صوت رخيم وعذب قادما من الراديو تقول صاحبته "بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد" وتبدأ شهرزاد في الكلام المباح  بسرد قصص للأمير شهريار، هي فنانة جميلة برعت في أداء كل الأدوار تجدها الشريرة والزوجة القاسية أو العجوز المتصابية في "يا تحب يا تقب"، والصعيدية شديدة الطيبة "سكينة" التي تقف بجانب ابنها "منتصر" في رحلته مع "الهروب" وهي تخبره بجملة اختصرت فيها كل معاني الأمومة والحب "كنت تغيب مهما تغيب واحلف بكل يمين لما ترجع هعمل فيك وأسوي وتو ما تهِل عليّا كل حاجة تروح لحالها وقلبي يصفالك زيّ ندى الفجر"، والخالة "لبيبة" التي يغطي حنانها وطيبة قلبها على قسوة "ذئاب الجبل"، وهي السيدة المغلوب على أمرها التي يقف الروتين حائلاً بينها وبين صرف معاش زوجها المتوفي في "مستر كارتيه"، هي صاحبة الأدوار الصعبة والمركبة "شهرزاد الفن" الفنانة الكبيرة زوزو نبيل.

اسمها الحقيقي عزيزة إمام حسين ولدت في 6 يوليو 1920 بالمنوفية لأسرة متوسطة الحال، توفي والدها وهي طفلة، وتولت والدتها تربيتها، عاشت حياة قاسية، تزوجت وهي لم تكن تتجاوز الـ 14 عاماً من عمرها من شخص يدعى  سامي عاشور، وانجبت منه نجلها الوحيد "نبيل"، بعدها وقع الانفصال لتعود إلي منزل والدتها وتبدأ فصل جديد من فصول حياتها.

بدا الحزن جلياً يفرض نفسه على قسمات وجه الطفلة التي لم تعيش طفولتها ووجدت نفسها أم مسؤولة عن تربية طفل، وفي إحدى الأيام تلقت عرضاً من ابنة صاحبة البيت التي تسكن فيه بمنطقة الحلمية بالعمل معها في السينما إذ كانت تعمل كومبارس واصطحبتها إلي منزل أمينة محمد خالة الفنانة أمينة رزق، وكانت حينها تصور فيلم "تيتاوونج" مع حسين صدقي، ومن هنا أحبت التمثيل لتبدأ فصل آخر من حياتها.

قابلت في طريقها مختار عثمان الذي كان يقدم مسرحيات من بطولة زينات صدقي على مسرح "برنتانيا" ليعرض عليها العمل مع فرقته مقابل أجر 6 جنيهات شهرياً، لم تتوانى في الموافقة وبدأت مشوارها الفني ومع حل فرقة "عثمان" التحقت بفرقة يوسف وهبي، واختارت لنفسها "زوزو" مشتقاً من اسمها "عزيزة" والاسم الثاني "نبيل" وهو اسم نجلها ليصبح اسمها "زوزو نبيل".

فتحت لها السينما ذراعيها في 1939 وشاركت في 3 أفلام "الدكتور، دنانير، سلفني 3 جنيه"، وتوالت أعمالها إذ قدمت في فترة الاربعينيات ما يقرب من 20 فيلماً أبرزها "سلامة" مع أم كلثوم وإخراج توجو مزاحي، و"هذا جناه أبي"، وفي فترة الخمسينيات ما يقرب من 27 فيلماً أبرزها "أنا حرة، لواحظ، المظلومة، حب لا يموت".

برعت في تقديم أدوار الشر في عدة أفلام، وقدمت فترة الستينيات ما يقرب من 13 فيلماً أبرزها "الخرساء، بين القصرين، جريمة في الحي الهادي" وفي فترة السبعينيات كان للتليفزيون النصيب الأكبر من موهبة زوزو نبيل إذ قدمت عدة مسلسلات أبرزها "ناعسة، فرصة العمر، اللسان المر، امرأة بلا قلب، الصقر الذهبي"، ومع بداية الثمانينات "زينب والعرش، نور الإسلام،  هند والدكتور نعمان، رحلة المليون، غوايش، بكيزة وزغلول، ألف ليلة وليلة".

فترة التسعينيات قدمت زوزو عدة مسلسلات أبرزها "عائلة الاستاذ شلش، رأفت الهجان 2، السبنسة"، وفي السينما كانت على موعد مع أشهر أدوراها عندما قدمت دور "سكينة" والدة "منتصر في فيلم "الهروب" مع أحمد زكي لتلتقي معه مرة آخرى في "مستر كاراتيه".

 لم تتوقف أعمالها للتليفزيون وقدمت دور "لبيبة" في "ذئاب الجبل"، وبعده في 4 أجزاء من"يوميات ونيس"، و"السقوط في بئر سبع، الصبر في الملاحات"، وفي السينما على استحياء قدمت "إنذار بالقتل، المرأة والساطور" والعجوز المتصابية التي تبحث عن عريس شاب في "يا تحب يا تقب"، وكانت آخر أعمالها فيلم"رجل مهم جدا".

 صنعت زوزو اسطورتها في الإذاعة بمسلسل "ألف ليلة وليلة" في دور "شهرزاد" إذ رشحها للعمل الإذاعي محمد محمود شعبان "بابا شارو" واستمرت في تقديمه 26 عاماً، ولقبت بـ "شهرزاد الفن".

بعد دخولها الفن تزوجت للمرة الثانية من رجل متزوج ولديه أولاد وأخبرها أنه لن يفرط في زوجته وأولاده وهو ما أسعدها للدرجة التي جعلتها تدعو الزوجة الأولى وأولادها للعيش معها وزوجت ابنها الوحيد نبيل سامي لـ"صفاء" ابنة "ضرتها" وأنجب منها 3 أبناء واستشهد في حرب 1973.

حصلت زوزو نبيل علي عدة أبرزها جائزة من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي 1995، وفي العام التالي جائزة من مهرجان القاهرة القاهرة السينمائي الدولي، وجائزة التمثيل عن فيلم "أنا حرة".

أصيبت بالتهاب رئوي حاد وعجز في القلب، ورحلت عن عالمنا في 3 مايو 1996، وتركت خلفها أعمالاً لا تنسى ما زالت تعيش في ذاكرة الفن ووجدان محبيها.