الخميس 21 نوفمبر 2024

مقالات

لماذا تخشى إثيوبيا الذهاب لمجلس الأمن؟

  • 4-7-2021 | 14:25
طباعة

الأزمات الإثيوبية باتت تتراكم بوتيرة متسارعة، فما بين فشل السد وضياع إقليم تيجراي واحتقان الأوضاع في أوروميا وانهيار الأوضاع الاقتصادية وخلل العملية الانتخابية وتصاعد المطالب الانفصالية بالأقاليم المختلفة تضيع أحلام آبي أحمد ورفاقه المتعلقة بالبقاء في السلطة، لتظهر علي السطح حمم الفوضى من الداخل الإثيوبي التي سيكتوي بنيرانها القرن الإفريقي وشرق القارة أيضا إن لم تخمد تلك الحمم بالسلام والحلول السياسية سواء على صعيد الأزمات الداخلية أو الإقليمية التي يتسبب بها النظام الإثيوبي.

 

الأزمة الإثيوبية مزمنة

 

أزمات عدة منذ التسعينيات تتوالى على الداخل الإثيوبي نتاج ضعف النظام السياسي والاقتصادي الذي تبع فترة حكم منجستو هيلا مريام، والمتمثل في الجبهة الثورية الديمقراطية والتي تحولت مؤخرا إلى حزب الازدهار الوحدوي والذي يتعارض مع الفيدرالية التي تأسست عليها إثيوبيا ومنحت لشعوبها حق تقرير المصير، وهذا جوهر الخلاف الداخلي الذي لم تحتويه وعود التنمية الزائفة والتي من ضمنها سد النهضة المشروع الوهم الذي يعد صنما لن يحقق أي مردود اقتصادي أو زراعي أو حتى فيما يتعلق بالطاقة والكهرباء في بلد لا تمتلك بالأساس شبكة لتوزيع الكهرباء المنتجة والتي كانت تهدف إثيوبيا لتصديرها، ولكن حبطت تلك الآمال مع ظهور بدائل تصديرية أخرى تواجدت بالفعل وغزت الأسواق المستوردة للكهرباء، تلك الأسباب وغيرها من الإخفاق الداخلي جعل النظام الإثيوبي يصدر شبح العدو الخارجي حتي يخيف الداخل ويجعل من مصر والسودان وسيلة لإخفاء فشله في الإدارة السياسية والاقتصادية ليصبح آبي أحمد علي استعداد لإشعال الإقليم ليبقى في الحكم.

 

لماذا يخشي آبي أحمد الذهاب إلى مجلس الأمن؟

 

رئيس الوزراء الإثيوبي يخشي الذهاب لمجلس الأمن حتى لا تفتح عليه أبواب الجحيم الذي صنعه عبر تحركاته العسكرية المناهضة لشعبة والمزعزعة لأمن واستقرار الإقليم، ومن ثم تواجد الملف الإثيوبي بشكل عام على طاولة مجلس الأمن في ظل القلق والتحذيرات الأمامية المستمرة بشأن الأوضاع الحادثة بالداخل الإثيوبي تلفت أنظار المجتمع الدولي وخاصة الدول الكبري لخطورة تلك الأزمات الإثيوبية المختلفة والمتصاعدة على مصالحها بنطاق القرن الإفريقي الذي لا يتحمل المزيد من الصراعات، أما فيما يتعلق بسد النهضة لا تمتلك إثيوبيا أداة دبلوماسية تمكنها من إقناع المجلس في ظل اعتماد دبلوماسيتها على الخطاب الشعبوي الذي يصلح فقط للاستهلاك المحلي، كما يعد ذهاب إثيوبيا مرغمة للمرة الثانية إلى مجلس الأمن أمرا يؤكد هزيمتها دبلوماسيا أمام مصر والسودان وإخفاق لكافة خططها للهروب من تحت المظلة الأمامية والاحتماء بالمظلات إقليمية لكسب مزيد من الوقت الذي أضعته أديس أبابا نفسها خلال العام الماضي عبر عرقلة كافة المفاوضات بعكس حديثها السابق أمام المجلس والمتضمن إيجاد حلول داخل نطاق الاتحاد الإفريقي، وهو ما لم يحدث ما يبرهن على المراوغة والتعنت الإثيوبي، أمر آخر يتعلق بكون الذهاب إلى مجلس الأمن هو بتوافر الإرادة المصرية السودانية المشتركة والاجتماع يأتي بطلب من الدولتين وهو ما يصعب موقف إثيوبيا.

 

الدوائر الدولية والحشد الدبلوماسي

 

 محطة مجلس الأمن والتي وصلت إليها الجهود المصرية السودانية مرت بعدة محطات أخرى في محاولة لإتاحة الفرصة أمام المجتمع الدولي والإقليمي سواء دول أو منظمات للعب دور إيجابي حيال قضية سد النهضة التي بلغ عمرها عقد من الزمن، ولهذا سعت مصر للإشراك الولايات المتحدة الأمريكية كوسيط وضامن للمفاوضات إلا أن إثيوبيا أجهضت اتفاق واشنطن في اللحظات الأخيرة هذا بالتوازي مع سعي مصر نحو إيجاد حل إفريقي عبر الاتحاد القاري سواء خلال رئاسة جنوب إفريقيا العام الماضي أو حاليا تحت رئاسة الكونغو الديمقراطية، مصر أيضا وضعت ملف سد النهضة أمام جامعة الدول العربية بجانب الحشد الدولي الذي صنعته مصر من خلال طرح القضية في كافة المحافل الدولية والإقليمية عبر الحديث المباشر مع مختلف دول العالم، ما يجعل محطة مجلس الأمن هي الأخيرة فيما يتعلق بتوضيح حقائق الأمور أمام مختلف أطراف المجتمع الدولي. 

 

تحييد أو مساهمة جادة للمجتمع الدولي

 

بعد هذا المجهود المضني دبلوماسيا يصبح أمام المجتمع الدولي والإقليمي اختيارين لا ثالث لهما، إما المساهمة بشكل جاد وفعال في مساعدة مصر والسودان في إيجاد اتفاق قانوني ملزم يضمن استقرار دول حوض النيل، أو أن يعلن الجميع أنهم على الحياد من هذا الأمر، وفي هذه الحالة لا يحق لأي من تلك الأطراف طرح تساؤلات مستقبلية عما ستصل به هذه القضية من زعزعة لاستقرار منطقة شرق القارة الإفريقية، فمن رفض أن يكون جزءا من الحل لا ينبغي عليه طرح النصائح.

 

تحصين القرارات المستقبلية

 

مصر خاضت عبر السبع سنوات الأخيرة بالتحديد معركة دبلوماسية بشأن سد النهضة تحلت خلالها بالصبر الاستراتيجي وضبط النفس والذكاء النابع من الخبرة المصرية التي حققت نجاحات بالمعارك الدبلوماسية على مدار التاريخ، معركة استطاعت مصر خلالها وبكافة ميادين العمل الدبلوماسي أن تفعل كل ما في مقدورها لتحصين قرارتها المستقبلية بشأن حفظ مقدراتها وضمانة أمنها المائي التي لا تهاون فيه ولا مهادنة فهو الحق في الحياة الذي لا يقبل التفاوض، ويحسب للدولة المصرية أنها كانت وستظل تعلي من أهمية الحفاظ على السلم والأمن الإقليمي وتسعى جاهدة لإيجاد اتفاق قانوني ملزم يضمن هذا الاستقرار ويتيح للجميع العيش بسلام.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة