الإثنين 20 مايو 2024

مسرح "سيد درويش".. معلم بارز شاهد على تاريخ الحركة الثقافية في الإسكندرية

مسرح سيد درويش

محافظات3-7-2021 | 11:18

جميلة حسن

يعد مسرح سيد درويش واحدا من أهم معالم مدينة الإسكندرية، فهو شاهد على تاريخ الحركة الثقافية والفنية في عروس البحر المتوسط منذ إنشائه في عام 1921.

ومع الاحتفال بمئوية مسرح سيد درويش بالإسكندرية، يروي الدكتور إسلام عاصم، أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر، نقيب المرشدين السياحيين السابق بالإسكندرية، تاريخ مسرح سيد درويش لـ"دار الهلال"، مبينًا أنه في نفس الموقع المُقام به مسرح سيد درويش حاليًا، كان يوجد مسرح "زيزينيا" أحد أقدم المسارح في مدينة الإسكندرية.

وأضاف "عاصم" أن فن المسرح لم يكن معروفا في مصر، وبدأ الاهتمام به على يد الأوروبيين، وأهل الشام، فهم من ساهموا في إنشاء المسرح المصري، ومن ثمّ المسرح العربي.

وقد مهدت الحملة الفرنسية للمسارح في مصر حين أنشأت مسرح في حديقة الأزبكية، وقدمت عليه الفرق الأجنبية عروضها المختلفة، وبعد فترة هُدم، ثم بُني مسرح آخر في الأزبكية في عام 1800، ما يعني أن المسارح ظهرت في مصر في أوائل القرن التاسع عشر.

وتابع: "كان لمدينة الإسكندرية بطابعها المختلف وتنوعها الثقافي واحتضانها للجاليات الأجنبية نصيب من ذلك الأمر، حيث بدأ الناس يبحثون عن الترفيه، خاصةً عند مجيئهم للإسكندرية في فصل الصيف، فكانت الفرق الأجنبية تأتي من الخارج لتقدم عروضها في الإسكندرية في فصل الصيف، مما لاقى رواجًا كبيرًا".

وهذا ما شجع الخواجة إيتان زيزينيا، أحد أثرياء الإسكندرية، على إنشاء مسرح بجوار قصره في منطقة زيزينيا، وفي عام 1862 أنشأ مسرح آخر في نفس المكان المتواجد به مسرح سيد درويش حاليًا، وقد اختار هذا الموقع المطل على شارع فؤاد، الذي كان يُعرف في ذلك الوقت بـ"شارع رشيد"، لأنه كان الشارع الرئيسي في المدينة، في حين لم يكن الكورنيش قد تم بناؤه بعد، ومنذ ذلك الوقت بدأت الحركة الفنية تنشط في الإسكندرية وتستمر العروض الفنية في فصلي الصيف والشتاء.

ويشير "عاصم" إلى أن مسرح زيزينيا كان واحدا من أهم مسارح الإسكندرية، ونجح في استقطاب الجمهور والعديد من الفرق الأجنبية التي كانت تأتي خصيصًا لتقدم عروضها عليه، مضيفًا أنه مع بداية القرن العشرين بدأ تخطيط المدينة بشكل جديد، واشترى الثري الشامي "قرداحي" الموقع بأكمله، بما في ذلك المسرح الذي تدمر في بدايات القرن العشرين.

وكلف "قرداحي" المعماري الفرنسي "جورج بارك" خريج مدرسة الفنون الجميلة بباريس، بعمل تصميم جديد للموقع وإنشاء مسرح وبناء عدة مباني متجاورة، منها مبنيان يطلان على شارع فؤاد، وقد كان المسرح مشروع تجاري مربح في ذلك الوقت، لاسيما أن مدينة الإسكندرية كانت بمثابة المصيف الأول في مصر والوجهة الرئيسية لأبناء الطبقة الراقية لقضاء العطلات، وأُطلق عليه "تياترو محمد علي"، وهو الاسم الذي لا يزال مدونًا على اللوحة التأسيسية له الموجودة على واجهته الرئيسية.

ويوضح "عاصم" أنه تم افتتاح مسرح محمد علي في نهاية يونيو سنة 1921، أي بالتزامن مع تحسن الوضع في مدينة الإسكندرية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، والتي تأثرت بها المدينة بشدة.

وأكد "عاصم" أن تياترو محمد علي لعب دورًا كبيرًا في الحركة الثقافية والفنية في الإسكندرية منذ إنشاءه في القرن العشرين، لافتًا إلى أن المسرح ظل يحمل اسم محمد علي حتى عام 1962، حين تغير اسمه إلى مسرح "سيد درويش" في الذكرى العاشرة لقيام ثورة 23 يوليو 1952، تكريمًا لفنان الشعب سيد درويش، المولود بحي كوم الدكة بالإسكندرية.

وبدأت عملية ترميم شاملة للمسرح من عام 2000 إلى 2004، ومع افتتاحه أُطلق عليه "دار أوبرا الإسكندرية".

وثمّن "عاصم" خطوة وضع تمثال سيد درويش في الساحة الخارجية بالمسرح، مطالبًا بإزالة تمثال نوبار باشا، لأنه غير مناسب للمكان، والأنسب وضعه في مدخل المحكمة المختلطة أو أي منشأة قضائية بالإسكندرية.