الإثنين 25 نوفمبر 2024

مقالات

رسائل السيسى من بلاد الرافدين

  • 28-6-2021 | 23:13
طباعة

الحفاظ على الحقوق المائية العربية.. ومواجهة التدخلات والأطماع الإقليمية.. وخروج القوات الأجنبية والميليشيات والمرتزقة.. ومد جسور التضامن والتكامل والشراكة الاستراتيجية بين دول الأمة العربية لاستثمار مواردها وثرواتها لصالح شعوبها.. تظل رؤية مصرية شاملة لتوحيد الصف العربى فى مواجهة أخطر التحديات والتهديدات.

 

 جاءت قوية وواضحة.. تُجسِّد ثوابت شريفة ومواقف شجاعة

 

حملت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى التاريخية للعراق رسائل كثيرة فى غاية الأهمية عكست أولويات السياسة المصرية على الصعيدين العربى والإقليمي.. وأيضا إدراكاً عميقاً للتحديات والتهديدات والأخطار التى تحدق بالأمة العربية.. وأيضا أهمية التلاحم والتقارب والتضامن والتكاتف والعمل العربى المشترك لمواجهة هذه التحديات والتهديدات غير المسبوقة التى تمس مستقبل الأمة.. كذلك حتمية الشراكة والتكامل بين الدول العربية لتبادل الخبرات واستغلال الموارد والثروات لتحقيق آمال وتطلعات الشعوب العربية.. وتبرز الإشارة إلى أن التعاون الثنائى «المصرى - العراقى» أو «المصرى ـ الأردنى» أو الثلاثى بين مصر والعراق والأردن هو نموذج يحتذى به فى العمل العربى المشترك لمواجهة التحديات والتهديدات الإقليمية فى منطقة مضطربة وأيضا فى التكاتف والتكامل لتحقيق غايات وأهداف الدول العربية لصالح شعوبها.

من يقرأ ويتوقف عند كلمات

الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال زيارته للعراق يجد جرأة وشجاعة وقوة وصلابة فى الدفاع عن حق الأمة العربية فى الأمن والاستقرار والسلام والتنمية وأيضا حقها فى التنمية المستدامة لصالح شعوبها.. وهناك تحرك مصرى واضح يقوده الرئيس السيسى لتوحيد الصف العربى سواء فى داخل الدولة العربية الواحدة أو فيما بين الدول العربية وبعضها البعض.. فمن جهود مخلصة ونبيلة لتوحيد الصف الفلسطينى والليبى فى الداخل وأهمية الاصطفاف الوطنى وتوحيد الكلمة وأن يكون الفلسطينيون والليبيون هم أصحاب الكلمة والصوت الواحد فى الحفاظ على حقوقهم.. وأيضا فى الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى الليبية.

الخطاب المصرى الذى بدا واضحاً فى العراق.. وفى زيارة هى الأولى من نوعها لرئيس مصرى منذ 30 عاماً لم يتغير ولم يختلف لنخرج بنتيجة واضحة أيضا أننا أمام ثوابت راسخة وشريفة وصادقة تصب فى مصلحة الأمة العربية وشعوبها.. وهناك مبادئ وقيم.. وجهود مخلصة لإعادة الحياة إلى اللحمة العربية والعمل العربى المشترك والتضامن والتكاتف وتوحيد كلمة العرب دفاعاً عن حقوقهم فى مواجهة تحديات وتهديدات وأخطار جسيمة وغير مسبوقة تهدد الأمن القومى العربى بشكل مباشر.

مصر لديها إدراك حقيقى وعميق لطبيعة اللحظة الدقيقة والفارقة التى تمر بها أمة العرب.. فما بين تدخلات أجنبية - غير شرعية.. وانتهاك لسيادة بعض الدول العربية.. ووجود ميليشيات إرهابية ومرتزقة على أراضيها.. وبين محاولات للمساس بأمنها المائى الذى هو جزء ومكون رئيسى من أمنها القومى وأيضا أهمية مساندة ودعم استعادة الدول الوطنية فى بعض الدول العربية التى سقطت فى مؤامرات الخراب العربى فى يناير 2011.. وكذلك أهمية خروج القوات الأجنبية.. وإعادة اللحمة الوطنية والتوافق الوطنى فى هذه الدول وأن تكون الحلول السياسية الشاملة هى الحل والمخرج الحقيقى لهذه الأزمات التى تهدد وجود وأمن ووحدة وسلامة أراضى هذه الدول.

من ينظر إلى المشهد العربى على مدار 10 سنوات.. ويتدبر فيه الآن يجد هناك تحسناً كبيراً.. ربما لإدراك الحقائق واستيعاب الدرس.. والصحوة واليقظة لوعى الشعوب العربية.. بالإضافة إلى الجهود المخلصة والصادقة التى تقودها مصر ودول عربية أخرى.. تدرك طبيعة التحديات والتهديدات.. وتسعى لتوحيد الصف لمواجهة الخطر.

فى اعتقادى أن هناك العديد من الرسائل المهمة والفارقة التى أطلقها الرئيس السيسى فى العراق ترتبط بمستقبل المنطقة.. والأمن القومى المصرى وأيضا أهمية ترسيخ التنمية المستدامة من خلال شراكة استراتيجية وتكامل شامل بين الدول العربية.. ولتكون مصر والعراق والأردن النموذج والمثل وهناك علاقات ثنائية لمصر مع أشقائها تدخل فى هذا الإطار الاستراتيجى الذى يجسد مستقبل الأمة العربية مثل العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين مصر والسعودية والإمارات والسودان والبحرين وتونس.

جاءت رسائل الرئيس السيسى من بغداد تمثل تشخيصا لواقعنا العربى وخارطة طريق ورؤية شاملة للمواجهة.. وأيضا مد جسور التكامل والشراكات الاستراتيجية.. وأتوقف عند عدد من الرسائل المهمة للرئيس السيسي.. كالتالي:

أولاً: التأكيد على إعادة الأمن والاستقرار فى ليبيا وسوريا والحفاظ على وحدة وسلامة أراضى الدولتين.. وضرورة خروج القوات الأجنبية والميليشيات والمرتزقة.. وأن تكون الكلمة للشعبين من خلال حلول سياسية شاملة طبقاً للقرارات الدولية.

ثانياً: هناك تعاظم واستهداف ومحاولات للمساس بالأمن المائى العربي.. وهى قضية خطيرة.. توليها مصر وقيادتها السياسية اهتماماً غير مسبوق.. فقد ثمن الرئيس السيسى الدعم العربى لحقوق مصر فى مياه النيل وأيضا الدعم العراقى والأردنى وهو تضامن عربى واضح لحقوق مصر المائية.. وأيضا دعم مصر لحقوق العراق والأردن لأمنهما المائى وحقوقهما طبقاً للشرعية الدولية.. وأكد الرئيس السيسى أن الأمن المائى والحقوق المائية العربية مكون أصيل للأمن القومى العربي.. ومجدداً التأكيد على أن مصر تريد اتفاقاً عادلاً ومنصفاً وملزماً وقانونياً حول ملء وتشغيل سد النهضة.

ثالثاً: شدد الرئيس السيسى على أهمية مواجهة التدخلات والأطماع الإقليمية فى الدول العربية وانتهاك سيادتها والتدخل فى شئونها.. وهو ما يحتاج مواجهة وتضامناً عربياً للتصدى لهذه التدخلات والأطماع طبقاً للمقررات والشرعية الدولية باحترام سيادة الدول وشئونها الداخلية.

رابعاً: لاشك أن مصر تولى اهتماماً كبيراً بتوحيد الصف العربى وإرساء قواعد التكاتف والتضامن العربى وهو ما أكد عليه الرئيس السيسى فى أهمية المساهمة فى دعم العمل العربى المشترك وصيانة الأمن القومى ومد جسور الإخاء مع الدول المحيطة وهذا هو النهج الاستراتيجى المصرى فى تعزيز العلاقات «العربية - العربية» المشتركة على كافة الأصعدة والمجالات والاستفادة من الثروات والموارد العربية لتحقيق تطلعات الشعوب وترسيخ التنمية المستدامة فى الدول العربية.. لذلك جاءت الزيارة ولقاءات الرئيس السيسى بالرئيس العراقى وعاهل الأردن ورئيس الوزراء العراقى ورئيس مجلس النواب تحمل رسائل ومعانى مهمة للغاية لعل أبرزها أن استقرار الدول العربية مرهون بإنهاء كافة التدخلات الخارجية وأيضا التهديد الذى تشكله هذه التدخلات الأجنبية والإقليمية فى الشأن والدول العربية تهدد سلام وأمن واستقرار المنطقة.. وتفشل كل محاولات دعم السلام فى الشرق الأوسط.. وأن الحل الوحيد هو الرؤية المصرية فى الاحترام المتبادل بين الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية.. وإنهاء التدخلات والأطماع وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من بعض أراضى الدول العربية حتى يشهد الشرق الأوسط الأمن والسلام والاستقرار.

خامساً: أن مصر داعمة للعراق ووحدته وتساند جهود الأمن والاستقرار وتحقق تطلعات شعبه وهو نفس الدعم للأردن والملك عبدالله الثانى فيما يتخذه من إجراءات لمصلحة الأردن الشقيق.. فإن مصر وقيادتها السياسية تقف قلباً وقالباً مع البلدين الشقيقين فى مواجهة كافة التحديات التى تواجههما فى إطار الحفاظ على الأشقاء.

سادساً: هناك رغبة عراقية فى الاستفادة من التجربة المصرية التى يقودها الرئيس السيسِى بنجاح فى إعادة إعمار العراق.. ولعل إشادة ورغبة الكثير من الدول فى الاستفادة من التجربة المصرية تؤكد أننا أمام نموذج مهم.. وقدرات كبيرة وتجسد عظمة ما انجزته مصر من بناء وتعمير ومشروعات قومية عملاقة تستند على أمن واستقرار والتفاف شعبى حول القيادة السياسية بل وأن هناك رغبة عراقية فى الاستفادة من التجربة المصرية فى مكافحة الإرهاب والتطرف وهو ما يعكس قيمة ومكانة مصر على مدار الـ 7 سنوات من جهود وتضحيات وانجازات وانتصارات فى معركتى البقاء والبناء.

سابعاً: «قمة بغداد».. أيضا عكست وجود إرادة صلبة للتلاقى والتواصل والتكامل والتعاون والشراكة الاستراتيجية خاصة فى المجال الاقتصادى والتنموى بما لدى الدول الثلاث من مشروعات استراتيجية أبرزها على الصعيدين السياسى والأمنى وأيضا عكست تطابق وجهات النظر والرؤى حول ما تموج به المنطقة من قضايا وأزمات والتأكيد على أهمية الحفاظ على أمن الوطن العربى والشرق الأوسط من خلال حلول سياسية شاملة.

المؤازرة والدعم المتبادل بين مصر والعراق والأردن.. وجهود الحفاظ على حقوق البلدان الثلاثة رسالة سواء عربية أو رسالة إقليمية ودولية.. أن أمة العرب حاضرة ولديها الرؤية والقدرة على تفعيل الوحدة، وتوحيد الصف خاصة أن مصر والعراق والأردن لديهما مشروعات وتعاون اقتصادى وتنموى سيصنع تاريخاً جديداً فى مجال التعاون الاستراتيجى العربى يجسد المثل فى استغلال الموارد والثروات العربية بما يصب فى مصالح الشعوب.

التحركات المصرية فى عهد الرئيس السيسى تتسم بالذكاء والسياسات الشريفة.. والاتجاه بعبقرية نحو تحقيق أهداف الدولة المصرية على كافة الأصعدة ومختلف المسارات تصب فى النهاية للحفاظ على الأمن القومى المصرى الذى هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربي.. واستعادة التوازن والأمن والاستقرار فى المنطقة وإنهاء الأزمات فى بعض الدول العربية بما يحافظ على وحدتها وسلامتها من خلال حلول سياسية شاملة وخروج القوات الأجنبية والميليشيات والمرتزقة.. وأيضا الحفاظ على الحقوق العربية والأمن المائى العربي.. والتصدى للتدخلات الإقليمية فى الدول العربية ومواجهة الأطماع الخارجية ودعم أواصر وجسور التكامل والشراكة الاستراتيجية فى كافة المجالات وعلى رأسها تعزيز التعاون الاقتصادى والتنموى وأيضا الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة طبقاً للقرارات والشرعية الدولية والمبادرة العربية لإقامة الدولتين.. ودولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية وما يسبق ذلك من أهمية توحيد الصف الفلسطينى وإنهاء الانقسام وأيضا استمرار الجهود المصرية فى تثبيت الهدنة وأيضا السعى لاستعادة العملية التفاوضية لإقرار السلام.

أعتقد أنه من المهم النظر إلى أهمية الحفاظ على الحقوق المائية العربية باعتبارها مكوناً أصيلاً من مكونات الأمن القومى العربي.. وأيضا مواجهة التدخلات والأطماع الإقليمية فى الدول العربية.. وهما أهم عنصرين لاستعادة أمن واستقرار الدول العربية التى تشهد هذه الانتهاكات فى ظل وجود إرادة مصرية عربية صلبة للدفاع عن الحق العربي.

 

تحيا مصر

أخبار الساعة

الاكثر قراءة