الخميس 9 مايو 2024

سعاد حسني.. أميرة حبنا و«سندريلا» من بولاق

سعاد حسني

فن20-6-2021 | 22:24

محمد أبو زيد

ربما في إحدى الليالي أغمضت عينيها وتخيلت أنها لامست بيدها القمر فأصابتها عدوى جماله، جمعت بين الرقة والخفة وخطفت القلوب، أيقونة الجمال والروح الصافية والقلب النقي، هي التي ملأت الدنيا بهجة وفن، هي "نعيمة"، حبيبة "حسن، و"زوزو" و"أميرة" هي صاحبة الشخصيات التي حفظت طريقها إلى قلوب الجماهير، هي الموهبة النادرة التي لن تتكرر وهي "شروق "بلا "غروب"،  والتي احتكرت البهجة ونثرتها فوق الجميع هي "السندريلا" سعاد حسني.

ولدت سعاد محمد كمال حسني البابا، في حي بولاق بالقاهرة في 26 يناير 1943،  والدها من أكبر الخطاطين وتنحدر جذوره إلى أصول سورية، ترتيبها العاشر بين 17 أخًا وأختًا، ولها شقيقتان هما "كوثر، وصباح"، وبقية الأخوة يتوزعون بين إخوة من الأب فقط أو الأم فقط، ومن بين إخوتها من الأب الفنانة نجاة الصغيرة، والتي كانت تكبُرها بنحو 5 سنوات.

بدت موهبتها تلوح في الأفق وهي طفلة عملت مع "بابا شارو"، اكتشفها للسينما المخرج والكاتب عبد الرحمن الخميسي، إذ كان صديقا لزوج والدتها عبد المنعم حافظ، المفتش بوزارة التعليم، وقدمها "الخميسي" في مسرحيته "هاملت" في دور "أوفيليا"، تعلمت "سعاد" القراءة والكتابة وهي في الـ 15 من عمرها، فتحت لها السينما ذراعيها عندما شاركت في فيلم "حسن ونعيمة" 1959 للمخرج هنري بركات، في دور البطولة أمام محرم فؤاد وكان عمرها 16 عامًا.

أيقن المخرجين أنهم أمام موهبة كبيرة وتهافت عليها مخرجو السينما لتنهال عليها عقود الأفلام التي تنتظر توقيعها، في بداية الستينات قدمت 5 أفلام دفعة واحدة لعل أشهرها "إشاعة حب" 1960 للمخرج فطين عبد الوهاب، في دور "سميحة"، وحقق الفيلم نجاحا كبيرا.

وفي العام التالي 1961، قدمت 7 أفلام أبرزها "السفيرة عزيزة" مع شكري سرحان، وفي عام 1962 قدمت 5 أفلام، وفي 1963 قدمت 6 أفلام أشهرها "عائلة زيزي" مع أحمد رمزي وفؤاد المهندس، وفي 1964، قدمت 7 أفلام أبرزها "للرجال فقط" مع حسن يوسف، وفي 1965، قدمت فيلمي "المغامرون الثلاثة"، و"الثلاثة يحبونها".

لم تتوقف أفلامها وكأنها لا تعرف سوى العمل، ففي 1966 قدمت 6 أفلام أشهرها "صغيرة على الحب" مع رشدي أباظة، و"القاهرة 30" مع أحمد مظهر في دور "إحسان" الفتاة الجميلة التي تنتمي لأسرة شديدة الفقر، وفي عام 1967 قدمت 5 أفلام أشهرها "الزوجة الثانية" في واحد من أجمل أدوارها "فاطمة" التي تعيش مع زوجها "أبو العلا" الذي يجبره "العمدة عِتمان" صلاح منصور على تطليقها ليتزوجها طعما في إنجاب الولد الذي سيورثه العمودية.

وتوالت أعمالها وقدمت 8 أفلام في 1968 أبرزها "الزواج على الطريقة الحديثة"، وفي 1969 قدمت 4 منهما فيلمي "بئر الحرمان" و"نادية" وأثبتت قدرتها على تقديم الأدوار الصعبة والمركبة، وفي أوائل السبعينات، قدمت سعاد حسني عددًا من الأفلام المهمة التي أصبحت من علامات السينما المصرية "غروب وشروق" 1970، وفي العام التالي "زوجتي والكلب"، وفي 1972 قدمت 4 أفلام أبرزها "خلي بالك من زوزو" التي نشرت فيه البهجة.

كما قدمت فيلمين في 1973، وفيلم وحيد في 1974، بينما في 1975 قدمت للسينما 4 أفلام أبرزهم "أميرة حبي أنا" و"الكرنك" في دور "زينب دياب" وهو الفيلم الذي كان مرشحا لدور البطولة أمامها فيه الراحل أحمد زكي، ولكنه رفض من قبل المنتج والموزع رمسيس نجيب، وتم إسناد دوره إلى الراحل نور الشريف.

 لم يتوقف إبداع سعاد وقدمت "شفيقة ومتولي" 1978، و"المتوحشة" في العام التالي، كانت تتنقل بين الأدوار الأشد صعوبة، وفي مطلع الثمانينات قدمت "موعد على العشاء" 1981 مع حسين فهمي، وفي نفس العام قدمت 3 أفلام أخرى أبرزها "المشبوه" مع عادل إمام في دور "بطة"، ومع نور الشريف، "أهل القمة" و"القادسية" للمخرج صلاح أبو سيف، وتقابلت للمرة الثالثة معه في "غريب في بيتي" 1982.

 جمعها "حب في الزنزانة" 1983 مع عادل إمام في دور "فايزة"، في 1985، وتقابلت مع أحمد زكي في مسلسل "حكايات هو وهي"، وفي 1986 قدمت للسينما فيلمي "عصفور الشرق" و"الجوع".

وفي 1988، قدمت "الدرجة التالتة" مع أحمد زكي لتقف أمامه بطلة للمرة الأخيرة في مشوارها الفني في "الراعي والنساء" 1991 في دور "وفاء"، وقدمت "سعاد" للإذاعة 8 مسلسلات، وبلغ رصيدها في السينما 90 فيلمًا منها 4 أفلام خارج مصر.

تزوجت سعاد حسني من المخرج صلاح كريم، والمخرج علي بدرخان، ثم انفصلت عنه بعد زواج دام 11 عاما، وكانت الزيجة الثالثة من الفنان زكي فطين عبد الوهاب، وانفصلا بعد شهور، والزيجة الرابعة من  كاتب السيناريو ماهر عواد، وحصلت على عدة جوائز منها جائزة عن فيلم "الحب الذي كان"، وجائزة المهرجان القومي عن دورها في فيلم "غروب وشروق"، وجائزة أحسم ممثلة من جمعية الفيلم المصري عن دورها في "شفيقة ومتولى"، ومنحها الرئيس محمد أنور السادات شهادة تقدير في عيد الفن 1979.

سنوات ومشوار طويل من الفن والإبداع قضته سعاد حسني التي ولدت "سندريلا" في بولاق قبل أن تمنحها السينما اللقب، وكانت الدنيا أشد قسوة عليها، وتوفيت في لندن عاصمة الضباب في بريطانيا يوم 21 يونيو 2001، في ظروف غامضة، وما بين قصة انتحارها ومقتلها تبقى سعاد حسني حية ترزق في قلب محبيها وعشاقها وتبقى أهم موهبة مرت في تاريخ الفن المصري والعربي. 

Egypt Air