيروس نجحت في السيطرة عليه حتى أصبحت خالية منه، وتستعد للحصول على شهادة دولية من منظمة الصحة العالمية في هذا المجال.
وتعد مصر أول دولة في العالم تتقدم للمنظمة للحصول على الإشهاد الدولي لخلوها من فيروس C، بعد أن كانت من أكثر الدول في معدلات الإصابة، حسبما أكد الدكتور "تيدروس أدهانوم" مدير عام منظمة الصحة العالمية، حيث قال: «إنني شاهدت ذلك الإنجاز بنفسي خلال زيارتي للقاهرة في شهر أغسطس عام 2019»، وأن هناك تواصلا دائما بين المنظمة ووزارة الصحة والسكان المصرية حتى الحصول على الإشهاد الدولي لخلو مصر من فيروس سي.
العمل الجماعي لمكافحة فيروس سي
وفي هذا السياق، قال الدكتور عبد الحميد أباظة، أستاذ أمراض الكبد ومساعد وزير الصحة سابقا، إن الدولة المصرية بذلت مجهودا خرافيا لمواجهة فيروس سي والقضاء عليه في ظل الدعم الشديد الذي قدمه الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا الأمر، مضيفا أن فيروس سي كان يعد بمثابة "طاعون مصر" في هذا العصر لأنه كان انتشر بشكل كبير ولم يكن ممكنا السيطرة.
وأضاف في تصريح لبوابة دار الهلال، أنه لم يكن هناك وعيا لدى المواطنين أن يقوموا بالتحليل اللازم لاكتشاف الفيروس، ومن كان يكتشف إصابته كان يخبئ هذا الأمر بسبب المفاهيم الاجتماعية الخاطئة والموروثات الغريبة وكذلك لم يكن هناك أي نوع من العمل الجماعي ولكن مجهودات فردية فكانت الجامعات تعمل بشكل منفصل عن وزارة الصحة عن المبادرات الفردية، وكذلك لم يكن هناك بيانات أو إحصائيات دقيقة عن المرضى وبالتالي فلا يمكن مواجهة عدو لا نعرفه.
وأوضح أن اكتشاف وعلاج فيروس سي سابقا كان بعد قدوم المريض إلى المستشفى وكان العلاج مرتفع التكلفة ولا يصرف على نفقة الدولة وغير ذلك من المعوقات التي منعت السيطرة على المرض لسنوات طويلة، حتى أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي المبادرة الرئاسية 100 مليون صحة للقضاء على الفيروس والدعم الذي تقدم من كل الجهات.
وأشار إلى أن هذا الدعم أتاح فرصة للعلاج والوصول إلى كل فئات الشعب، وكذلك تخفيض أسعار الدواء فأصبح في متناول المواطنين للذين لا يحصلون عليه على نفقة الدولة أصبح بإمكانهم شرائه على نفقاتهم الخاصة، موضحا أن الإعلام لعب دورا كبيرا في توعية المواطنين وازداد الإقبال تدريجيا في كافة مراحل الحملة حتى نجحت.
وأكد أباظة أنه لولا الضغط والمتابعة الشخصية من الرئيس السيسي باستمرار لتنفيذ الحملة لم تكن لتنجح في هذا الهدف، مضيفا أن كل الجهات المعنية لعبت جهدا كبيرا بقيادة رئيس الجمهورية واستمرت في الحملة حتى اكتملت مراحلها والوصول إلى جموع المصريين، مضيفا أنه لم يرى أي رئيس لمصر يتابع موقف القضاء على فيروس سي كما كان الرئيس السيسي يتابع الحملة في وقتها، ومثلما يتابع الآن موقف مواجهة فيروس كورونا.
ولفت إلى أن إعلان خلو مصر من فيروس سي بشهادة عالمية كما حدث في فيروس شلل الأطفال، سيكون أمر مهم وتتويج لكل هذا الجهد في تلك الفترة الذي قامت به كل الجهات ومن بينها لجنة مكافحة الفيروسات الكبدية، مضيفا أن القضاء على فيروس سي كان مشروع دولة عملت فيه كل الوزارات المعنية مثل المالية والصحة والتضامن والاتصالات وكذلك الإعلام والمجتمع المدني.
وأكد أن القضاء على فيروس سي في مصر كان حلما في الوقت السابق وأصبح الآن واقع، في ظل ما كانت تعانيه مصر من إصابة نسبة كبيرة من الشعب بالفيروس، إما مرضى به بالفعل اكتشفوا إصابته أم حاملين له ومصابين به لم يكتشفوا إصابتهم لأن الفيروس قد يظل فترة طويلة بدون أعراض، مضيفا أن الأعداد كانت تزيد عن 15% من المواطنين.
وقال: "أعتقد أن العدد ممكن أن يكون وصل إلى بين 25% و30%، لأن هناك الكثير من المواطنين الذين لم يكتشفوا إصابتهم إلا بعد ظهور المبادرة.
التجربة المصرية لمكافحة فيروس سي
ومن جانبه، قال الدكتور محمد عز العرب، أستاذ أمراض الباطنة والكبد، إنه منذ إنشاء اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية عام 2006، يتم تنظيم عملية علاج فيروس "سي"، بدقة وكفاءة، عبر توفير الأدوية الفعالة بدءا من عقار سوفالدي، الذي تلقاه أول مريض في أكتوبر 2014.
وأوضح في تصريح لـ"دار الهلال"، أن التجربة المصرية متميزة في هذا الشأن، حيث اعتمدت على العلاج المصري، مما حقق طفرة في علاج عدد كبير من المرضى وفي الوقت نفسه بنفس الكفاءة ودرجة أمان المستورد، مضيفا أنه تم توفير مبالغ مالية طائلة في علاج المرضى لتوفير العلاج وإعادة السمعة العالية للدواء المصري في السوق العالمي بالنسبة لفيروس سي وغيره.
وأكد أنه مع مبادرة 100 مليون صحة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي التي نفذت في سبعة أشهر ابتداء من أول أكتوبر 2018 حتى نهاية أبريل 2019 تم فحص أكثر من 60 مليون مواطن لفيروس سي والأمراض غير السارية وعلاج أكثر من 90% من المرضى مكتشفيه، حيث كانت نسبة الإصابة من 3% حتى 4% تم علاج أكثر من 90% منهم.
وأشار إلى أن القضاء على فيروس سي تعني أن نسبة الإصابة في بلد ما أقل من 1% من عدد السكان، وعلى أرض الواقع نجحت مصر في تحقيق هذا الأمر، مضيفا أن هناك مقترحات بعمل مسح صحي لمعرفة الوضع الإحصائي لفيروس سي خاصة بعد التجربة الناجحة لعلاج الفيروس بعد مبادرة 100 مليون صحة.
وأوضح أن هذا المسح نُفذ في 2008 و2015 كانت نسبة الإصابة في 2008 تصل إلى 10%، أما في 2015 كانت نسبة الإصابة 7%، مضيفا أن في حملة 100 مليون صحة كانت نسبة الإصابة أقل من 4%، وتم علاج أكثر من 90% من المرضى، مضيفا أن مصر تستعد لإعلان خلو مصر من فيروس سي من قبل منظمة الصحة العالمية.
ووصف جهود الدولة في هذا الملف بأنها جهود كانت متميزة وما زال هناك علاج فيروس سي التابعة للجنة القومية لمكافحة الفيروس ولا يزال هناك بعض المراكز في المحافظات مستمرة في تقديم الخدمات، ما يجعل التجربة ناجحة بكافة مقومات النجاح، مضيفا أن مصر نجحت في 2020 في القضاء على فيروس سي، فيما كانت منظمة الصحة العالمية تستهدف تحقيق هذا الهدف في 2030.